عالية المنصوري.. الفن يتحدث بلسان الأصالة الإماراتية

عالية المنصوري.. الفن يتحدث بلسان الأصالة الإماراتية

يدرك كثير من الفنانين الإماراتيين أن موضوع التراث يرتبط بشكل وثيق مع مفهوم الهوية الإماراتية، لذا، فهم ينهلون دائماً من مفردات هذا التراث في سعيهم لتكوين صورة شاملة عن تلك المفاهيم التي تجسدها عناصر التراث من كرم ومحبة وتسامح وقوة، كل هذه المعاني تشكل حلقة وصل للتعبير عن تلك الأصالة التي تجسدها العلاقة التاريخية بين الإنسان الإماراتي وتراب وطنه.

من هؤلاء الفنانين الذين اهتموا بتجسيد عناصر التراث الإماراتي في لوحاتهم نذكر الفنانة الشابة عالية المنصوري، من خلال لوحة مميزة تكوينها الأساسي يتشكل من رأس حصان عربي أصيل يحتل الجانب الأيسر من اللوحة، حيث يتحول جسده تدريجياً إلى مشهد خلفي يحتضن الكثير من مفردات التراث الإماراتي.

*تكوين

في اللوحة التي أمامنا للفنانة عالية المنصوري، نجد تصميماً أو تكويناً فنياً مبهراً، فقد استطاعت أن تبرز عناصر عدة من مفردات التراث الإماراتي، حيث تلك الصحراء برمالها الذهبية، وما فيها من قلاع أو حصون، وهناك في أسفل جسد الحصان تمتد واحة من النخيل، وإلى خلفية اللون من جهة اليسار تمتد طبيعة إماراتية بألوان خضراء متدرجة، وكل ذلك موجود في لوحة شكلت ملامح أساسية من تلك البيئة الغنية بمدلولاتها الجمالية والبصرية.

القلعة أو الحصن في اللوحة الفنية، هي من رموز الإمارات التاريخية، فيما واحة النخيل في أسفل اللوحة هي تعبير عن الحياة والخصب والكرم والعطاء في قلب الصحراء، أما الحصان فهو رمز القوة والشهامة والكرم والفروسية.

برعت عالية المنصوري في تصميم شكل فني بملامح بصرية واضحة، فقد اهتمت بالتنسيق اللوني من حيث التدرجات الدافئة في الجزء المتعلق بالصحراء الإماراتية ما بين الذهبي والبني والبرتقالي، في مقابل ذلك فقد أبدعت من خلال فهمها لفلسفة اللون في التعامل مع اللون الأخضر حيث التدرجات الباردة في خلفية اللوحة، وكل ذلك عمل على الشعور بتناغم أو توازن بصري سلس، وخلق شعوراً بالترابط بين أجواء الماضي حيث النخل والخيل والبيئة الممتدة الشاسعة.

*أفكار

اللوحة في مجملها تجسد الهوية الإماراتية، ومن المهم هنا، أن يدقق المشاهد في رأس الحصان، الذي يحتل مساحة معقولة في اللوحة، ويتخيل مشهده وهو يعدو في الصحراء، في صورة مهيبة من الجمال والإلهام، وفي منظر يعكس أو يجسد معاني الحرية والقوة في بيئة قاسية، نحن من خلال هذه اللوحة أمام رأس الحصان الذي يحتضن كل تلك العناصر في تصوير فني شعري، مما يجسد معاني الحرية والقوة في الصحراء، ولنا أن نتذكر في هذا المقام، ما تعنيه مفردة الخيل في الأدب والشعر العربي القديم، وما يرتبط به ذكر الخيل من سياقات اجتماعية وأدبية لا تزال حاضرة في الوجدان العربي.

*أسلوب

اعتمدت الفنانة المنصوري في هذه اللوحة أسلوباً واقعياً تعبيرياً، فقد أظهرت الخيل من خلال تفاصيل دقيقة وواقعية، وقد كان لمجمل العناصر التراثية في جسد الخيل من رمال وحصون ونخيل دوره في تشكيل رؤية واقعية تعبيرية وشاعرية، أما الخلفية الخضراء التي أشرنا إليها سابقاً فقد ولدت عند المشاهد إحساساً عارماً بالدفء والهدوء.

*إضاءة

الفنانة عالية المنصوري تصف نفسها دائماً بالقول: «أنا رسامة إماراتية هاوية، حاصلة على الماجستير في إدارة الأعمال، زوجة وأم وامرأة عاملة، بدأت ممارسة الرسم كهواية منذ سن مبكرة، ولكن بدأت تطوير تلك الهواية وصقلها والتعمق فيها خلال فترة كورونا في 2020».

وعملت عالية المنصوري على صقل موهبتها بالبحث والقراءة والاطلاع على كل ما هو جديد في المدارس الفنية.

تستلهم الفنانة أعمالها من البيئة الإماراتية ومكوناتها التراثية، وغالباً ما تصف نفسها بأنها عاشقة للتراث الإماراتي الثري والمتنوع، وهي تراه مصدراً للإلهام وتحرص على تجسيده في أعمالها.

المصدر : صحيفة الخليج

وسوم: