
تتجه أنظار العالم إلى المعلمين، بمناسبة يومهم العالمي، عرفاناً بما يقومون به من جهود مؤثرة في بناء عقول أجيال المستقبل. وفي الإمارات، يكتسب اليوم بعداً خاصاً، إذ تنطلق فعالياته في مختلف المدارس الحكومية والخاصة، لتجديد العهد بتقدير المعلم، ليس بالكلمات وحدها، بل عبر مبادرات عملية، وممارسات واقعية تعكس مكانته ودوره. وتشهد المدارس فعاليات ميدانية وأكاديمية تؤكد على مكانة المعلم ودوره المحوري في تحقيق رؤية الإمارات للمستقبل، باعتباره العمود الفقري لكل عملية تنموية.
ووفقاً للأرقام الصادرة عن وزارة التربية والتعليم، يبلغ عدد المعلمين في المدارس الحكومية نحو 23 ألف معلم ومعلمة على مستوى الدولة، مقابل أكثر من 65 ألف معلم ومعلمة في المدارس الخاصة في الدولة.
بناء الإنسان
وقالت مهرة المطيوعي مديرة المركز الإقليمي للتخطيط التربوي: «نحتفي بصنّاع المستقبل الذين يحملون رسالة بناء الإنسان قبل بناء المعرفة، فمهنة التعليم في قلب السياسات الوطنية بالإعداد الجيد، والتنمية المهنية المستمرة، وبيئة العمل العادلة والمحفِّزة التي تصون كرامة المعلم وتستبقي كفاءاته؛ فإعلان سانتياغو 2025 الذي أطلقته اليونسكو يضع إطاراً دولياً لإعادة الاعتبار للمهنة، ويؤكد أن تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة يبدأ من تمكين المعلم من خلال توظيف قائم على الحاجة والإنصاف، وتدريب متجدد، وتقدير مهني، وتخفيف الأعباء الإدارية لصالح وقتٍ أكبر للتدريس والتعلّم التعاوني؛ فالمعلم ليس ناقل معرفة فحسب، بل قائد تغيير وصانع أمل، والالتزام بمبادئ الإعلان هو الطريق الأقصر لتعزيز جودة التعليم وتوسيع فرص التعلّم المنصف والشامل لكل طفل».
عهد
وقال صلاح خميس الحوسني رئيس مجلس إدارة جمعية المعلمين، إن يوم المعلم العالمي يمثل فرصة لتجديد العهد مع قيم المهنة، والعودة إلى جوهرها القائم على تبادل الخبرات وتكامل الجهود، مؤكداً أن الجمعية ستنظم عدداً من الاحتفالات التي سيتم خلالها تسليط الضوء علي مآثر المعلم ومكانته في المجتمع ودوره في بناء المجتمعات.
ويرى الحوسني أن هذه الفعاليات تسهم في رفع الروح المعنوية للمعلمين، وتجعلهم يشعرون بأنهم جزء من منظومة مهنية متماسكة. وأضاف أن تقدير المعلم لا يقتصر على الكلمات والاحتفالات الرمزية، بل يظهر في السياسات التي تحمي حقوقه وتوفر له فرص التطوير المستمر، مشيراً إلى أن الجمعية تحرص على استعراض تجارب مدارس نجحت في تعزيز ثقافة التعاون بين الكوادر التدريسية. وشدد على أن مكانة المعلم في الإمارات راسخة، وأن كل مبادرة مجتمعية أو حكومية تصب في النهاية في هدف واحد: ضمان أن يبقى المعلم محور العملية التعليمية. وقال حسن سوالمة مدير مدرسة: إن مدرسته أعدت برنامجاً خاصاً للاحتفاء بالمعلمين هذا العام، مضيفاً أن تكريم المعلم لا ينبغي أن يكون حدثاً عابراً في يوم واحد، بل ممارسة يومية تتجسد في بيئة عمل عادلة ومحفزة، والمعلم يحظى باهتمام منقطع النظير من قبل القيادة الرشيدة وهذه الرعاية نابعة من تقدير عميق للمعلم ودوره الراسخ في بناء أجيال المستقبل، وتمكين الشباب الإماراتي ليتولوا زمام المبادرة ومواصلة مسيرة التنمية.
رسائل شكر
وأكدت التربوية الدكتورة مروة علي رئيس قسم المواد الوزارية في إحدى المدارس أن المدرسة خصصت منصة رقمية بعنوان «كلمة لمعلمي»، تتيح للطلبة وأولياء الأمور إرسال رسائل شكر وتقدير، وسيتم عرضها في قاعات المدرسة على شاشات ذكية، موضحة أن هذه الخطوة جاءت لتعزيز العلاقة الإنسانية بين المعلم والطالب، وإشراك أولياء الأمور في مناسبة تحمل طابعاً عالمياً. وأضافت أن المدرسة ستنظم حلقات نقاش طلابية يقودها الطلبة بعنوان «حين يتعاون المعلمون»، تتناول أثر التعاون بين المعلمين على جودة التعليم. وأكدت أن تقدير المعلم يبدأ من إشراكه في اتخاذ القرار وتقدير جهده اليومي، وليس فقط عبر الاحتفالات الرسمية. ورأت أن يوم المعلم العالمي فرصة لإبراز الجهود التي يبذلها الكادر التربوي خلف الكواليس، والتي قد لا يراها المجتمع يومياً، لكنها أساس كل إنجاز تعليمي.
واعتبرت التربوية سهيلة أحمد أن يوم المعلم العالمي يعيد التذكير بأن التعليم هو المهنة التي تقوم عليها جميع المهن الأخرى، وأن المعلم يظل حجر الأساس في بناء المجتمعات. وأضافت أن الاحتفاء بالمعلم ليس مجرد تكريم معنوي، بل استثمار استراتيجي في حاضر التعليم ومستقبله.
وأكدت أن الإمارات قطعت شوطاً كبيراً في هذا الاتجاه عبر مبادرات تدريبية نوعية وبرامج وطنية متخصصة، مشددة على أن الاحتفال الحقيقي بالمعلم هو أن نضعه في قلب السياسات التربوية، وأن نمنحه الأدوات التي تجعله قادراً على قيادة التغيير.
المصدر : البيان