«شروق» تستثمر 447 مليون درهم لتعزيز مكانة الشارقة الثقافية

«شروق» تستثمر 447 مليون درهم لتعزيز مكانة الشارقة الثقافية

الشارقة: «الخليج»

كشفت هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) أن إنجازاتها في قطاع الثقافة والقطاعات الإبداعية على مدى 15 عاماً، تجاوزت حدود التنمية والتطوير العمراني، لترسّخ دور الشارقة مركزاً عالمياً للثقافة والفنون، ومنصة معرفية مستدامة، ووجهة حيوية للاقتصاد الإبداعي في المنطقة، حيث أوضح تقرير «شروق» لمسيرة 15 عاماً، أن الهيئة نفذت خمسة مشاريع رئيسية في هذا القطاع الحيوي، باستثمارات بلغت 447 مليون درهم، ضمن محفظة استراتيجية شاملة تشمل بشكل مجمل 52 مشروعاً في مختلف القطاعات، وتمتد على مساحة 60 مليون قدم مربعة في مختلف مناطق ومدن الإمارة، باستثمارات وشراكات تخطت 7.2 مليار درهم.

تتفق هذه التوجهات مع ما أبرزته تقارير منظمة اليونيسكو، التي تؤكد أن المشاريع الثقافية والإبداعية تُمثّل محركاً اقتصادياً واجتماعياً مهماً؛ إذ تسهم بشكل ملموس في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص العمل، وتعزيز التماسك الاجتماعي، إلى جانب أثرها الإيجابي في التنمية المستدامة. ويعكس ذلك الأهمية الاستراتيجية لهذا القطاع، بوصفه عنصراً رئيسياً في دعم النمو المستدام والتنوع الاقتصادي، خاصة في المدن التي تتبنّى الهوية الثقافية جزءاً محورياً من بنيتها الحضرية.

تعزز هذه الاستثمارات جهود الإمارات في تكريس الاقتصاد الإبداعي ركيزة أساسية في استراتيجيتها للنمو والتطور خلال الـ50 عاماً القادمة، لاسيما وأنه يعد من أسرع القطاعات الاقتصادية نمواً حول العالم مع مساهمته بأكثر من 6.1% في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فضلاًَ عن توليده عائدات سنوية تزيد على تريليوني دولار.

أرشيف حيّ

يمتد «منتزه مليحة الوطني» على مساحة 34.2 كيلومتر مربع في المنطقة الوسطى من الشارقة، ويقدّم نموذجاً مميزاً يجمع بين التراث، والتعليم، والمغامرة، ويضم الموقع آثاراً تعود إلى أكثر من 210 آلاف عام توثّق مسيرة البشر الأوائل، ويتيح للزوار التفاعل مع المكتشفات في «مركز مليحة للآثار».

تتضمن أنشطة المنتزه ركوب الخيل، التخييم، وتسلق الجبال، إضافة إلى الطيران الشراعي في مركز «مغامرات السماء»، أول مركز مرخّص للطيران الشراعي في دولة الإمارات، كما يوفّر المنتزه برامج تعليمية فلكية مثل «مخيم الفضاء». وتشكل مليحة جزءاً من موقع الفاية الأثري الذي أُدرج على قائمة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي، ما يرسّخ مكانته كوجهة ثقافية وسياحية متكاملة.

 منصة للمعرفة

لا يُشبه «بيت الحكمة» أي مشروع ثقافي آخر في المنطقة، فهو لا يقتصر على تقديم الكتب، بل يعيد تعريف علاقتنا بها. أنشئ المشروع على مساحة 40391 متراً مربعاً، وافتُتح عام 2019 احتفاءً بتتويج إمارة الشارقة «عاصمة عالمية للكتاب» من قبل منظمة اليونيسكو، ويضم في ساحته الخارجية معلم «المخطوطة» الأيقوني، الذي يجسد قوة المعرفة والكلمة المكتوبة عبر العصور.

