صعدت أسعار النفط إلى أعلى مستوى منذ ثمانية أشهر، حتى وسط توجه أميركا نحو فرض عقوبات واسعة النطاق تستهدف قطاع الطاقة الروسي.
وجاءت هذه التحركات السعرية نتيجة أربعة عوامل رئيسة تبدأ بالطقس الأكثر برودة عن المتوقع في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وفرض عقوبات أميركية على النفط الروسي، إضافة إلى توقعات بسعي الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى تقييد إمدادات النفط الإيراني ونجاحه في ذلك، في وقت أشعل المضاربون إجمالي مراكز الاستثمار المرجحة لارتفاع سعر الخام المرجعي عالمياً، وزادوا صافي عدد عقود الشراء 40 ألفاً ليصل الإجمالي إلى نحو 227 ألف عقد في السابع من يناير (كانون الثاني) الجاري، بحسب البيانات التي صدرت أخيراً، وكانت هذه الخطوة مدفوعة بصورة رئيسة بزيادة عقود الشراء فحسب، فيما شهدت عقود البيع فقط تراجعاً طفيفاً.
وصل صافي مراكز شراء الديزل الأوروبي وزيت التدفئة الأميركي إلى أعلى مستوى منذ يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) 2024 على التوالي، إذ شهدت عقود السلعتين مراكز شراء جديدة، فيما جرى التخلي عن عقود البيع فقط.
إلى ذلك وجدت شركات التكرير ومشغلو ناقلات النفط والمسؤولون التنفيذيون للموانئ في جميع أنحاء آسيا نفسها في مأزق لإدارة تداعيات أقوى عقوبات أميركية على صناعة النفط الروسية حتى الآن، إذ فحصوا الوثائق واستجوبوا المسؤولين الحكوميين، اليوم الإثنين، لفهم التأثير في كبار المستوردين الصين والهند.
استفادت الصين والهند بصورة رئيسة من النفط الروسي منخفض السعر منذ بداية حرب أوكرانيا في أوائل عام 2022، إذ تجاوزا الحد الأقصى للأسعار الذي فرضته الدول الغربية، بهدف تقليل الأموال التي تتدفق إلى موسكو، إلا أن فرض مجموعة من العقوبات على قطاع النفط والغاز، والتي استهدفت المنتجين وشركات التأمين والسفن، أدخل هذه التجارة في حال من الفوضى.
مشترون متحمسون
وعقدت مصافي النفط المستقلة في مقاطعة شاندونغ الصينية، التي تعد من أبرز المشترين المتحمسين للنفط الروسي، اجتماعات طارئة خلال عطلة نهاية الأسبوع لمحاولة فهم ما إذا كان بإمكانها تسلم شحنات النفط المتجهة إليها عندما أعلن عن العقوبات، وفقاً لما ذكره المتداولون.
وفي الهند، اجتمع وزير النفط وأمين وزارة النفط ورؤساء شركات التكرير المملوكة للدولة لمناقشة مستقبل قطاع النفط والغاز عندما انتشرت تلك الأنباء الجمعة الماضي، وفقاً لما قاله أشخاص كانوا حاضرين لـ”بلومبيرغ”.
في حين أدت العقوبات الأخيرة على روسيا، التي تمثل نحو ثلث واردات الهند من النفط الخام، إلى طغيان القضية على جدول الأعمال المقرر.
تكرير النفط في الصين والهند والاضطرابات
وقال مسؤولو شركات التكرير في الهند إنهم لا يزالون يدرسون الوثائق مع فرقهم القانونية، وأشار البعض اليوم إلى أنهم يستعدون لاضطرابات كبيرة قد تستمر من ثلاثة إلى ستة أشهر، وتؤثر في ما يصل إلى 800 ألف برميل يومياً من الواردات. من جهة أخرى يجهز المسؤولون الحكوميون، مع التركيز على مخاوف التضخم، للتفاوض مع واشنطن في محاولة للحفاظ على تدفق النفط الخام المخفض.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويكمن القلق الأول من جميع الأطراف في محاولة فهم متى تدخل العقوبات حيز التنفيذ بالضبط، بما في ذلك عندما يتعلق الأمر بالسفن التي هي في منتصف رحلتها، وما إذا كانت ستطبق فترة “الانخفاض التدريجي”. وقال كبار مسؤولي النفط في الصين والهند إنهم يبحثون حالياً عن مساعدة من مستشاريهم القانونيين.
وتعاملت السفن التي شملتها العقوبات حديثاً مع أكثر من 530 مليون برميل من النفط الخام الروسي العام الماضي، مما يمثل نحو خمس صادرات النفط الخام البحرية للبلاد، بحسب ما قالت شركة تحليلات البيانات “كبلير”. وكان أكثر من نصف هذه الكمية، أو نحو 300 مليون برميل، شحنت إلى الصين، مما يشكل نحو 61 في المئة من واردات الصين البحرية من النفط الروسي.
ومن المتوقع أن تكون المصافي الصينية المستقلة، المعروفة باسم أباريق الشاي (teapots)، من أكثر المتضررين من التدابير الجديدة، إذ كانت الهوامش ضيقة قبل الإعلان الجمعة الماضي. وحالياً، هناك ثلاث سفن تحمل النفط الروسي تطفو قبالة الساحل الشرقي للصين بعدما فرضت العقوبات عليها من قبل الولايات المتحدة الجمعة، مما يجعلها بمثابة اختبار مع بدء سريان القيود.
قفزة في أسعار الديزل
وفي أسواق المصب، قفزت أسعار الديزل الصينية خلال عطلة نهاية الأسبوع، رداً على الوضع الجديد الناتج من العقوبات، ومع ذلك لا تكون العقوبات فعالة إلا عند تنفيذها، وبدأ مشغلو الشحن والمصافي المستقلة في الصين التفكير بطرق مبتكرة للتغلب على التدابير الجديدة، وفقاً للتجار. ومن بين الخيارات المطروحة تحويل النفط الروسي على ناقلات خاضعة للعقوبات إلى محطات خاصة أصغر، بدلاً من الموانئ الكبيرة، واستخدام الشاحنات بدلاً من الأنابيب لنقله داخل الصين.
واليوم الموانئ في شاندونغ في حال تأهب في شأن الناقلات الخاضعة للعقوبات، بعدما حذرت إحدى الشركات التي تدير عدة محطات في المنطقة الأسبوع الماضي من التعامل مع مثل هذه الناقلات.
استفاد مصنعو التكرير المستقلون (teapots) من خصومات كبيرة على النفط الروسي والإيراني خلال الأعوام القليلة الماضية، بفضل منظومة من ناقلات الأسطول المظلم، والممولين المحليين، إضافة إلى الموانئ ومشغلي التخزين الذين استمروا في دعم التجارة التي تعتمد إلى حد كبير على اليوان.
نقلاً عن : اندبندنت عربية