
يُتيح تباطؤ التضخم وارتفاع قيمة الجنيه في مصر هامشاً مناسباً لإجراء خفض رابع لأسعار الفائدة هذا العام، قبل أن يدفع أي ارتفاع محتمل في أسعار الوقود السلطات إلى تبنّي نهج أكثر حذراً.
توقّع جميع الاقتصاديين السبعة الذين شملهم استطلاع أجرته “بلومبرغ” أن يُقدم البنك المركزي المصري على خفض سعر الفائدة على الودائع البالغ 22% اليوم.
لكنهم انقسموا حول ما إذا كان البنك سيتجه إلى خفض مماثل بمقدار 200 نقطة أساس كما فعل في نهاية أغسطس الماضي.
المؤشرات التي مهّدت الطريق لخفض الفائدة الأخير شهدت مزيداً من التحسن في الأسابيع الماضية. ارتفعت أسعار المستهلكين بأبطأ وتيرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، في حين يُتداول الجنيه المصري عند أقوى مستوى له منذ يونيو 2024.
اقرأ أيضاً: بنوك الاستثمار تتوقع خفض الفائدة في مصر 100 نقطة أساس الخميس
مصر مستعدة لخفض الفائدة
قال محمد أبو باشا رئيس قسم الأبحاث في بنك الاستثمار “إي إف جي إيرميس” (EFG Hermes) ومقره القاهرة :” البيئة الاقتصادية لا تزال مواتية لخفض جديد للفائدة”. وأضاف أن الفجوة الواسعة بين سعر الفائدة الرئيسي ومعدل التضخم العام “تُعزّز أيضاً من فرص التيسير النقدي”.
توصلت مصر العام الماضي إلى اتفاق حزمة إنقاذ دولية بقيمة 57 مليار دولار لمواجهة أسوأ أزمة نقص في العملة الصعبة منذ عقود، ونفذت تيسيراً نقدياً تراكمياً بلغ 525 نقطة أساس (5.25%) منذ بداية 2025.
يهدف خفض أسعار الفائدة إلى تحقيق توازن دقيق، إذ يساعد الدولة المثقلة بالديون على تقليل مدفوعات الفائدة التي تلتهم جزءاً كبيراً من الإيرادات العامة. مع الحفاظ على معدل فائدة حقيقي يتمتع بجاذبية كافية لاستقطاب استثمارات المحافظ الأجنبية، التي تُعدّ أحد المصادر الرئيسية لتمويل الاقتصاد.
ولا يزال ما يُعرف بسعر الفائدة الحقيقي في مصر من بين الأعلى عالمياً حتى بعد جولات التيسير النقدي الأخيرة مع تراجع ضغوط الأسعار.
كما تباطأ معدل التضخم السنوي للشهر الثالث على التوالي ليبلغ 12% في أغسطس، أي ما يقل عن نصف مستواه القياسي البالغ 38% الذي سُجّل في سبتمبر 2023، عند ذروة الأزمة الاقتصادية.
زيادة أسعار الوقود في مصر
من المرتقب تنفيذ زيادة جديدة في أسعار الوقود خلال الشهر الجاري في إطار الإصلاحات المدعومة من صندوق النقد الدولي وهو ما قد يعرقل مسار تباطؤ التضخم إذا لم يُدَر بحذر.
ويرى أبو باشا أن الزيادة المحتملة في أسعار الوقود قد تدفع البنك المركزي إلى تثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماعي نوفمبر وديسمبر المقبلين.
اقرأ أيضاً: مصر ترفع أسعار الوقود للمرة الثانية في 6 أشهر وتتوقع وفراً 35 مليار جنيه
قالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في “بنك أبوظبي التجاري”، إن “نهج البنك المركزي والقائم على خفض الفائدة بشكل تدريجي مع الحفاظ على مرونة سعر الصرف، يساعد في احتواء التضخم وجذب رؤوس الأموال الأجنبية”.
تعافي الجنيه المصري
شهد الجنيه المصري، الذي سمحت السلطات بانخفاض قيمته بنحو 40% في مارس 2024، تعافياً قوياً في الأشهر الأخيرة بدعم من تدفقات استثمارات المحافظ الأجنبية وازدهار عائدات السياحة والصادرات.
تداولت العملة المصرية يوم الأربعاء عند نحو 47.8 جنيه للدولار بعد أن تعافت من أدنى مستوى قياسي بلغ 51.7 في أبريل، في تطور قد يُسهم أيضاً في تخفيف ضغوط الأسعار في بلد يعتمد بشكل كبير على الواردات.
وتتوقع مالك أن يتراوح سعر صرف العملة المصرية بين 48 و50 جنيهاً للدولار خلال ما تبقى من عام 2025، إذا استمرت وتيرة تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية القوية.
كما تستعد مصر لبدء مراجعتين مجمعتين لبرنامجها مع صندوق النقد الدولي، وفي حال اجتيازهما ستتمكن من الحصول على شرائح قروض بقيمة 2.5 مليار دولار.
المصدر : الشرق بلومبرج