شركات الطيران العربية من ناقلات وطنية إلى داعم للاقتصاد

شركات الطيران العربية من ناقلات وطنية إلى داعم للاقتصاد

تكتسب شركات الطيران أهمية متزايدة في المنطقة العربية، بالتحول من كونها مجرد ناقلات وطنية إلى داعم مباشر للاقتصادات، حيث يُقدّر أن تتجاوز مساهمة القطاع في الناتج المحلّي لدول الشرق الأوسط 700 مليار دولار خلال أقل من عقدين. 

لكن هذا الدور المتنامي للنقل الجوي يواجه جملة تحديات، بما في ذلك تأخر تسليمات الطائرات وسط اضطرابات سلاسل التوريد والعقبات الإنتاجية التي تعاني منها أكبر مصنعتين “بوينغ” و”إيرباص”، ما يفرض على شركات الطيران في المنطقة تبني استراتيجيات تكيُّف نستعرضها في هذا التقرير، بجانب حصر أهم صفقات شراء الطائرات هذا العام وأكثر الطرازات طلباً.

قطاع الطيران.. دور متزايد بالمنطقة

توقّع تقرير صادر عن “أفييشن بيزنس ميدل إيست” و”جي إي أيروسبيس” أن ترتفع مساهمة قطاع الطيران في الناتج المحلي الإجمالي للشرق الأوسط بأكثر من 150% لتصل إلى 730 مليار دولار بحلول عام 2043، مع تضاعف عدد المسافرين عبر مطارات المنطقة إلى نحو 530 مليون شخص.

خلال السنوات السبع الماضية، تضاعف أثر القطاع في اقتصادات الشرق الأوسط من 130 مليار دولار في 2016 إلى 290 ملياراً في 2023، فيما ارتفع عدد الوظائف المرتبطة به من 2.4 إلى 4 ملايين وظيفة.

اقرأ المزيد: قطاع الطيران العربي مرشح لبلوغ 730 مليار دولار خلال عقدين

أمّا على المستوى العالمي، فبلغت مساهمة الطيران 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023، بدعم 86.5 مليون وظيفة ونقل سلع بقيمة 8 تريليونات دولار، أي نحو ثلث التجارة الدولية.

كان كامل العوضي، نائب الرئيس الإقليمي لأفريقيا والشرق الأوسط لدى الاتحاد الدولي للنقل الجوي “إياتا”، أشار بمقابلة سابقة مع “الشرق” إلى أن الطلب العالمي على السفر يُتوقع أن يرتفع خلال العام الجاري بما يتراوح بين 3% و3.5% مقارنةً بمستويات 2024، بينما سيشهد الشرق الأوسط نمواً أعلى يتراوح بين 4.5% و6.5%، لتقود المنطقة معدلات الارتفاع عالمياً.




في هذا الإطار، تمضي دول المنطقة في تنفيذ مشاريع مطارات ضخمة، تتقدمها السعودية بمطار الملك سلمان الدولي ومطارات البحر الأحمر والعلا والدمام، باستثمارات تتجاوز 100 مليار دولار حتى 2030، إلى جانب مشروع مطار آل مكتوم في دبي بتكلفة 35 مليار دولار.

جولة في المطارات العربية.. استثمارات ضخمة ترسم مستقبل السفر.. تفاصيل أكثر هنا

كما تشمل الخطط الإقليمية توسعة مطارات المغرب استعداداً لكأس العالم 2030، وتوسعة مطار بغداد الدولي في العاصمة العراقية، وتطوير مطاري دمشق حلب وتحويل مطار المزة من عسري إلى مدني في سوريا، وطرح 11 مطاراً مصرياً للقطاع الخاص، وتطوير مطار الكويت الدولي بقيمة 4.34 مليار دولار، ومشروع مطار القليعات الجديد في لبنان.

صفقات طائرات كبرى هذا العام

افتتحت شركة “فلاي أديل” السعودية العام بطلبية مبكرة في أبريل، حين أعلنت عن شراء 10 طائرات من طراز “إيرباص A330neo” مع حقوق شراء 10 إضافية، لتصبح أول ناقلة منخفضة التكلفة في المنطقة تدخل مجال الطائرات عريضة البدن، في خطوة تستهدف التوسّع إلى وجهات طويلة المدى، بحسب “رويترز”.

وخلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط في مايو، تحوّلت المنطقة إلى منصة لعقود ضخمة مع شركة “بوينغ”. ففي الدوحة، وقّعت “الخطوط الجوية القطرية” صفقة تاريخية لشراء 160 طائرة عريضة البدن، تضم 130 من طراز “787 دريملاينر” و30 من “777X”، مع خيارات لشراء 50 طائرة إضافية، لتصبح إحدى أكبر صفقات الطيران التجاري في تاريخ الشركة.

