أصبحت منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر المناطق نشاطاً في العالم في مجال الطروحات العامة الأولية خلال السنوات الأخيرة، وهي سوق هيمنت عليها حتى الآن الشركات المدعومة من الدولة والشركات العائلية. إلا أن المصرفيين باتوا يرون فرصة جديدة تلوح في الأفق، هي الطروحات المدعومة من صناديق الملكية الخاصة.
يسعى كل من “باركليز” و”الإمارات دبي الوطني كابيتال” إلى الاستفادة من تحوّل أسواق الخليج إلى سوق موثوقة لعمليات التخارج من قبل صناديق الملكية الخاصة، مدعومة بطروحات أولية بلغت قيمتها نحو 50 مليار دولار منذ عام 2022، وتنوع متزايد في القطاعات المدرجة، إلى جانب مشاركة أوسع من المستثمرين المؤسسيين والدوليين. ويمثل هذا التحوّل فرصة محتملة لصناعة تواجه صعوبة في إعادة الأموال إلى المستثمرين في السنوات الأخيرة.
اقرأ أيضاً: طلبات متزايدة على الاكتتابات بالخليج وسط مساعي تنويع الاقتصادات
وقال نيكيتا توركين، رئيس أسواق رأس المال للأسهم في أوروبا الشرقية والوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا لدى “باركليز”: “هناك الآن مناقشات أوسع نطاقاً مع مجموعة متنوعة من المالكين يرون في المنطقة، وخاصة الإمارات، وجهة مجدية للإدراج في البورصة”. وأضاف: “رغم أن عدد الشركات المملوكة لصناديق ملكية خاصة في المنطقة لا يزال أقل مما هو عليه في الأسواق الناضجة، إلا أن النشاط في ازدياد واضح”.
القطاعات المستهدفة
من جانبه، قال هيتش أسربوتا، الرئيس التنفيذي لبنك “الإمارات دبي الوطني كابيتال”، إن البنك أجرى محادثات مبكرة بشأن خروج صناديق الملكية الخاصة من استثماراتها في قطاعات تشمل الأغذية والمشروبات، وتجارة التجزئة، والرعاية الصحية، والخدمات.
لكن إحدى الحالات التي كانت تحظى بمتابعة واسعة تسلط الضوء على التحديات التي تواجه التخارج عبر الطرح العام في الشرق الأوسط.
قامت شركة الإعلانات المبوبة الإلكترونية “دوبيزل” بتأجيل طرحها الأولي قبل يوم واحد فقط من بدء عملية بناء سجل الأوامر في دبي، ما أدى إلى تعطيل خطط “باين كابيتال” (Bain Capital) و”كينغزواي كابيتال بارتنرز” (Kingsway Capital Partners) لبيع حصصهما. ولم تتضح على الفور أسباب هذا التأجيل.
مشاكل السيولة
كما أن محدودية السيولة تظل واحدةً من العوائق. فبالرغم من تزايد الطروحات الثانوية، إلا أن أحجام التداول لا تزال دون مستويات الأسواق المتقدمة.
اقرأ أيضاً: شهية المستثمرين نحو طروحات السعودية تواصل قوتها مع عودة زخم الاكتتابات
قال أسربوتا: “عندما تمتلك الصناديق ما بين 50% إلى 75% من الشركة، ويكون الإدراج المحلي عادةً بنسبة أسهم حرة التداول تتراوح بين 20% إلى 30%، فإنها ستحتاج إلى النظر في جدوى خيارات الخروج المنظمة، مثل البناء المعجل لسجل الأوامر (accelerated book-builds)”.
أضاف: “لا أرى موجة كبيرة من الطروحات المدعومة من صناديق الملكية الخاصة خلال 12 إلى 18 شهراً”، مشيراً إلى أن الصناديق السيادية والمكاتب العائلية توفر بدائل محتملة للخروج.
الصناديق السيادية الخليجية
يتزايد عدد شركات الاستحواذ العالمية التي تنقل عملياتها إلى الشرق الأوسط، في مسعى لتعزيز قربها من الصناديق السيادية التي تدير أكثر من 4 تريليونات دولار، وإلى مسار تدفق الصفقات. فقد قادت “بروكفيلد أسيت مانجمنت” استثمارات كبيرة في كل من “جيمس للتعليم” (GEMS Education) و”نتوورك إنترناشيونال” (Network International)، كما عززت شركات مثل “بريمييرا” (Permira) و”بلاكستون” (Blackstone) و”سي في سي كابيتال بارتنرز” (CVC Capital Partners) و”أرديان” (Ardian) نشاطها الإقليمي.
اقرأ أيضاً: عوائد صناديق الملكية الخاصة تهبط لأدنى مستوى في 15 عاماً
تواجه صناديق الاستحواذ حول العالم ضغوطاً متزايدة للخروج من استثماراتها بعد معاناة في إعادة رأس المال إلى المستثمرين، وسط ارتفاع في تكاليف الاقتراض. وفي مايو الماضي، صرّح رئيس صندوق الثروة السيادي الكويتي، الذي تُقدَّر أصوله بحوالي تريليون دولار، قائلًا: “الملكية الخاصة تواجه مشكلات عميقة”، في إشارة إلى المخاوف المرتبطة بأساليب التقييم في هذا القطاع.
مبادرات خليجية لتسهيل الإدراج
مع ذلك، يمكن لمبادرات مثل منصة “أرينا” في سوق دبي المالي، وسوق “النمو” في أبوظبي، وسوق “نمو” في السعودية، أن تتيح للشركات الصغيرة والمتوسطة اختبار الأسواق العامة.
يرى توركين أن مواءمة قواعد الإدراج المحلية مع المعايير الدولية، مثل السماح بمزيد من المرونة في جمع رؤوس الأموال الصغيرة دون الحاجة إلى موافقات تنظيمية مطولة، سيجعل الأسواق الخليجية أكثر ديناميكية.
كما أشار إلى أن تشجيع مشاركة المستثمرين الأجانب يمكن أن يساهم في تعزيز انضباط التقييمات. وقال: “المستثمرون الدوليون يميلون إلى فرض انضباط أعلى في التقييمات”، مضيفاً أن “البائعين من صناديق الملكية الخاصة عادةً ما يكونون أكثر حساسية لقيمة الطرح من الكيانات الحكومية، لذلك فإن إدارة التوقعات ستكون عاملاً حاسماً”.
المصدر : الشرق بلومبرج
