
عندما أُعلنت نتائج «جائزة نافس» في دورتها الثالثة، كان اسم سارة مسلم الكثيري من أبرز الأسماء التي لفتت الأنظار، بعد فوزها بالمركز الأول عن فئة وظائف الرعاية الصحية. بالنسبة لها، لم يكن هذا الفوز تتويجاً لمسيرة مهنية فحسب، بل كان دليلاً على أن الإخلاص في العمل والعلم يثمر في كل مجال يخدم الإنسان.
منذ سنواتها الأولى في جامعة زايد، كانت الكثيري مدفوعة بشغف لفهم العلاقة بين الغذاء وصحة الإنسان. حصلت على بكالوريوس في الصحة العامة والتغذية عام 2021، كما نالت دورة دولية في دعم الحياة الأساسية من الجمعية الأمريكية للقلب، وهي عضو في مجموعة تغذية الأورام التابعة لأكاديمية التغذية وعلم التغذية الأمريكية.
انضمت سارة مسلم الكثيري إلى معهد برجيل للأورام في مدينة برجيل الطبية، حيث تدربت تحت إشراف البروفيسور حميد الشامسي، وتخصصت في تغذية مرضى السرطان ومرضى العلاج الكيميائي. تميّزت سارة بدمج الأكلات الإماراتية التراثية في البرامج الغذائية التي تُعِدها لدعم المرضى، وخلال عامين فقط قدمت الكثير من الاستشارات الغذائية، التي نالت أكثر من 70 تقييماً إيجابياً من المرضى عبر المنصات الرقمية، ما يعكس ثقة المرضى بها وبأسلوبها الإنساني في التعامل.
لكن رسالة سارة لم تبقَ حبيسة جدران المستشفى، بل نقلتها إلى المجتمع الأوسع عبر برامج تلفزيونية ومحاضرات توعوية، تحدثت فيها عن أهمية التغذية السليمة كونها ركيزة لحياة صحية، وسعت من خلالها إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة حول تغذية مرضى السرطان، كما أسهمت في إعداد برامج غذائية خاصة بشهر رمضان، قدمت خلالها نصائح عملية موجهة لكل من المرضى والأصحاء.
دعم
من أبرز مبادرات سارة إعداد كتيبات غذائية مخصصة لمرضى السرطان والمتعافين، احتوت على وصفات مدروسة تعين المرضى على تجاوز مراحل العلاج بسلام، مع حرصها على دمج الموروث الغذائي الإماراتي وإبراز قيمته الغذائية وأثره الإيجابي في صحة المرضى. إلى جانب ذلك، أشرفت على تدريب أكثر من 20 متدرباً في مجال التغذية السريرية منذ عام 2023، مؤكدة أن نقل المعرفة جزء لا يتجزأ من مسؤوليتها المهنية.
وتقول: «الفوز بجائزة نافس كان بمثابة رسالة فخر ومسؤولية؛ فهو تقدير لجهودي، لكنه أيضاً التزام بمواصلة العمل لخدمة المرضى والمجتمع». وتضيف: «النجاح الحقيقي هو حين ترى أثرك في حياة الآخرين، وحين يصبح علمك وسيلة لعونهم، لا مجرد مهنة تمارسها».
نموذج ملهم
واليوم، تمثل سارة مسلم الكثيري نموذجاً ملهماً لجيل من الإماراتيات اللواتي يجمعن بين التخصص الدقيق والرؤية الإنسانية. ومن خلال عملها في تغذية مرضى السرطان، تسعى إلى تمكين المرضى من خوض رحلة العلاج بثقة ووعي، والمساهمة في تحسين نمط حياة الأفراد وبناء وعي صحي مستدام، يعكس رؤية الإمارات في الاستثمار في الإنسان أولاً.
المصدر : البيان