
أطلقت عائلة الرئيس الأميركي دونالد ترمب مشروع “وورلد ليبرتي فاينانشال” (World Liberty Financial) ليكون منصة رقمية تجمع بين الطموح السياسي والابتكار المالي، ويهدف إلى ترسيخ حضور الدولار الأميركي في الفضاء الرقمي عبر منتجات لامركزية. وتقوم المنصة على ركيزتين أساسيتين: رمز الحوكمة “WLFI” والعملة المستقرة “USD1” المربوطة بالدولار الأميركي.
جاء أول استثمار مؤسسي مُعلن في مشروع “وورلد ليبرتي فاينانشال” (World Liberty Financial) من جهة مقرها الخليج، إذ ضخ صندوق “أكوا 1” (Aqua 1) الإماراتي نحو 100 مليون دولار في رمز الحوكمة “WLFI”، كما اختارت مجموعة “إم جي إكس” (MGX) الاستثمارية في أبوظبي ومنصة “بينانس” (Binance) العملة المستقرة “USD1” كأداة للتسوية في صفقة كبرى بقيمة مليارَي دولار.
وفي هذا التقرير، نقدم إليك كل ما تريد معرفته عن رمز الحوكمة “WFLI” والعملة المستقرة “USD1” الصادرة عن المنصة، وآفاق مستقبلهما.
ما هو رمز الحوكمة “WLFI”؟ وما سعره؟
يختلف رمز الحوكمة “WLFI” الصادر عن منصة “وورلد ليبرتي” عن العملات المشفرة التقليدية مثل “بتكوين” أو “إيثريوم”. فبينما صُممت تلك العملات كوسيلة دفع أو أصل ادخاري يمكن تداوله بحرية في الأسواق، إلا أن “WLFI” لا يُستخدم كعملة للتبادل أو كأداة ادخار، بل هو أداة حوكمة تمنح حامليه حق التصويت والمشاركة في القرارات المتعلقة بمستقبل المشروع.
اقرأ المزيد: عملة مشفرة مدعومة من عائلة ترمب تبدأ التداول
ولا يمنح الرمز أرباحاً أو حقوق ملكية، وإنما تتجسد قيمته بالنسبة للمشتري في ثلاثة أبعاد رئيسية: أولاً، المشاركة في إدارة المشروع عبر التصويت على قضاياه الجوهرية. ثانياً، إمكانية المضاربة على سعره في الأسواق، حيث يمكن أن يرتفع بفعل دخول مستثمرين كبار أو صناديق سيادية. ثالثاً، البعد السياسي والرمزي، إذ يُنظر إلى امتلاك “WLFI” كنوع من الانتماء أو الدعم لعائلة ترمب ومشروعها الاقتصادي الرقمي.
بدأ التداول العلني للرمز في الأول من سبتمبر 2025 عند سعر تجاوز 0.30 دولار أميركي، قبل أن يتراجع في اليوم نفسه إلى نحو 0.246 دولار، بحسب رويترز. وفي 12 سبتمبر كان يتداول عند 0.20 دولار.
لكن يبقى له مخاطر حوكمة داخلية
يواجه الرمز أيضاً تساؤلات حول هيكل الحوكمة. فقد ذكرت رويترز أن حيازات الملياردير جاستن صن من “WLFI” تم تجميدها من قبل “وورلد ليبرتي” ما أثار جدلاً حول حرية التداول، وأشارت أوراق بحثية على المنصة الأكاديمية “سوشال ساينس ريسيرش نتوورك” (SSRN) إلى أن ملكية الرمز مركزة بيد عدد محدود من الجهات المرتبطة بعائلة ترمب، ما يزيد حساسيته تجاه أي تغييرات سياسية أو تنظيمية.
ما هي العملة المستقرة “USD1″؟ وما تأثيرها على الدولار؟
أطلقت منصة “ليبرتي وورلد” عملتها المستقرة “USD1” في مارس 2025، لتكون مربوطة بالدولار الأميركي بنسبة 1:1، بحيث تعادل كل وحدة منها دولاراً واحداً. وتستند “USD1” إلى احتياطيات فعلية تشمل سندات الخزانة الأميركية قصيرة الأجل، والنقد، وما يعادله من أصول مالية سائلة، مع وعود بإخضاع هذه الاحتياطيات لعمليات تدقيق مستقلة. وباتت العملة متاحة للتداول على منصات كبرى مثل “بينانس” (Binance) و”غيت” (Gate)، حيث استقر سعرها حول مستوى التعادل مع الدولار.
من الناحية الاقتصادية، يرى مراقبون أن انتشار “USD1” يمكن أن يعزز الطلب على الدولار الفعلي وسندات الخزانة الأميركية، إذ أن أي توسع في استخدام العملة الرقمية يترجم عملياً إلى زيادة في الأصول الدولارية الداعمة لها. وبحسب تحليل لموقع “انفستوبيديا” (Investopedia)، فإن العملات المستقرة المدعومة بالدولار تساهم في تعزيز هيمنة العملة الأميركية عبر تبسيط المدفوعات الرقمية والتجارة العابرة للحدود. كما أشار تقرير صادر عن “ماكنزي” (McKinsey) إلى أن البنية التحتية للمدفوعات المعتمدة على العملات المستقرة قد تمثل الجيل الجديد من التسويات المالية، بما يرسّخ مكانة الدولار كمرتكز أساسي للنظام النقدي الرقمي العالمي الجديد.
