
إعداد: فوّاز الشعّار
لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.
في رحاب أمّ اللغات
في تعبير الشعراء، عن احترام العلم والمعلّم، وتثمين مكانته ورسالته، قال أحمد شوقي:
قُم لِلمُعلِّم وَفِّهِ التَّبْجيلا
كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمْتَ أَشرَفَ أَوْ أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبْني وَيُنشِئُ أَنفُساً وعُقولا
وقال معروف الرصافي:
كفى بالعِلْمِ في الظُّلُماتِ نورا
يُبيّنُ في الحَياةِ لَنا الأُمورا
فَكَمْ وَجَدَ الذَّليل بهِ اعْتِزازاً
وكَمْ لَبِس الحَزينُ به سُرورا
تَزيد به العُقول هُدىً ورُشْداً
وتَسْتَعْلي النُّفوسُ به شُعورا
دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر
رَمَتِ الفُؤَادَ
عَنترة بن شدّاد
(بحر الكامل)
رَمَتِ الفُؤادَ مَليحَةٌ عَذْراءُ
بِسِهامِ لَحظٍ ما لَهُنَّ دَواءُ
مَرَّت أَوانَ العيدِ بَيْنَ نَواهِدٍ
مِثْلِ الشُموسِ لِحاظُهُنَّ ظباءُ
فَاغْتالَني سَقَمي الَّذي في باطِني
أَخفَيتُهُ فَأَذاعَهُ الإِخْفاءُ
خَطَرَت فَقُلتُ عريشُ بانٍ حَرَّكَت
أَعطافَهُ بَعْدَ الجَنوبِ صَباءُ
ورَنَتْ فَقُلتُ غَزالَةٌ مَذْعورَةٌ
قَدْ راعَها وَسْطَ الفَلاةِ بَلاءُ
وبَدَتْ فَقُلتُ البَدْرُ لَيْلَةَ تَمِّهِ
قَدْ قَلَّدَتهُ نُجومَها الجَوْزاءُ
بَسَمَتْ فَلاحَ ضِياءُ لُؤلُؤِ ثَغْرِها
فيهِ لِداءِ العاشِقينَ شِفاءُ
يا عَبْلُ مِثلُ هَواكِ أَو أَضعافُهُ
عِنْدي إِذا وَقَعَ الإِياسُ رَجاءُ
إِن كانَ يُسْعِدُني الزَّمانُ فَإِنَّني
في هِمَّتي بِصُروفِهِ إِزْراءُ
من أسرار العربية
في تَقْسِيمِ الطُّولِ: رَجُل طَوِيلٌ وشُغمومٌ. وجارِيَةٌ شَطْبَةٌ وعُطْبولٌ. وفَرَسٌ أشَقُّ وأمَقُّ وسُرْحوبٌ. ونَخْلَة باسِقَةٌ وسَحوقٌ. وشَجَرَةٌ عَيْدانَةٌ وعَمِيمَةٌ. وجَبَلٌ شاهِقٌ وشامِخٌ وباذِخٌ. ونَبْتٌ سَامِقٌ. وَجْهٌ مَخْرُوطٌ ولِحْيَةٌ مَخْرُوطَةٌ: إذا كَانَ فيهما طُولٌ مِنْ غَيْرِ عَرْضٍ. وشَعْرٌ فَيْنَانٌ ووارِدٌ،
قال ابنُ الرُّومِيِّ:
وفاحمٍ واردٍ يقبِّلُ مَمْ
شاهُ إذا اخْتالَ مُرسلاً غُدُرَهْ
أقبلَ كاللّيل منْ مَفارِقِهِ
مُنحدراً لا يَذُمُّ مُنْحَدَرَهْ
وفي تَرْتِيبِ القِصَرِ: قَصِير ودَحْداحٌ. ثُمّ حَنْبَل وحَزَنْبَل. ثُمّ حِنْزاب وكَهْمَس. ثمّ بُحْتُرٌ وحَبْتَرٌ، قال الراعي:
فأومأتُ إيماءً خَفيّاً لحَبْتَرٍ
فللّه عَيْنا حَبْترٍ أيما فَتى
هفوة وتصويب
يقول بعضّهم «شَمَمْتُ الوَرْدَةَ»، قاصداً أنه قرّب أنفه إليها وشَمّها، وهي غيرُ دقيقةٍ في اللغة، لأنّ «شَمَمْتُ» لا تَعْني أنّ الشَّمّ قَدْ حَصلَ بالقَصْد، والصًّوابُ «اشْتَمَمْتُ الوردةَ» أي أردتُ العَمْدَ في الشّمّ.. ومثلها «اسْتَمَعْتُ الحَديثَ» بدلاً من «سَمِعْتُ» و«اكتسبتُ»، بدلاً من «كَسِبتُ».. لأنّ صيغة «افْتَعّل» تدلّ على تعمّد الفعل. ومنه «افْتَعَلَ» الكذب: اخْتَلَقَهُ.
من حكم العرب
فإِن لا يَكُنْ جِسمي طَويلاً فَإِنَّني
لَهُ بِالفَعالِ الصّالحاتِ وصولُ
ولَمْ أَرَ كالمَعْروفِ أَمّا مَذاقُهُ
فَحُلْوٌ وأَمّا وَجْهُهُ فَجَميلُ
البيتان لبشر الفزاري، يقول إن شكل الإنسان الخارجي، لا تأثير له في أمور الحياة والتواصل مع الآخرين، والمهم المضمون النبيل، والجوهر الناصع.
المصدر : صحيفة الخليج