ما كان في البداية مجرد كبوة، تحول سريعاً إلى أزمة عميقة بعد أن خسر ليفربول مباراته الرابعة على التوالي في جميع المسابقات للمرة الأولى منذ 11 عاماً بسقوطه المفاجئ على أرضه أمام مانشستر يونايتد بهدفين لهدف واحد في الدوري الإنجليزي الممتاز.
ولعل المشكلة أمام مانشستر يونايتد، الأحد لم تكن في الهزيمة وحسب، بل في الطريقة التي أصبحت تحدث بشكل متكرر: هدف في الشوط الأول في مرمى الفريق، ثم اندفاع هجومي للتعويض، فتعادل مؤقت وفرص ضائعة، قبل تلقي هدف قاتل في اللحظات الأخيرة.
حتى قبل الأزمة الحالية، والتي شملت أيضاً خسارة خارج الأرض أمام غلطة سراي التركي في دوري أبطال أوروبا، لم تكن انتصارات ليفربول مقنعة. فأمام كل من بورنموث ونيوكاسل وإيفرتون محليا، وأتليتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا، عانى الفريق من أجل الفوز رغم تقدمه بهدفين.
ورغم أن الأنظار تتجه إلى محمد صلاح، والانتقادات التي يتعرض لها من خبراء مثل واين روني وجيمي كاراغر، فإن مشكلة ليفربول أعمق من ذلك بكثير، فهي تمتد إلى عدم تأقلم بعض الوافدين الجدد، وتراجع أداء عدد من أعمدة الفريق الرئيسية، إضافة إلى خيارات المدرب آرني سلوت.
نحاول في هذا التقرير تسليط الضوء على أسباب هذا التراجع الحاد في مستوى بطل الدوري الإنجليزي.
أسوأ موسم لمحمد صلاح مع الريدز؟
أمام مانشستر يوناتد، كان ليفربول يحاول إكمال الريمونتادا في الدقائق الخمس الأخيرة، عندما استبدل سلوت لاعبه محمد صلاح ودفع بجيريمي فريموبغ بدلا منه. هذا التغيير في حد ذاته دليل على التراجع الحاد في مستوى “الملك المصري” هذا الموسم.
شارك فريمبونغ، وتمكن على الفور من مراوغة أحد مدافعي يونايتد بنجاح وصناعة فرصة تسجيل لكودي جاكبو، وهو ما فشل فيه صلاح معظم فترات المباراة.
صلاح كان أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى فوز ليفربول بلقب الدوري في الموسم الماضى، عندما أحرز 29 هدفاً (أي نحو ثلث أهداف فريقه في المسابقة) وصنع 18 هدفاً لرفاقه.
هذا الموسم، يبدو “الملك المصري” في أسوأ حالاته منذ انضمامه للفريق قادماً من روما. أحرز صلاح هدفين (أحدهما من ركلة جزاء) وصنع مثلهما. أهدر أمام تشيلسي عدة فرص للتسجيل. خسر الكرة هذا الموسم 15 مرة، ولم يقم سوى بعملية مراوغة ناجحة وحيدة، وهو ما يضعه ضمن أسوأ 6% من لاعبي الدوري هذا الموسم، بحسب إحصاءات موقع FotMob.
مستوى صلاح الرائع في المواسم السابقة جعل رهان سلوت عليه أمراً حتمياً حتى الآن، لكن معلقين بحجم نجم الريدز الأسبق جيمي كاراغر يطالبون باستبعاده من التشكيلة الأساسية في مباريات الفريق خارج ملعبه.
رحيل ترنت ألكسندر-أرنولد
من هو ظهير ليفربول الأيمن هذا الموسم؟.. آرني سلوت نفسه لا يعرف الإجابة.. تعاقد ليفربول مع فريمبونغ من باير ليفركوزين لتعويض رحيل ترنت ألكسندر-أرنولد إلى ريال مدريد.
لكن نظرة سريعة على تشكيل الفريق هذا الموسم تظهر بوضوح أن ليفربول قد فشل في حل سؤال كيفية تعويض نجمه الراحل الذي اشتهر بتمريراته الطويلة الدقيقة وتمريراته الحاسمة، لدرجة أن سلوت بدأ بلاعب الوسط المجري دومينيك سوبوزلاي كظهير أيمن أربع مرات في جميع المسابقات.