أين يتداول “WFLI” و”USD1″؟
بدأ رمز الحوكمة WLFI التداول العلني في الأول من سبتمبر 2025 على مجموعة واسعة من منصات العملات المشفّرة الكبرى. فقد أُدرج في “بينانس” و”كراكن” (Kraken) و”كوكوين” (KuCoin) وإتش تي إكس” (HTX) و”أو كيه إكس” (OKX) و”بايبت” (Bybit)، و”غيت” (Gate)، كما أكدت منصة “جيميني” (Gemini) إتاحة الرمز للتداول والحفظ اعتباراً من الثاني من سبتمبر.
أما العملة المستقرة USD1، فقد أطلقتها المنصة في مارس 2025 وأصبحت متاحة للتداول على منصات بارزة منذ مايو من العام نفسه. وتُتداول حالياً على “بينانس”، و”أو كيه إكس”، و”غيت”، إضافة إلى “جيميني”.
ما الذي يميز “USD1” عن منافساتها؟
رغم أن USD1 حققت قفزة مبكرة، فإنها لا تزال صغيرة قياساً بالمنافسين الكبار، إذ تفوق قيمة “USDT” السوقية 120 مليار دولار، وتبلغ “USDC” نحو 30 مليار دولار، فيما تبلغ قيمة “USD1” حوالي 2.4 مليار دولار، وهذه الفجوة الهائلة تضع “USD1” في موقع “اللاعب الصاعد”.
مع ذلك تمتلك “USD1” عناصر تميز واضحة من الشفافية التنظيمية إلى الزخم السياسي تجعلها لاعباً جديداً مثيراً للانتباه في سباق السيطرة على سوق العملات المستقرة، خاصة بعد إدراجها سريعاً على منصات كبرى مثل “بينانس”، ما وفر لها سيولة وانتشاراً مبكراً في السوق.
اقرأ أيضاً: ثروة إريك ترمب تقفز إلى 548 مليون دولار بفضل العملات المشفرة
أوضح تقرير تحليلي صادر عن منصة “أو كيه إكس” (OKX) أن “USD1” تسعى إلى منافسة اللاعبين الكبار عبر إعادة تعريف معايير الشفافية؛ إذ تتعهد بنشر تقارير شهرية عن الاحتياطيات، وإجراء تدقيقات سنوية من طرف ثالث، مع التأكيد على عدم استخدام الأصول في الرهانات أو إعادة التوظيف المالي. هذا التوجه، بحسب التقرير، يمنحها ميزة في سوق لطالما واجهت فيه عملات مثل “USDT” و”USDC” انتقادات بشأن شفافية الأصول الداعمة لها.
ما مستقبل مشروع “وورلد ليبرتي” لو رحل ترمب عن السلطة؟
أشارت منصة “إيه إنفست” (Ainvest) في تحليل بعنوان “التداعيات السياسية والسوقية لرمز WLFI” إلى أن الارتباط المباشر لمشروع “وورلد ليبرتي” باسم ترمب قد يشكل عبئاً ثقيلاً في حال قدوم إدارة ديمقراطية جديدة، إذ يمكن أن يُنظر إليه حينها باعتباره أداة سياسية أكثر منه ابتكاراً مالياً.
ووفقاً للتقرير، فإن هذا التصور قد يضع المشروع تحت ضغط متزايد من الجهات الرقابية الأميركية، بما في ذلك هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC)، ويؤدي إلى مراجعات قانونية أو فرض قيود على تداوله، ما قد يزعزع ثقة المستثمرين المؤسسيين ويقوض استمرارية المشروع داخل الولايات المتحدة.
في انتصار لأجندة ترمب.. “الشيوخ” يقر تشريعاً لتنظيم العملات المستقرة… التفاصيل هنا
وفي السياق نفسه، خلص تقرير صادر عن”بيت غيت” (BitGet) إلى أن مستقبل “وورلد ليبرتي” يبقى رهيناً بالتحولات السياسية في واشنطن، إذ يرى أن أي انتقال للسلطة إلى الديمقراطيين سيكون مقروناً بموجة تشديد رقابي على العملات المستقرة والرموز المرتبطة بشخصيات سياسية. هذا السيناريو، بحسب التقرير، من شأنه أن يضغط على قيمة الرمز “WLFI” ويهدد العملة المستقرة “USD1″، ويجعل المشروع في مواجهة مباشرة مع متطلبات إفصاح وامتثال أكثر صرامة، ما يضع استمراريته على المحك إذا لم يتمكن من بناء هوية مؤسسية بعيدة عن ترمب.
المصدر : الشرق بلومبرج