
يواجه مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين خطر الحرمان من الرواتب أو إجبارهم على “إجازة قسرية”، في ظل استمرار الخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين داخل الكونجرس حول تمرير مشروع قانون لتفادي الإغلاق الحكومي مطلع أكتوبر.
وبينما تتوقف رواتب معظم العاملين والمتعاقدين في حال الإغلاق، يستمر أعضاء الكونجرس والرئيس الأميركي في تقاضي رواتبهم بحكم الدستور والقوانين الفيدرالية، ما يثير انتقادات متجددة حول “النفاق الواضح” في واشنطن، وفقاً لشبكة CBS News الأميركية.
وأقر مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، مشروع قانون في وقت سابق من الشهر الجاري، لتمديد تمويل الحكومة حتى 21 نوفمبر المقبل، غير أن المشروع تعثر في مجلس الشيوخ، حيث تُعد أصوات الديمقراطيين ضرورية للمضي قدماً.
ويطالب الديمقراطيون بتمديد إعانات الرعاية الصحية بموجب قانون “الرعاية الميسّرة”، وهو ما يرفضه الجمهوريون. ومن دون التوصل إلى حل، ستبدأ الحكومة إغلاقها الأربعاء.
وفي حال توقف التمويل، سيُطلب من الموظفين الفيدراليين العاملين في المناصب الحيوية الاستمرار في أداء مهامهم، بينما سيُجبر العديد من الموظفين الآخرين على البقاء في منازلهم. وفي كلتا الحالتين ستتأخر الرواتب إلى حين موافقة الكونجرس على اعتمادات إنفاق إضافية، فيما قد يُحرم معظم المتعاقدين الفيدراليين من مستحقاتهم بالكامل.
هل يتقاضى أعضاء الكونجرس رواتبهم في حالة إغلاق الحكومة؟
الإجابة المختصرة هي نعم، إذ سيواصل أعضاء الكونجرس تقاضي رواتبهم حتى في حال عدم التوصل إلى اتفاق لتمويل الحكومة.
ويعود ذلك إلى الطريقة التي تُنظم بها رواتبهم بموجب الدستور الأميركي والقانون الفيدرالي، فالمادة الأولى من القسم السادس من الدستور تنص صراحة على أن “أعضاء مجلسَي الشيوخ والنواب يستحقون مكافأة عن خدماتهم، تحدد بقانون، وتُدفع من خزانة الدولة”.
وبموجب القسم ذاته، يُحدد معدل رواتب الأعضاء من خلال عملية ينص عليها القانون الفيدرالي، فيما يقضي التعديل السابع والعشرون بأن أي قانون لتغيير رواتبهم لا يدخل حيّز التنفيذ إلا بعد الانتخابات التالية للكونجرس.
وتُمول رواتب الأعضاء عبر اعتماد دائم منذ عام 1983، ما يعني أن تمويلها لا يحتاج إلى تجديد سنوي، وفقاً لتقرير حديث صادر عن خدمة أبحاث الكونجرس.
يتقاضى معظم الأعضاء راتباً سنوياً قدره 174 ألف دولار، وهو معدل ثابت منذ عام 2009، فيما يحصل رئيس مجلس النواب على 223 ألفاً و500 دولار، ويتقاضى كل من الرئيس المؤقت لمجلس الشيوخ وقادة الأحزاب في المجلسين 193 ألفاً و400 دولار.
وعندما يتعلق الأمر بالكيانات الفيدرالية الأخرى، فإن القانون الذي ينظم كيفية تصرفها أثناء انقطاع التمويل يعرف باسم “قانون النقص”.
وينص القانون باختصار على أن الوكالات الفيدرالية لا يمكنها إنفاق أموال تتجاوز ما يقره الكونجرس، ما يعني أن العديد منها سيضطر إلى منح الموظفين إجازة قسرية وإبقائهم في المنازل في حال لم يتم الموافقة على تمويلها.
وهناك بعض الاستثناءات، فبعض البرامج، مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، لها تمويل دائم، وتستمر المزايا في الصرف بشكل طبيعي.
