
إعداد: فوّاز الشعّار
لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.
من بدائع تعبير الشعراء، عن ضرورة التمسّك بالإرادة والعزيمة، للوصول إلى الغايات النبيلة، قول امرئ القيس:
فَلَو أَنَّ ما أَسعى لِأَدنى مَعيشَةٍ
كَفاني – ولَمْ أَطلُبْ – قَليلٌ مِنَ المالِ
ولَكِنَّما أَسعى لِمَجدٍ مُؤَثَّلٍ
وقَدْ يُدرِكُ المَجْدَ المُؤَثَّلَ أَمثالي
وما المَرءُ ما دامَت حُشاشَةُ نَفسِهِ
بِمُدرِكِ أَطرافِ الخُطوبِ ولا آلي
وقول أبي الطيّب:
على قَدْرِ أهْلِ العَزْمِ تأتي العَزائمُ
وتأتي على قَدْرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وتَعْظُمُ في عَيْنِ الصَّغيرِ صِغارُها
وتَصْغُرُ في عَينِ العَظيم العَظائمُ
وقول أبي القاسم الشابي:
إذا الشَّعْبُ يَوْماً أرادَ الحَياة
فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القَدَرْ
ولا بُدَّ لِلَّيْلِ أنْ يَنْجَلي
ولا بُدَّ لِلْقَيْدِ أنْ يَنْكَسِرْ
دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر
إِذا جارَيتَ
أبو تمّام
(بحر الوافر)
إِذا جارَيتَ في خُلُقٍ دَنيئاً
فَأَنتَ ومَنْ تُجاريهِ سَواءُ
رَأَيْتُ الحُرَّ يَجْتَنِبُ المَخازي
ويَحْميهِ عَنِ الغَدْرِ الوَفاءُ
وما مِنْ شِدَّةٍ إِلّا سَيأتي
لَها مِن بَعْدِ شِدَّتِها رَخاءُ
لَقَدْ جَرَّبتُ هَذا الدَّهْرَ حَتّى
أَفادَتْني التَّجارِبُ والعَناءُ
إِذا ما رَأسُ أَهْلِ البَيْتِ وَلّى
بَدا لَهُمُ مِنَ النّاسِ الجَفاءُ
يَعيشُ المَرءُ ما اسْتَحيا بِخَيْرٍ
ويَبْقى العودُ ما بَقِيَ اللِّحاءُ
فَلا وَاللَهِ ما في العَيْشِ خَيرٌ
ولا الدُنيا إِذا ذَهَبَ الحَياءُ
إِذا لَم تَخْشَ عاقِبَةَ اللَّيالي
ولَم تَسْتَحيِ فَاْفعَل ما تَشاءُ
من أسرار العربية
فِيمَا لا خيْرَ فِيهِ مِنَ الأَشْيَاءِ الرَّدِيئةِ والفُضالات والأثْفالِ:
الخُشارةُ: للنَّاسِ..القُشامَةُ: للطَّعام. الحُثالَةُ: للمائِدَةِ. الحُسافَةُ: للتَّمْرِ. القِشْدَةُ: للسَّمْنِ. العَكَرُ: للزَيْتِ. الرُذالَةُ: للمَتاعِ. القُمامَةُ: للبيْتِ. القُلامَةُ: للظُّفْرِ. والنُّسالُ والنَّسِيلُ: ما يَتَساقَطُ مِنْ وَبَرِ البَعِيرِ وَرِيشِ الطَّائِرِ. والعُصافَةُ: ما يَسْقُطُ مِنَ السُّنْبُلِ، كالتِّبْنِ وغَيْرِهِ. المُشاطَةُ: ما يَسْقُطُ مِنَ الشَّعْرِ عِنْدَ الامْتِشاطِ. الخُلالَةُ: ما يَسْقُط مِنَ الفَمِ عِد التَّخَلُّلِ. الفَسِيطُ والقُلامةُ: ما يَسْقُطُ مِنَ الظُّفْرِ عِنْدَ التَّقْلِيمِ.
هفوة وتصويب
يقول بعضهم «لَقَدْ جَفَيْت صاحبي بعد اختلافنا»، بمعنى قاطعته، وهي خطأ والصواب «جفوتُ» لأن الفعل «جفا» مضارعه «يَجفُو». والأمر «اجْفُ». والمصدر: جَفاءٌ وجَفْوٌ، فهو جافٍ، والمفعول مَجْفوّ – للمتعدِّي. وجفا الشَّخصُ قسا، غلُظ طبعُه أو ساء وأصبح جافياً مع أسرته. وجفا الحَبيبُ: بعُد، وهجَر. قال لسان الدين الخطيب:
لا الجَفْن منّي على شَحْطِ المَزارِ جفا
دَمْعي ولا القَلْبُ مِنْ بَعْدَ البِعادِ سَلا
من حكم العرب
إِنَّ السَّماءَ إِذا لَمْ تَبْكِ مُقْلَتُها
لَم تَضْحَكِ الأَرْضُ عَن شَيءٍ مِنَ الخُضُرِ
والزَّهْرُ لا تَنْجَلي أَحداقُهُ أَبَداً
إِلّا إِذا مَرِضَت مِن كَثرَةِ المَطَرِ
البيتان للبُحتري، يقول إن كثيراً من الحوادث التي قد تكون مفاجئة، وفيها إزعاج أو مضايقة مبدئية، قد تكون لها نتائج إيجابية وتحمل الخير.. فعلينا تحمّل العقبات، وانتظار الأفراح.
المصدر : صحيفة الخليج