يضم البيت نحو نصف مليون عنوان في مختلف الحقول الثقافية والأدبية والمعرفية، من بينها 105 آلاف كتاب ورقيّ، و400 ألف عنوان رقمي عبر منصاته الإلكترونية المختلفة، وأكثر من مليون أطروحة جامعية و34 ألف مجلة ودورية علمية و56 ألف مقطع فيديو، بما يحقق رؤيته ورسالته التي تؤكد أهمية المعرفة كحق أساسي لجميع أفراد المجتمع، ودور المكتبات في توفير منصة للحوار الثقافي.

ويتميز البيت كذلك بتصميمه المعماري الذي روعيت فيه عوامل الاستدامة، ومساحاته المفتوحة، وفعالياته الفكرية المتنوعة، التي تستقطب الأطفال والشباب والباحثين والكتّاب والطلاب، في تجربة تتيح لهم الانتقال من التلقّي إلى التفاعل والمشاركة.

ذاكرة

يُعد «قلب الشارقة» من أكبر مشاريع الترميم الثقافي حجماً وأبرزها دلالة على صعيد المنطقة، حيث أعادت «شروق» تشكيل المركز التاريخي للإمارة ليكون منطقة تنبض بالحياة؛ حيث تم إحياء الأسواق الشعبية مثل سوقي «العرصة» و«الشناصية»، و ترميم البيوت القديمة وفق أعلى المعايير المعمارية الأصيلة في إعادة توظيفها.

ويعتبر فندق «ذا تشيدي البيت، الشارقة» اليوم شاهداً على عودة المنطقة التراثية إلى سابق عهدها مركزاً للحياة اليومية، ومسرحاً مفتوحاً للتفاعل بين الزوار والمجتمع، ويُعد المشروع اليوم من أبرز الوجهات الثقافية والتراثية على مستوى المنطقة، إذ يستضيف فعاليات كبرى مثل «أيام الشارقة التراثية» ويحتضن مبادرات تُعزز من حضور الحِرف اليدوية، والفنون الشعبية، والمأكولات المحلية.

الطبيعة والفن

على ضفاف بحيرة خالد، تمتد «جزيرة النور» على مساحة 45470 متراً مربعاً، كواحدة من أبرز المشاريع التي تجمع بين الثقافة والبيئة، فهي تمثل تجربة حسية بصرية يتنقل الزائر خلالها بين المجسمات الفنية، والتراكيب الضوئية التفاعلية، والممرات الخضراء، ومن أبرز معالم الجزيرة «بيت الفراشات».

استقطبت الجزيرة منذ افتتاحها آلاف الزوار من الإمارات والعالم، كما صُنّفت ضمن أفضل الوجهات العائلية على مستوى منطقة الشرق الأوسط، ويُجسد المشروع التزام «شروق» بتحويل الفن من مادة للعرض إلى أسلوب حياة.

استدامة

جاءت مبادرة «شروق» بإنشاء «مركز مرايا للفنون» و«1971- مركز للتصاميم» لتوفير مساحات دائمة ومخصصة للفنانين والمصممين المحليين والعالميين، حيث يمتد كل مركز منهما على مساحة تزيد على 621 متراً مربعاً، ويقدمان معارض دورية، وورش عمل مفتوحة، فضلاً عن ندوات فكرية تربط بين الفن والمجتمع.

يتميز المركز بتركيزه على الفنون البصرية، بينما يختص «1971 – مركز للتصاميم» في دعم التصاميم التجريبية المعاصرة بمختلف أنواعها وأشكالها، بما يسهم في استقطاب المواهب الشابة، وإيصال أعمال فنية إماراتية إلى منصات مثل «داون تاون ديزان» ضمن أسبوع دبي للتصميم، و«فن أبوظبي» ومعارض في برلين ولندن وسيؤول، وغيرها من عواصم ومدن العالم.

المصدر : صحيفة الخليج