الصين متأكدة من تحقيق هدفها للنمو رغم التراجع النادر بالاستثمارات

الصين متأكدة من تحقيق هدفها للنمو رغم التراجع النادر بالاستثمارات

قالت الصين إن اقتصادها لا يزال على المسار الصحيح لتحقيق هدف التوسّع السنوي، رغم تسجيله أضعف نمو في عام، إذ قوض ضعف الإنفاق والاستثمار الدعم الناتج عن ازدهار الصادرات.

وأظهرت بيانات رسمية نُشرت يوم الإثنين، أن الناتج المحلي الإجمالي توسّع بنسبة 4.8% خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر مقارنة بالعام السابق، متجاوزاً قليلاً توقعات الاقتصاديين البالغة 4.7%.

وقال المكتب الوطني للإحصاء إن النمو خلال الفصول الثلاثة الأولى من العام وضع “أساساً متيناً” لتحقيق الهدف السنوي البالغ نحو 5%.

نمت مبيعات التجزئة بنسبة 3%، في أبطأ وتيرة منذ نوفمبر، فيما انخفض الاستثمار في الأصول الثابتة بنسبة 0.5% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، وهو أول انكماش منذ عام 2020.

تم تخفيف هذا التباطؤ العام بفضل قوة مفاجئة في الإنتاج الصناعي الذي ارتفع في سبتمبر بنسبة 6.5% متجاوزاً جميع توقعات الاقتصاديين.

قال نينغ تشانغ، كبير الاقتصاديين الصينيين في مجموعة “يو بي إس” في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ” إن “النتيجة الأساسية أن النمو يتباطأ، لكن الفروق كبيرة. الصادرات والإنتاج الصناعي تجاوزا التوقعات، لكن الاقتصاد المحلي، مثل مبيعات التجزئة والاستثمار، كلها تتباطأ”.

الأسهم الصينية ترتفع رغم التباطؤ

واصلت الأسهم الصينية مكاسبها بعد صدور البيانات، إذ ارتفع مؤشر “سي إس آي 300” بنسبة بلغت 1.3% وسط موجة تفاؤل أوسع في المنطقة، بعدما أشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى تهدئة التوترات مع الصين. كما ارتفع مؤشر الأسهم الصينية المدرجة في هونغ كونغ بنسبة 2.3%.

استفادت الصين من موجة زخم مدعومة بصادرات قياسية مدعومة بالطلب العالمي على سلعها المصنّعة، ما أبقى النمو قريباً من هدف الحكومة البالغ نحو 5%، رغم اندلاع حرب تجارية جديدة مع الولايات المتحدة.

ومع ذلك، لا تزال الاختلالات البنيوية تهدّد ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إذ تؤدي الانكماشات المتكررة والمنافسة المفرطة إلى تآكل أرباح الشركات، بينما يواصل الطلب الاستهلاكي تعثّره بعد أزمة سوق الإسكان.

استثمارات ضعيفة وتضخم سلبي مستمر

جسّد التراجع النادر في الاستثمار ضعف المعنويات الاقتصادية، إذ كان الانكماش مدفوعاً أساساً بانهيار قطاع العقارات، بينما تباطأ الإنفاق الرأسمالي في البنية التحتية والتصنيع أيضاً.

نمت استثمارات البنية التحتية بنسبة 1.1% فقط خلال الفصول الثلاثة الأولى من العام مقارنة بالفترة نفسها من 2024، وهي أضعف قراءة منذ عام 2020، فيما تباطأت استثمارات التصنيع من نحو 10% في بداية العام إلى 4% فقط.

اقرأ أيضاً: رغم ازدهار الصادرات.. اقتصاد الصين يواجه أسوأ ربع في 2025

أما الناتج المحلي الإجمالي الاسمي غير المعدّل بحسب تغيّرات الأسعار، فقد تباطأ إلى 3.7% على أساس سنوي في الربع الرابع، وهو أضعف أداء منذ نهاية عام 2022، ما يشير إلى أن الأسعار على مستوى الاقتصاد، والمقاسة عبر مُعامل انكماش الناتج المحلي، انخفضت للربع العاشر على التوالي، في أطول موجة انكماش سعري في التاريخ الحديث.

الحكومة تعد بسياسات أكثر فاعلية

قال المكتب الوطني للإحصاء إن الحكومة ستعمل على “تعزيز تنفيذ سياسات كلية أكثر نشاطاً وفاعلية”، مع التركيز على استقرار التوظيف والشركات والأسواق والتوقعات، والمضي قدماً نحو تنمية عالية الجودة لضمان نمو اقتصادي مستدام وصحي.

يمثّل هذا التقرير الرسمي الجديد بداية أسبوع حاسم للصين، إذ يجتمع القادة في بكين لعقد “الدورة العامة الرابعة” للحزب الشيوعي لمناقشة خطط التنمية للسنوات الخمس المقبلة.

اقرأ أيضاً: الصين تستعد لاجتماع حاسم قد يعزز مكاسب الأسهم ويقوي اليوان

وبعد تجدّد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، من المقرر أن يلتقي وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت مع نائب رئيس الوزراء الصيني خه ليفنغ في ماليزيا هذا الأسبوع، للتحضير لاجتماع مرتقب بين الرئيسين شي جين بينغ ودونالد ترمب في وقت لاحق من أكتوبر.

ومن المنتظر أن يشكّل الأداء الاقتصادي للصين في الربع الأخير محور النقاشات المغلقة خلال الاجتماع، وهو أهم حدث سياسي لعام 2025 في البلاد.

ورغم أن الخطة الخمسية الخامسة عشرة لن تُعتمد أو تُعلن قبل مارس المقبل، إلا أن بعض القرارات قد تُكشف عند اختتام الجلسة يوم الخميس.

وتراقب الحكومات والمستثمرون حول العالم ما إذا كان الرئيس شي جين بينغ سيمنح وزناً سياسياً حقيقياً لخطة إعادة توازن الاقتصاد نحو الاستهلاك المحلي، وهي خطوة يمكن أن تصحح اختلالات تجارية مزمنة أضعفت التصنيع في دول عديدة حول العالم.

المصدر : الشرق بلومبرج