الوزن الزائد يطيل العمر.. دراسة دانماركية تحطم المفاهيم التقليدية للصحة

الوزن الزائد يطيل العمر.. دراسة دانماركية تحطم المفاهيم التقليدية للصحة

في مفاجأة علمية من شأنها أن تغير مفاهيمنا الراسخة عن الوزن المثالي، كشفت دراسة دانماركية حديثة أن زيادة كيلوجرامات إضافية قد يكون في الواقع مفيداً للصحة ويرتبط بعمر أطول.

وتم الإعلان عن هذه النتائج التي هزت الأوساط الطبية في المؤتمر السنوي للجمعية الأوروبية لدراسة داء السكري في فيينا، متحدية الاعتقاد السائد بأن الوزن الزائد دائماً ضار بالصحة.

وأظهرت الدراسة التي شملت أكثر من 85 ألف شخص في الدنمارك أن الأفراد الذين يتمتعون بمؤشر كتلة جسم يقع ضمن فئة زيادة الوزن وأدنى مستويات السمنة كانوا أقل عرضة للوفاة مقارنة بأولئك الذين يقع مؤشر كتلة أجسامهم ضمن النطاق الطبيعي، بينما الأكثر إثارة للدهشة أن الأشخاص الذين كان مؤشر كتلة جسمهم في الطرفين المتوسط والأدنى من النطاق الطبيعي كانوا الأكثر عرضة للوفاة، إلى جانب الأفراد الذين يعانون من نقص الوزن.

منهجية الدراسة وعيناتها البحثية

قام فريق البحث الدنماركي بفحص العلاقة بين مؤشر كتلة الجسم والوفاة بين عينة ضخمة بلغت أكثر من 85 ألف شخص، 80% منهم من الإناث. وقد تراوحت فترة المتابعة لفريق البحث لتحليل النتائج بشكل دقيق ومفصل. وقام الباحثون بتصنيف المشاركين وفقاً لمؤشر كتلة الجسم مع تقسيم النطاق الصحي التقليدي (18.5-24.9) إلى ثلاثة مستويات مختلفة للوصول إلى نتائج أكثر دقة.

وشكلت هذه المنهجية العلمية الدقيقة أساساً متيناً للنتائج المذهلة التي توصلت إليها الدراسة، حيث توفي 8% من إجمالي المشاركين خلال فترة المتابعة. وقد مكن الحجم الكبير للعينة وفترة المتابعة الطويلة الباحثين من الحصول على نتائج إحصائية قوية ومثيرة للاهتمام تتحدى المفاهيم الطبية التقليدية حول العلاقة بين الوزن والصحة.

النتائج المفاجئة للدراسة الدنماركية

كشفت التحليلات الإحصائية للدراسة عن نتائج مفاجئة وغير متوقعة، حيث وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يعانون من نقص الوزن كانوا أكثر عرضة للوفاة بثلاث مرات تقريباً مقارنة بالأفراد الذين يقع مؤشر كتلة جسمهم في الطرف العلوي من النطاق الصحي، بينما كان الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة أكثر عرضة للوفاة بمرتين مقارنة بنفس الفئة المرجعية.

المفاجأة الأكبر كانت أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن لم يكونوا أكثر عرضة للوفاة من أولئك الذين يعانون من انخفاض الوزن في النطاق الصحي. أما الأفراد المصنفون ضمن فئة السمنة المفرطة فكانوا أكثر عرضة للوفاة بنسبة 23% فقط. هذه النتائج تشير إلى أن النطاق الأمثل لمؤشر كتلة الجسم المرتبط بأقل معدل للوفيات قد يكون أعلى مما كان يعتقد سابقاً.

تفسير النتائج وتحليل الآثار المحتملة

أوضحت د. سيجريد بيرج جريبشولت، من مستشفى جامعة آرهوس في الدنمارك، أن هناك نتائج متضاربة في الأبحاث العلمية حول نطاق مؤشر كتلة الجسم المرتبط بانخفاض معدل الوفيات. وأضافت: “كان يُعتقد سابقاً أنه يتراوح بين 20 و25، ولكنه قد يرتفع مع مرور الوقت بفضل التقدم الطبي والتحسينات في الصحة العامة”.

وأشارت جريبشولت إلى أحد التفسيرات المحتملة لهذه النتائج وهو ما يعرف بالعلاقة السببية العكسية، حيث قد يفقد بعض الأشخاص وزنهم بسبب مرض كامن. في مثل هذه الحالات، يكون المرض – وليس انخفاض الوزن بحد ذاته – هو ما يزيد من خطر الوفاة، مما قد يوحي بأن ارتفاع مؤشر كتلة الجسم يوفر حماية للجسم. ومع ذلك، أكدت الباحثة أن الدراسة وجدت أن الأشخاص الذين يعانون من نقص الوزن يواجهون خطراً أعلى بكثير للوفاة.

تحديات نقص الوزن والسمنة العالمية

علقت الدكتورة جريبشولت على النتائج بالإشارة إلى أن “نقص الوزن والسمنة يُمثلان تحديين صحيين عالميين رئيسيين”. وتأتي هذه الدراسة لتضيف بعداً جديداً لهذا التحدي، حيث تشير إلى أن الوزن الزائد المعتدل قد لا يكون ضاراً كما كان يعتقد سابقاً، بل قد يكون مفيداً في بعض الحالات.

هذه النتائج تتوافق مع أبحاث سابقة وجدت أن الأشخاص الذين يعانون من نقص الوزن يواجهون مخاطر صحية جسيمة. فوفقاً لبحث منشور، يتم تعريف نقص الوزن عندما تكون قيمة مؤشر كتلة الجسم أقل من 18.5 كجم/م²، وهي حالة غير مرغوب فيها تضعف نوعية الحياة وتزيد من خطر الإصابة بالأمراض . يقودنا هذا إلى إعادة التفكير في استراتيجيات التوعية الصحية المتعلقة بالوزن المثالي.

الآثار المترتبة على التوصيات الصحية المستقبلية

تشير هذه الدراسة الرائدة إلى ضرورة إعادة النظر في التوصيات الصحية المتعلقة بالوزن المثالي، حيث يقترح الباحثون أن النطاق الأمثل لمؤشر كتلة الجسم المرتبط بأطول عمر قد يكون أعلى مما كان معتمداً سابقاً. وهذا يتطلب المزيد من البحث لفهم الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذه النتائج.

قد يكون لهذه النتائج آثار مهمة على التوصيات الصحية العامة واستراتيجيات الوقاية، حيث تشير إلى أن التركيز المفرط على خفض الوزن إلى أدنى مستويات النطاق الطبيعي قد لا يكون مفيداً كما كان يعتقد. بدلاً من ذلك، قد يكون من الأفضل التركيز على نمط الحياة الصحي بغض النظر عن الوزن، مع الاهتمام بالتمثيل الغذائي والنشاط البدني والتغذية المتوازنة.

المصدر : تحيا مصر