
يتخذ البنك المركزي في الهند خطوات حثيثة تتيح للشركاء في اتفاقيات التجارة الحرة تسوية المعاملات بطريقة أكثر سهولة باستخدام الروبية، بحسب شخص مطلع على الأمر، في إجراء قد يسهم في تعزيز حضور العملة المحلية بمرور الوقت.
تشمل الإجراءات الأولية إدراج أسعار صرف مرجعية مباشرة للروبية الهندية لا تعتمد على عملة ثالثة، مثل الدولار الأميركي، وفقاً للمطلع على توجه البنك المركزي، والذي طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لخصوصية المحادثات.
أعلن بنك الاحتياطي الهندي في وقت سابق من الشهر اعتزامه إدراج أسعار صرف مرجعية مقابل الدرهم الإماراتي والروبية الإندونيسية، فضلاً عن أسعار الصرف الحالية مقابل الدولار، والين الياباني، واليورو، والجنيه الإسترليني. كما يعمل البنك المركزي على إدراج أسعار صرف مرجعية مقابل عملات الدول المجاورة وموريشيوس، بحسب المطلع.
تدويل الروبية يدعم تحول الهند إلى دولة متقدمة
تمثل هذه الإجراءات جزءاً من جهود رئيس الوزراء ناريندرا مودي الرامية إلى تعزيز استخدام الروبية في المعاملات الدولية، على غرار جهود مشابهة تبذلها الصين وغيرها من النظراء الإقليميين. ويؤدي تعزيز استخدام العملة المحلية إلى خفض المخاطر والتكاليف بالنسبة للشركات، كما يحد من الحاجة إلى الاحتفاظ باحتياطيات كبيرة من العملات الأجنبية، ويجعل الاقتصاد أقل عرضة لمخاطر الصدمات الخارجية.
اقرأ أيضاً: الهند متحدية الاضطرابات: اقتصادنا قادر على الصمود
تُعد الهند امتلاك عملة دولية موثوقة عنصراً حيوياً لتحقيق هدفها لأن تصبح “دولة متقدمة” بحلول 2047. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تتجاوز الدولة الواقعة في جنوب آسيا اليابان لتصبح رابع أكبر اقتصاد في العالم هذا العام، وأن تتفوق على ألمانيا لتصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول الفترة بين 2027 و2028.
كما ترى الهند أن نظام سعر الصرف مقابل العديد من العملات يمثل خياراً مستقراً ومرغوباً في تسوية معاملات التجارة الدولية، وفقاً للمطلع.
لم يرد بنك الاحتياطي الهندي على الفور على طلب تعليق أُرسل عبر البريد الإلكتروني.
الهند تناقش استخدام الروبية في اتفاقيات التجارة
تُعدّ الروبية الهندية ثاني أسوأ العملات الآسيوية أداءً هذا العام بعد الروبية الإندونيسية، إذ تأثرت العملة الهندية سلبياً بتدفقات خارجة شبه قياسية من الأسهم المحلية في ظل القلق من الرسوم الجمركية المرتفعة بشكل استثنائي التي فرضتها الولايات المتحدة. وقد تدخل البنك المركزي في السوق خلال الآونة الأخيرة، عبر بيع كميات ضخمة من الدولارات، ما ساعد العملة على تعويض قدر من خسائرها.
اقرأ أيضاً: صندوق النقد: النمو العالمي بات أكثر اعتماداً على الصين والهند
ترتبط الهند باتفاقيات تجارة حرة مع أكثر من اثنتي عشرة دولة وتكتلاً، من بينها اتفاقيات أُبرمت مع المملكة المتحدة، وأستراليا، والإمارات خلال السنوات الماضية، كما تخوض البلد مفاوضات مشابهة مع الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وبيرو، وسلطنة عُمان، ونيوزيلندا، ودول أخرى.
فضلاً عن ذلك، لدى الهند ست اتفاقيات تجارية تفضيلية، كما أبرمت اتفاقية شراكة تجارية واقتصادية شاملة مع الدول الأعضاء في رابطة التجارة الحرة الأوروبية -التي تضم أيسلندا وليختنشتاين والنرويج وسويسرا- في مارس 2024.
وتعمل الهند في كل هذه المفاوضات على مناقشة استخدام الروبية في تسوية المعاملات التجارية، بحسب المطلع.
التوسع في استخدام الروبية تحدٍّ أمام الهند
تُعدّ هذه معادلة صعبة أمام الهند، فمن جهة، تسعى نيودلهي إلى تجنب اعتبار هذه الإجراءات بمثابة جهود رامية إلى التخلي عن الدولار، ومن جهة أخرى، وجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب انتقادات متكررة لمجموعة دول “بريكس”، واتهمها بالعمل على إنشاء عملة مشتركة لتقويض هيمنة الدولار. بينما نفت الهند أي نية لذلك.
اقرأ أيضاً: هل تجعل الحرب التجارية جنوب الهند مركز التصنيع العالمي؟
قالت غاورا سن غوبتا، كبيرة المحللين الاقتصاديين لدى “آي دي إف سي فيرست بنك” (IDFC FIRST Bank)، إن “السلطات تصب تركيزها على تدويل استعمال الروبية عبر زيادة قابلية استخدامها في معاملات التجارة ورأس المال بين الدول المجاورة. ولم يُطرح ذلك قط باعتباره خطوة نحو التخلي عن الدولار”.
أهداف قصيرة الأجل للتوسع في استخدام الروبية الهندية
مرت ثلاث سنوات منذ عبّرت الهند لأول مرة عن طموحها لتعميم استخدام الروبية خارج أراضيها. وتضمن تقرير البنك المركزي عن تدويل استعمال الروبية، نُشر في 2023، أهدافاً قصيرة الأجل تتمثل في زيادة اتفاقات مبادلة العملة واتفاقيات التجارة الثنائية، والاستفادة من اتحاد المقاصة الآسيوي في تسوية المعاملات التجارية الإقليمية، وتحقيق تكامل أنظمة الدفع الهندية مع الدول الأخرى.
لا تظهر الروبية حالياً في قائمة أكبر 20 عملة في منظومة الدفع العالمية، بحسب أحدث بيانات نظام “سويفت” (SWIFT). وتضم القائمة، التي يتصدرها الدولار بنسبة 46.94%، عملات أسواق ناشئة مثل البيزو المكسيكي، والبات التايلندي، والرينغيت الماليزي.
المصدر : الشرق بلومبرج