أشواق عبدالله تحاور المشاهد على إيقاع اللون

أشواق عبدالله تحاور المشاهد على إيقاع اللون

توظف التجربة التشكيلية الإماراتية التقنيات الحديثة لإنتاج أعمال مدهشة، كالعروض البصرية أو الضوئية، التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتجارب الواقع الافتراضي، وميزة هذه الأعمال تتركز في قدرتها على إشراك المتلقي في العمل، فيصبح وكأنه جزء منه، فيتفاعل معه بصرياً، المتلقي أو المشاهد هنا، يتحرك مع العمل، وكأنه يلمسه، ويعيش تجربة فنية فريدة غاية في الإمتاع والتأمل.

من التجارب المهمة في هذا الإطار، نتوقف عند تجربة مميزة للفنانة والمصممة الإماراتية أشواق عبد الله، التي اتجهت لابتكار تقنيات جديدة لعرض أعمالها، ومن ذلك ما نشاهده في العمل الذي أمامنا.

نحن مع هذه اللوحة أو هذا العمل الفني، أمام تجربة فنية تخلق تفاعلاً بصرياً مع كل ما يشاهده المتلقي، وكأن هذا المتلقي يقف في داخل هذا العمل، ويعيشه بكل جوارحه، ويتأمل ما فيه من تجربة فنية وربما وجودية، مع هذه الألوان والظلال، هنا، نحن أمام علاقة جديدة بين الإنسان والواقع الافتراضي، بكل ما فيه من تفاصيل ولغة فنية، وكأن الفنانة هنا، تؤنسن التقنية وتجعلها جسراً للتأمل من خلال تجربة شعورية مدهشة.

فضاء

العمل بهذا المعنى، يشكل فضاء مفتوحاً على مكونات عديدة من اللون والظلال والإيقاعات التي يمكن أن تؤثر في المشاهد، قد يكون للظلال الزرقاء وقع صوت البحر وأمواجه في هذا العمل الفني المثير بصرياً، وكأنه يمنح المشاهد فسحة داخلية لتأمل العلاقة الجمالية بينه وبين الشكل الذي يعيشه أو يتحرك فيه، بل لكأنه يعيش تجربة زمنية، ومكانية متنوعة ومختلفة مع مساقط الألوان المنعكسة على الجدار.

يجذب العمل المتلقي أو المشاهد، إلى لعبة اللون والظلال، وقد عملت الفنانة أشواق عبد الله على وضع «المرأة» التي تجلس على مقعد شبه مرتفع في وسط هذا العمل الفني، وكأنها تستدرج المشاهد إلى وعي اللقطة، المرأة في العمل، هي بالضرورة ذلك المتلقي، الذي يتحرك داخل هذه الأطياف اللونية أو الشكلية في رحلة تتجول به، ضمن ما يمكن أن نطلق عليه (الإحساس الواعي) الذي يعيش من خلاله الإنسان علاقة بصرية تأملية محكومة بفضاء المشهد الفني.

عين المشاهد

عين المشاهد في هذا العمل، هي من تلتقط الأثر الفني، باعتباره يجسد حالة شعورية ناطقة، أو لحظة بصرية متدفقة من تلك الإيقاعات والحركات والأشكال التي تترجم حيوات بشرية وكائنات وزخارف وألوان متنوعة.

هنا، يعيش المتلقي في أجواء حوارات داخلية وخارجية و–زمنية – إن جاز التعبير، وربما علاقة متحركة بمحمول أو رؤية فكرية وثقافية أساسها الوسيط الفني الجديد، الذي لا يقطع مع الماضي، بل يوظفه ضمن دينامية تفاعلية مع الحاضر واستشراف المستقبل.

هذه العلاقة التي ترسم حدود الأثر الفني، كما هو في اللوحة التي أمامنا، هي رسالة العمل الفني، بألوانه وكتله وزخارفه وظلاله، ومع ما يمكن توقعه من أصوات وإيقاعات، تتردد في داخل هذا الفضاء البصري الساحر.

تفاصيل

لقد استطاعت أشواق عبد الله أن تترجم شعورها الفني في هذا العمل، من خلال صياغة فنية مكثفة، تتمتع بطابع حيوي وبصري مؤثر، حيث تقع عين المشاهد على نطاق حيوي يصور الأحاسيس البشرية برؤى بصرية تبدع لغتها الخاصة، وتعيد تشكيلها بالتجوال بين الأمكنة والصور المستلهمة من الماضي والحاضر، والعمل يحمل رسالة عميقة تدور حول مفهوم الهوية التي لا يمكن أن تحفظ في الماضي فقط، ولا في الحداثة وحدها، بل هي تتخلق أو تتولد من لقاء الطرفين وكأن العمل يدعو المشاهد لتأمل أو قراءة الذات من خلال ما يحيط بها من ذاكرات وأماكن ومشاهد غنية في تفاصيلها وأثرها الفني العابر للحدود.

إضاءة

أشواق عبدالله، هي فنانة ومصممة إماراتية عشقت الفن منذ الصغر، فقد فازت وهي في سن السابعة بمسابقة فنية محلية، وقد قدمت خلال رحلتها الفنية مئات الأعمال التي استطاعت من خلالها أن توظف التقنيات الحديثة، لها مشاركات كثيرة في العديد من المعارض، وقد نجحت في حجز مكانة خاصة لها في عالم الفن الذي توجه من خلاله رسائل بصرية تبلغ قلوب الجمهور وحواسهم في آن، أما أكثر ما يميزها عن سواها، فهو جمعها بين عشق الفن التشكيلي من جهة، وفن تحريك الصور والفيديوهات من جهة ثانية، ما جعلها تحرك لوحاتها منذ انطلاقتها بطريقة مبسطة وسلسة تلامس الروح مباشرة.

المصدر : صحيفة الخليج