
شهدت الساحة السورية حدثاً سياسياً وإعلامياً غير مألوف بعد إعلان الإعلامي السوري معتز خطاب انسحابه من عضوية الهيئة الناخبة لمجلس الشعب عن مدينة حلب لصالح زوجته، التي ستخوض بدلاً منه سباق الترشح للبرلمان.
جاء القرار عبر منشور على صفحته في موقع فيسبوك، أوضح فيه خطاب أن هذه الخطوة جاءت تجنباً لما وصفه بتضارب المصالح العائلية، مؤكداً أن منح الفرصة لزوجته يعكس قناعته بضرورة تعزيز تمثيل المرأة في الحياة السياسية السورية. ورأى أن حضور النساء في البرلمان ليس ترفاً سياسياً بل استحقاقاً وطنياً يعزز مسار الإصلاح والتغيير.
قرار مفاجئ من معتز خطاب يفتح نقاشاً حول تمثيل المرأة
خطوة خطاب أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الشعبية والإعلامية، إذ رآها البعض موقفاً رمزياً يمكن أن يسهم في تسليط الضوء على ضعف حضور النساء في مؤسسات الدولة، فيما شكك آخرون في جدواها واعتبروها مجرد مبادرة فردية لا تحمل انعكاساً فعلياً على المشهد السياسي العام. غير أن توقيت القرار وتزامنه مع ترتيبات العملية الانتخابية المقبلة منحاه زخماً خاصاً، باعتباره يفتح نقاشاً حول مكانة المرأة في المشهد التشريعي السوري.
وزير الخارجية يشيد بالخطوة ويصفها بوجه سوريا الحضاري
بادر وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني إلى التعليق عبر حسابه على منصة “إكس”، معتبراً أن هذه الخطوة تمثل وجه سوريا الحضاري. وأكد الشيباني أن الوطن الذي يمنح المرأة مكانتها الحقيقية قادر على بناء مستقبل أفضل وأكثر استقراراً.، كما تلقى القرار إشادات من مسؤولين محليين في حلب وصفوه بالتجسيد العملي للتوجه الرسمي الرامي إلى دعم مشاركة المرأة في الحياة العامة وتعزيز حضورها في مراكز صنع القرار.
ويعد وزير الخارجية أسعد الشيباني من أبرز الوجوه الصاعدة في الحكومة السورية. ولد في بلدة أبو رأسين بمحافظة الحسكة عام 1987، ودرس اللغة الإنجليزية في جامعة دمشق، قبل أن يتابع دراساته العليا في العلوم السياسية ويحصل على درجة الماجستير من جامعة إسطنبول صباح الدين زعيم عام 2022، ومنذ توليه منصبه في ديسمبر 2024، يُنظر إليه كواجهة شبابية تسعى دمشق إلى إبرازها لإعطاء صورة أكثر انفتاحاً عن المرحلة السياسية الراهنة.
اللجنة العليا للانتخابات تمدد فترة الطعون لتعزيز الشفافية
وفي سياق متصل، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات تمديد فترة قبول الطعون على أسماء أعضاء الهيئات الناخبة حتى ظهر الأحد المقبل. وقال المتحدث باسم اللجنة نوار نجمة إن هذا الإجراء يهدف إلى تعزيز الرقابة الشعبية على العملية الانتخابية وضمان نزاهتها، مؤكداً أن مشاركة المجتمع في مراقبة الاستحقاق النيابي خطوة أساسية لترسيخ الثقة العامة بمسار الانتخابات المقبلة.
تباين المواقف الشعبية بين إشادة وشكوك في جدوى المبادرة
على منصات التواصل الاجتماعي، تباينت ردود الأفعال تجاه قرار معتز خطاب. فريق من المؤيدين اعتبره دليلاً على تقدم رمزي نحو المساواة وفتح الباب أمام مشاركة نسائية أوسع، فيما رأى آخرون أنه لا يتعدى كونه مبادرة شخصية لا تعكس تغييراً حقيقياً في البنية السياسية. أما بعض المحللين السياسيين فقد ذهبوا إلى أن مثل هذه المبادرات تأتي في إطار جهود الحكومة لتلميع صورتها خارجياً وإبراز التزامها بمبادئ المشاركة والتنوع.
جدل حول ضعف تمثيل النساء في البرلمان السوري
الجدل المثار حول هذه الخطوة يعيد إلى الواجهة مسألة مشاركة المرأة في الحياة السياسية السورية، فوفقاً للبيانات الرسمية، لا تتجاوز نسبة تمثيل النساء في البرلمان الحالي 13 في المئة، وهي نسبة يعتبرها مراقبون متدنية ولا تمنح النساء تأثيراً ملموساً في عملية التشريع وصنع القرار. ويرى خبراء أن تعزيز الحضور النسائي يحتاج إلى إرادة سياسية جادة وسياسات واضحة، وليس فقط مبادرات فردية أو رمزية.
المرحلة الانتقالية في سوريا تضع مشاركة المرأة تحت المجهر
تأتي هذه التطورات في ظل مرحلة انتقالية تمر بها سوريا منذ عام 2024 ضمن مسار التسوية السياسية، الذي أفضى إلى تشكيل حكومة جديدة وإجراء انتخابات برلمانية تحت إشراف دولي. ورغم أن هذه المرحلة تهدف إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة واستعادة ثقة الداخل والخارج، فإن حضور المرأة في هذا السياق يظل مؤشراً بارزاً على مدى جدية الإصلاح السياسي وقدرة النظام على استيعاب التحديات. ومع تزايد النقاش حول مبادرة معتز خطاب، يبدو أن مسألة تمكين المرأة مرشحة لأن تصبح واحدة من أبرز عناوين الجدل في المرحلة المقبلة.
المصدر : تحيا مصر