كما يجب بقاء الموظفون الذين تعتبر وظائفهم ضرورية لحماية الحياة والممتلكات في العمل. ويمكن لأولئك الذين يتم تفويض أدوارهم، بموجب قوانين أخرى مواصلة العمل، وكذلك المسؤولون الذين لديهم مسؤوليات دستورية.
وعندما يتعلق الأمر بموظفي الكونجرس، فإن كل مكتب يحدد بنفسه أي الموظفين يُعتبرون أساسيين وبالتالي يُسمح لهم بمواصلة العمل أثناء الإغلاق الحكومي.
ومن المتوقع أن تُبقي معظم المكاتب جميع موظفيها أو معظمهم في الخدمة، غير أن هؤلاء الموظفين لن يتقاضوا رواتبهم إلا بعد الموافقة على تمويل إضافي.
هل يستمر الرئيس الأميركي في تقاضي راتبه خلال الإغلاق الحكومي؟
نعم، فالدستور الأميركي يحظر خفض راتب الرئيس أثناء توليه المنصب “ما يضمن عملياً حصوله على مستحقاته بغض النظر عن أي إجراء للإغلاق”، وفقاً لتقرير صادر عن خدمة أبحاث الكونجرس عام 2018.
ويبلغ راتب الرئيس 400 ألف دولار سنوياً، وهو المبلغ الذي حدده الكونجرس عام 2001. أما مساعدوه وموظفو مكتبه فيخضعون لأحكام الإجازة القسرية بموجب “قانون مكافحة العجز المالي”، ما يعني أن شاغلي المناصب غير الأساسية قد يُطلب منهم البقاء في منازلهم إلى أن يوافق الكونجرس على تمويل إضافي.
وفي إغلاقات سابقة، لجأ الرؤساء إلى منح إجازات قسرية لعدد كبير من موظفي السلطة التنفيذية لزيادة الضغط على الكونجرس من أجل التحرك.
هل يتقاضى الموظفون الفيدراليون الآخرون رواتبهم خلال الإغلاق؟
لن يتقاضى الموظفون الفيدراليون رواتبهم طوال فترة الإغلاق، سواء واصلوا عملهم أو أُجبروا على إجازة قسرية، كما يواجهون خطر التسريح الدائم في حال حدوثه، وذلك بحسب مذكرة صادرة عن مكتب الإدارة والميزانية.
أما الموظفون الذين يحتفظون بوظائفهم فسيحصلون على رواتبهم المتأخرة بمجرد استعادة التمويل لوكالتهم. وفي الإغلاقات السابقة، كان يتعين على الكونجرس التصويت لصالح صرف هذه المستحقات، لكن قانوناً صدر عام 2019 جعل دفع الرواتب المتأخرة إلزامياً.
وفي المقابل، فإن المتعاقدين، الذين نفذوا أعمالاً حكومية بقيمة نحو 755 مليار دولار في السنة المالية الماضية، لا يتمتعون بضمان الحصول على أي رواتب متأخرة.
وتحدد كل وكالة فيدرالية المناصب التي تُعتبر أساسية وتلك التي ليست كذلك. وقد وجّه مكتب الإدارة والميزانية الوكالات بإبلاغ موظفيها بقرارات تخص عملهم وأوضاعهم المالية في موعد أقصاه يومان عمل قبل توقف التمويل.
وأشار بعض أعضاء الكونجرس في السابق إلى ما اعتبروه “نفاقاً واضحاً” في استمرار تقاضي المشرعين لرواتبهم بينما يُحرم باقي الموظفين الفيدراليين من مستحقاتهم.
وفي عام 2023، قدّم أعضاء من الحزبين مقترحات متعددة لمنع الكونجرس من تقاضي الرواتب خلال فترات الإغلاق، غير أن أياً منها لم يحظَ بدعم واسع، كما أن التعديل السابع والعشرين للدستور يحول دون إدخال أي تغيير فوري بهذا الخصوص.
المصدر : الشرق