يقول بعض المحللين إن حالة الارتباك في مركز الظهير الأيمن قد أثرت على مردود صلاح الهجومي أيضاً، وذلك بافتقاده لتمريرات ألكسندر-أرنولد.
أياً كان الأمر، فإن فكرة فكرة أن جماهير الفريق كانت تشتكي سابقاً من ضعف ألكسندر-أرنولد الدفاعي تبدو اليوم مضحكة.
معضلة الظهير الأيسر في صفوف ليفربول
جاء ميلوش كيركيز إلى ليفربول ليشارك بصورة أساسية منذ البداية. ولم لا؟.. ضم ليفربول الظهير الأيسر من بورنموث مع خبرة لا بأس بها في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو ما يعني أنه ليس بحاجة للتأقلم مع المسابقة. لكن يبدو أنه بحاجة لوقت للتأقلم مع ليفربول.
لا تظهر الأرقام مشكلة كارثية الدولي المجري، لكنها لا تمنح المتابعين سببا قويا لترك آندي روبرتسون على دكة البدلاء أيضاً. كان كيركيز نقطة ضعف واضحة أمام بورنموث في المباراة الافتتاحية للدوري، وثغرة واضحة امام تشيسلي حتى تم استبداله. بصورة عامة تمكن المنافسون من تجاوزه أربع مرات هذا الموسم في الدوري، وهو ما يضعه في الثلث الأخير من لاعبي المسابقة بحسب FotMob.
مع مشكلة الظهير الأيمن، يبدو تذبذب أداء كيركيز مشكلة أخرى للهولندي سلوت، خاصة مع تراجع مستوى قلبي الدفاع أيضاً.
أين اختفى أليكسيس ماك أليستير؟
كان أليكسيس ماك أليستير أحد المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي خلال الموسم الماضي، لكنه بات يبدو ظلا باهتا لذلك النجم الذي كان يفرض إيقاع المباريات بذكاءه وتمريراته الدقيقة.
من المؤكد أن لاعب الوسط الأرجنتيني مازال يحاول التخلص من آثار الإصابة التي لاحقته مع فوز الريدز بالدوري والتي أثرت على فترة إعداده خلال الصيف. كان ذلك واضحاً في مباراة تشيلسي، عندما خسر ماك أليستير الكرة في منتصف الملعب وتسبب في الهدف الأول الذي أحرزه موسيس كايسيدو. هذا ليس خطأه الوحيد هذا الموسم، حيث تشير إحصاءات الدوري إلى تراجع واضح في قدرته على التحكم في سير المباريات.
شارك الأرجنتيني ماك أليستير في سبع مباريات مع ليفربول في الدوري حتى الآن، فشل خلالها في صناعة أو تسجيل أي هدف. كما خسر الكرة في أربع مناسبات، وفاز بأقل من نصف الثنائيات. وما زاد الطين بلة هو قدرة المنافسين على المرور من خلاله بسهولة واضحة في خمس مناسبات، وهو ما يضعه مع الربع الأخير من لاعبي البطولة.
إيزاك بدلاً من إيكيتيكي؟
لا يستحق هوغو إيكيتيكي أن يجلس على دكة بدلاء ليفربول، حتى وإن كان ذلك لإشراك ألسكندر إيزاك. هذا، على الأقل، هو ما تقوله أرقام المهاجمين المنضمان حديثا لصفوف الريدز.
شارك الفرنسي أساسيا في خمس مباريات في الدوري هذا الموسم، أحرز خلالها ثلاثة أهداف، وصنع هدفاً واحداً. إضافة إلى هدفه في كأس الرابطة وآخر في مباراة الدرع الخيرية، ليكون هو هداف ليفربول هذا الموسم في جميع المسابقات.
غير أن هذا لم يعد كافياً لأن يبدأ ايكيتيكي مباريات الفريق منذ انضمام ألكسندر إيزاك من نيوكاسل بعد دراما دامت لعدة أشهر لم يشارك بسببها في فترة الإعداد الصيفية.
هذا الصدأ بدا جليا في مباراة مانشستر يونايتد، عندما فشل في التسجيل خلال انفراد تام مع الحارس. ما دفع سلوت بالمهاجم الفرنسي في الشوط الثاني، فنجح في تنشيط هجوم ليفربول بشكل كبير.
من جهته، يرى واين روني، نجم يونايتد السابق، أن إيكيتيكي يستحق أن يبدأ أساسيا على حساب إيزاك.
المصدر : الشرق رياضة
