
سجل البروفيسور عمر ياغي إنجازاً علمياً جديداً يضاف إلى سجل العقول العربية المبدعة، بعد فوزه بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025، تقديرًا لإسهاماته الريادية في تأسيس علم الكيمياء الشبكية (Reticular Chemistry)، وتطويره للهياكل العضوية المعدنية (MOFs) التي أحدثت تحولاً جذرياً في مجالات تنقية الهواء والماء وتخزين الغازات والطاقة.
مسيرة علمية
ويأتي هذا الفوز استمراراً لمسيرة علمية زاخرة بالإنجازات امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، توجها البروفيسور عمر ياغي بالعديد من الجوائز العالمية ولعل من أبرزها فوزه بجائزة نوابغ العرب عن فئة العلوم الطبيعية لعام 2024 تقديراً لإسهاماته الاستثنائية في مجال الكيمياء، الجائزة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، والتي تعتبر أكبر حراك علمي في العالم العربي لتكريم الصناع التاريخ والتغيير من خلال الإبداع، وترجمة لرؤية سموه بأن لأمة العربية تزخر بالنوابغ والعقول وأن جميع المشاريع الإنسانية والحضارية والمعرفية التي يطلقها سموه تحمل رسالة إعادة الثقة بأنفسنا وبالشباب والعلماء العرب.
تكريم
وتم تكريم البروفيسور عمر ياغي من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، وأبلغه معالي محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، رئيس اللجنة العليا لمبادرة “نوابغ العرب”، عبر تقنية الاتصال المرئي بالفيديو بفوزه بجائزة “نوابغ العرب 2024″ عن فئة العلوم الطبيعية، حيث خاطبه قائلاً:” ” إسهاماتكم في علم الكيمياء، الذي برعت فيه المنطقة قديماً، وتطويركم لمواد جديدة لتحسين حياة الإنسان، يجعلنا نشعر جميعاً بالفخر. فأنتم نموذج لإبداع العلماء العرب، وعملكم الدؤوب في مجال الكيمياء يخدم العلم، وينشر المعرفة، ويضاعف النجاحات، ويلهم الشباب العربي”.
وبعد فوزه بهذه الجائزة تقدم البروفيسور ياغي بالشكر الجزيل لمقام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إذ قال” إن قيادتكم الرؤوية قد حولت دبي إلى مركز عالمي للابتكار والتميز، مما أثار إعجاب الناس من مختلف أقطار العالم من خلال المبادرات الرائدة مثل مبادرة نوابغ العرب، كنتم سباقين لإحياء التميز الفكري والإبداعي في إقليمنا العربي مبرزين الإمكانات الهائلة للمواهب العربية على الساحة العالمية، سعيكم الدؤوب نحو التقدم لم يرفع فقط من مكانة دبي الدولية فحسب بل ألهم أيضا عدداً لا يحصى من الأفراد والدول ليحلموا بأهداف أكبر ويحققوا المزيد محولين المنطقة إلى منارة للتطور والثقافة والازدهار”.
نشأة
وُلد عمر ياغي عام 1965 في العاصمة الأردنية عمّان، ونشأ في بيئة تقدّر العلم والمعرفة، وأبدى منذ صغره، شغفاً كبيراً بالعلوم الطبيعية والكيمياء تحديداً، ما أهّله لاحقاً ليكمل دراسته الجامعية العليا في الولايات المتحدة الأميركية، ونال الجنسية الأميركية، ثم الجنسية السعودية عام 2021، ليبقى نموذجاً للعالم العربي الذي يحمل رسالته العلمية للعالم، دون أن يتخلى عن انتمائه وهويته.
ونشر البروفيسور عمر ياغي أكثر من 300 مقال علمي وبحثي في تخصص الكيمياء الشبكية ومنتجاتها وغيره من التخصصات، وحظيت أعماله بأكثر من 250 ألف مرة، ما يعكس تأثيره العميق في علوم وتطوير حلول مستدامة لمستقبل أفضل.
ريادة عالمية
ويعد البروفيسور عمر ياغي أستاذ الكيمياء بجامعة كاليفورنيا بيركلي مؤسس علم الكيمياء الشبكية (Reticular Chemistry)، وهو المجال الذي يقوم على تصميم وربط الجزيئات لبناء مواد جديدة ذات بنى مسامية دقيقة، تُستخدم في تطبيقات الطاقة والبيئة، ويمكن توظيفها في مجالات متنوعة، مثل الرعاية الصحية والطاقة المتجددة، لما توفره من فوائد اقتصادية وبيئية مهمة.
وشغل البروفيسور ياغي أدواراً استشارية في عدد من المبادرات الدولية المعنية بالطاقة النظيفة، ويشغل حالياً منصب أستاذ الكيمياء ومدير معهد العلوم العالمية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، كما أسس مختبراً بحثياً متقدمًا بالتعاون مع مختبر لورانس بيركلي الوطني، وشارك في مشاريع بحثية مشتركة مع مؤسسات سعودية لتطوير حلول مستدامة للمياه والطاقة.
وأسفر عمله الرائد في مجال الأطر العضوية المعدنية (MOFs) عن تسجيل 70 براءة اختراع حول العالم، ساهمت في تطوير تقنيات تخزين الغازات وفصلها وتحفيزها. كما يقود البروفيسور ياغي شبكة واسعة من الشراكات الدولية، خاصة مع مؤسسات بحثية في العالم العربي وآسيا، بهدف تسريع الجهود العلمية العالمية في مجالات الطاقة النظيفة وعلوم المواد المتقدمة.
قصة ملهمة
يجسد البروفيسور عمر ياغي قصة نجاح عربية ملهمة، جمعت بين الطموح العلمي والرؤية الإنسانية، ليصبح نموذجاً للعقل العربي المبدع القادر على إحداث أثر عالمي. إن فوزه بنوبل لا يمثل تتويجاً شخصياً فحسب، بل هو إحياء للأمل في أن العقول العربية قادرة على المساهمة في صناعة مستقبل أكثر ابتكاراً واستدامة.
المصدر : البيان