رسوم ترمب على الأجهزة الطبية الأوروبية تهدد مرضى أميركا

رسوم ترمب على الأجهزة الطبية الأوروبية تهدد مرضى أميركا

حذر مسؤولون كبار في قطاع الرعاية الصحية بالولايات المتحدة وأوروبا من أن قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على الأجهزة الطبية المستوردة من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها على المرضى في الولايات المتحدة، وفق “فاينانشيال تايمز”.

وذكرت الصحيفة، أن الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية، كانت مُعفاة تقليدياً من الرسوم الجمركية لأسباب أخلاقية، إلا أن قطاع التكنولوجيا الصحية الأوروبي، الذي يحقق مليارات اليورو، لم يشمل في الاستثناء عند إعلان الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في يوليو الماضي. 

وتمثل صادرات صناعة الأجهزة الطبية الأوروبية إلى الولايات المتحدة ما قيمته 27.4 مليار يورو في العام الماضي، ولا تزال الصناعة تضغط على إدارة ترمب لمنحها استثناء من الرسوم الجمركية بنسبة 15%، مشيرة إلى أن التكاليف ستُحمّل على المرضى وشركات التأمين في ظل ارتفاع أقساط التأمين بالفعل.

تحذيرات أميركية

وحذرت شركات كبرى مثل Siemens Healthineers، وPhilips من أن الرسوم ستكلفهما ما يصل إلى 250 مليون يورو خلال العام المالي الحالي.

وقال يوشين شمیتز المدير المالي لشركة Siemens Healthineers، إن التأثيرات قد تتراوح بين 400 و500 مليون يورو في العام المقبل، متوقعاً تعويض هذه الخسائر مع مرور الوقت عبر رفع الأسعار في العقود المستقبلية وإجراء بعض التغييرات في سلاسل التوريد.

وأضاف شمیتز في تصريح لـ”فاينانشيال تايمز”: “ما يجب أن يفهمه الناس حقاً هو أن إقامة حواجز كهذه في النظام الصحي سيكون في النهاية على حساب المرضى ونظام رعايتهم الصحية.. هناك بُعد أخلاقي لهذا الأمر”.

وأشار محللو التكنولوجيا الطبية إلى أن الشركات الأوروبية بدأت بالفعل في تعديل عمليات التصنيع وسلاسل التوريد استجابةً للرسوم المفروضة من الاتحاد الأوروبي، وكذلك لتلك المفروضة على دول أوروبية أخرى مثل سويسرا، التي تواجه رسوماً بنسبة 39%.

وأكدت شركة Ypsomed السويسرية، المتخصصة في تصنيع أقلام الحقن لشركات الأدوية والتكنولوجيا الحيوية، أنه في حال استمرار فرض هذه الرسوم الجمركية، ستنظر في نقل بعض عمليات الإنتاج بين مصانعها في ألمانيا، وسويسرا لتقليل التكاليف المرتبطة بها.

وأضافت الشركة أنها ستعلن قريباً عن منشآت جديدة مخصصة لتصنيع الطلبات الخاصة بالسوق الأميركية، ومن المتوقع بدء العمل بها اعتباراً من عام 2028.

هشاشة سلاسل التوريد

وبجانب التأثيرات المالية، يبرز تحذير من أن فرض الرسوم الجمركية على هذا القطاع سيزيد من هشاشة سلاسل التوريد ويعرّضها لخطر حدوث انقطاعات مفاجئة.

وفي هذا الصدد، قال هايكو شوارز، مستشار سلاسل التوريد العالمية لدى شركة Sphera المتخصصة في استشارات إدارة المخاطر التشغيلية: “الرسوم الأميركية على الأجهزة الطبية الأوروبية لا تمثل عبئاً مالياً فحسب، بل تشكّل تهديداً لنظام سلسلة التوريد بأكمله، إذ تعتمد الأجهزة الطبية على شبكات متعددة المستويات موزعة عالمياً، وقد تؤدي أي صدمة بسيطة فيها إلى تأثيرات متتابعة وسريعة الانتشار”.

واستشهدت MedTech Europe بمثال افتراضي يوضح كيفية اعتماد عمليات التشخيص، مثل خزعة السرطان، على سلاسل توريد الأجهزة الطبية التي تعبر المحيط الأطلسي عدة مرات.

وقالت المجموعة: “قد تأتي المواد الكيميائية المستخدمة في تلوين شريحة الأنسجة من أوروبا، بينما تأتي المادة الأساسية لتصنيعها من الولايات المتحدة، ويُصنع الجهاز الذي يقرأ هذه الشرائح في الولايات المتحدة باستخدام قطع مستوردة من الاتحاد الأوروبي”.

وأضافت: “هذا الترابط المعقد يبرز حجم المخاطر المحتملة الناجمة عن فرض الرسوم الجمركية”. 

ورداً على مخاوف الصناعة الأوروبية، رفض متحدث باسم البيت الأبيض تلك التحذيرات، قائلاً: “إذا كانت شركات التكنولوجيا الطبية الأوروبية قلقة من أن رسوم الرئيس ترمب سترفع الأسعار، وتهدد سلاسل التوريد للأميركيين، فعليها أن تنظر إلى الداخل وتنتقد القائمة الطويلة من الرسوم والعوائق غير المالية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء على واردات الأدوية والأجهزة الطبية، والتي من المؤكد أنها ترفع الأسعار وتقوّض سلاسل التوريد في القارة”.

وتعد صناعة التكنولوجيا الطبية من أكبر جهات التوظيف في أوروبا، حيث تضم 38 ألف شركة، 90% منها شركات صغيرة توظف أقل من 50 موظفاً. 

المصدر : الشرق