يُتوقع أن تنخفض تدفقات النفط الروسي إلى المصافي الهندية الكبرى إلى ما يقارب الصفر، بعد أن شكلت دعامة اقتصادية للبلدين خلال السنوات الثلاث الماضية، وذلك عقب فرض الولايات المتحدة عقوبات على عملاقي النفط الروسيين “روسنفت” و”لوك أويل”.
قال تنفيذيون كبار في شركات التكرير طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لحساسية الملف إن القيود الجديدة التي أعلنتها واشنطن الليلة الماضية، وشملت إدراج أكبر المنتجين الروس على القائمة السوداء، ستجعل من شبه المستحيل استمرار هذه التدفقات.
نهاية استيراد الهند للنفط الروسي
بحسب شركة التحليلات “كيبلر” (Kpler)، استوردت الهند هذا العام أكثر من 36% من احتياجاتها النفطية من روسيا، وهو ما يثير حفيظة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ويشكل عقبة في طريق المحادثات التجارية، خصوصاً مع بدء تطبيق الرسوم الجمركية العقابية في أغسطس الماضي.
اقرأ أيضاً: أسعار النفط تقفز بعد العقوبات الأميركية على أكبر منتجي روسيا
لم تكن الهند تاريخياً من كبار مستوردي النفط الخام الروسي، إذ اعتمدت بشكل أساسي على الإمدادات القادمة من الشرق الأوسط. لكن ذلك تغير في عام 2022، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وفرض مجموعة الدول السبع سقفاً سعرياً قدره 60 دولاراً للبرميل، في محاولة لتقليص عائدات الكرملين من النفط دون التأثير في وفرة الإمدادات عالمياً. وبينما تتجنب الهند النفط الخاضع للعقوبات الأميركية من إيران وفنزويلا، كانت الشحنات الروسية مسموحة وأقل كلفة نسبياً، ما أدى إلى قفزة كبيرة في حجم وارداتها من موسكو.
التحرك الأخير من إدارة الرئيس ترمب التي امتنعت سابقاً عن فرض عقوبات مشددة رغم انتقادات علنية من مسؤوليها لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، استهدف بشكل مباشر صادرات النفط من كبرى الشركات الروسية، منهياً فعلياً هذا المسار التجاري، بالتزامن مع عودة مديري شركات التكرير في الهند إلى أعمالهم بعد عطلة ديوالي.
وقد تكون “نيارا إنرجي” (Nayara Energy)، شركة التكرير الهندية المدعومة من “روسنفت”، الاستثناء الوحيد، إذ تعتمد بالكامل على النفط الروسي منذ دخول العقوبات الأوروبية حيّز التنفيذ في يوليو الماضي.
الهند تتجه إلى مصادر بديلة
على المدى القصير، تعني العقوبات الأخيرة أن الطلبات التي كان من المقرّر تقديمها خلال الأسبوع المقبل لشراء شحنات تُحمّل في نوفمبر وتُسلّم في ديسمبر ستتجه معظمها نحو مصادر أخرى. وكانت مفاوضات السوق الفورية على شحنات خام “الأورال” شهدت فتوراً منذ منتصف أكتوبر، بعد تصريح الرئيس دونالد ترمب بأن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي تعهّد بوقف استيراد الخام الروسي، ما دفع المشترين إلى تجنّب عقد صفقات كبيرة.
اقرأ أيضاً: “ريلاينس” الهندية تشتري ملايين البراميل من نفط الخليج لتعويض شحنات روسيا
وقالت فاندانا هاري، مؤسسة شركة التحليلات “فاندا إنسايتس” (Vanda Insights) في سنغافورة، إن “هذه العقوبات قد تدفع المصافي الهندية إلى الانسحاب بوتيرة أسرع بكثير”. وأضافت “ربما يكون الأمر أسهل نسبياً بالنسبة للهند، التي لم تبدأ استيراد النفط الروسي إلا قبل ثلاث سنوات، مقارنة بالصين”.
هزة في قطاع النفط الصيني أيضاً
الهند هي أكبر مشترٍ للنفط الروسي المنقول بحراً، غير أن العقوبات الأميركية الأخيرة هزّت أيضاً أركان قطاع النفط في الصين.
وقالت رايتشل زيمبا، المحللة في “مركز الأمن الأميركي الجديد” (Center for a New American Security) في واشنطن “لا شك أن هذه واحدة من أكثر الخطوات جدّية التي اتخذتها الولايات المتحدة، لكنني أعتقد أن تأثيرها سيُضعف بفعل الانتشار الواسع للشبكات المالية غير المشروعة”. وأضافت “الأمر يتوقّف في النهاية على ما إذا كانت الصين والهند تخشيان من تصعيد إضافي في العقوبات الثانوية”.
ولم ترد شركات التكرير الحكومية في الهند “إنديان أويل كورب” (Indian Oil Corp)، و”بهارات بتروليوم” (Bharat Petroleum)، و”هندوستان بتروليوم” (Hindustan Petroleum)، و”مانغالور للتكرير والبتروكيماويات” (Mangalore Refinery & Petrochemicals) — فوراً على استفسارات بلومبرغ. وغالباً ما تعتمد هذه الشركات على السوق الفورية لشراء الخام.
لم تُجب شركة “ريلاينس إندستريز” التي ترتبط بعقود طويلة الأجل مع “روسنفت”، على طلب التعليق حتى الآن.
كذلك لم يرد ممثلو شركة “نيارا إنرجي” (Nayara Energy) التي تلقت نحو 16% من واردات الهند من النفط الروسي هذا العام على رسالة بريد إلكتروني تطلب منهم التعليق.
المصدر : الشرق بلومبرج