في أبوظبي، أعلنت “الاتحاد للطيران” عن طلب شراء 28 طائرة “بوينغ” من الطرازين نفسيهما بقيمة تقارب 14.5 مليار دولار، ضمن حزمة اتفاقات تجارية أميركية–إماراتية أُبرمت خلال الزيارة. كما وقّعت شركة “أفيليس” (AviLease) السعودية لتأجير الطائرات، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، اتفاقاً مبدئياً مع “بوينغ” لشراء ما يصل إلى 30 طائرة من طراز “737 ماكس”، في صفقة جاءت بالتزامن مع زيارة ترمب للمملكة.

وفي معرض باريس الجوي 2025، غابت “بوينغ” عن توقيع عقود جديدة بسبب تركيزها على تنفيذ الطلبيات المتراكمة وإصلاح مشكلات الجودة بعد حادث “طيران آلاسكا” الذي أفقدها 41% من قيمتها السوقية في عام 2024.

ولذلك، خطفت “إيرباص” الأضواء أثناء المعرض بسلسلة طلبيات كبيرة من شركات المنطقة. فقد طلبت “طيران الرياض” السعودية 25 طائرة “إيرباص A350-1000″، بينما وقعت “أفيليس” صفقة جديدة مع “إيرباص” لشراء 30 طائرة من عائلة “A320neo” و10 طائرات شحن “A350F” مع خيارات توسّع قد تصل إلى 77 طائرة.

في اليوم نفسه، أعلنت “مصر للطيران” عن طلب 6 طائرات “إيرباص A350-900” إضافية، لترفع إجمالي طلبياتها من هذا الطراز إلى 16 طائرة، فيما رسّخت “إيرباص” مكانتها باعتبارها المستفيد الأكبر من المعرض.

وفي يوليو، انضمت “طيران الخليج” البحرينية إلى موجة الصفقات الكبرى، بإعلانها شراء 12 طائرة “بوينغ 787 دريملاينر” مع خيار لست طائرات إضافية، في صفقة تُقدَّر قيمتها بنحو 7 مليارات دولار، وفق “رويترز”. 

أكثر الطرازات طلباً في 2025

هيمنت طائرات “بوينغ 787 دريملاينر” و”777X” و”إيرباص A350″ بجميع نسخها على الطلبيات الجديدة في الشرق الأوسط خلال 2025، إذ تجمع هذه الطرازات بين المدى الطويل واستهلاك الوقود المنخفض بفضل هياكلها المصنوعة من مواد مركّبة خفيفة وأنظمة دفع أكثر كفاءة. ويُعدّ طراز “787 دريملاينر” الأبرز بين الطائرات العريضة بفضل قدرته على الطيران لمسافات تتجاوز 14 ألف كيلومتر مع حمولة كاملة، ما يجعله الخيار المفضل لشركات مثل “الخطوط القطرية” و”طيران الخليج”.

في المقابل، حظيت طائرات “إيرباص A350-900″ و”A350-1000” ونسختها الخاصة بالشحن “A350F” بإقبال متزايد من شركات مثل “طيران الرياض” و”مصر للطيران” و”أفيليس”، لما توفره من مدى تشغيلي يتجاوز 15 ألف كيلومتر وانبعاثات أقل بنسبة تصل إلى 25% مقارنةً بالطرازات الأقدم. كما واصلت عائلة “A320neo” الضيقة جذب الطلب من شركات التأجير والناقلات الإقليمية، بفضل كفاءتها العالية وملاءمتها للرحلات المتوسطة داخل المنطقة.

اضطرابات سلاسل التوريد

يعيش قطاع تسليم الطائرات التجارية حالة اختناق ممتدة، فقد بلغ التراكم العالمي في طلبيات الطائرات التجارية مستوى قياسياً عند 17 ألف طائرة في عام 2024، مقارنةً بمتوسط سنوي بلغ نحو 13 ألف طائرة خلال الفترة ما بين 2010 و2019، وفق تقرير الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) الصادر في أكتوبر 2025 بالتعاون مع شركة الاستشارات “أوليفر وايمان” (Oliver Wyman).

يُشير التقرير إلى أن هذا الارتفاع غير المسبوق يعكس الفجوة المتزايدة بين الطلب القوي على الطائرات الجديدة وقدرة الشركات المصنّعة، مثل “إيرباص” و”بوينغ”، على التسليم ضمن الجداول الزمنية المخطط لها.

اقرأ المزيد: شركات طيران: تأخيرات غير مسبوقة في تسليمات “بوينغ” و”إيرباص”

وأوضح التقرير أن مدة التسليم من تاريخ الطلب إلى التسليم الفعلي ارتفعت إلى نحو 6.8 سنوات في 2024 مقابل 4.5 سنوات فقط في 2018، ما يعني أن شركات الطيران قد تنتظر أكثر من عقد لتوسيع أساطيلها بالوتيرة المطلوبة. 

كما أرجع التقرير هذه الأزمة إلى استمرار اضطرابات سلاسل التوريد التي بدأت منذ جائحة كورونا، إلى جانب التحديات التنظيمية المتعلقة بعمليات الاعتماد للطرازات الجديدة.

ويرى الاتحاد الدولي للنقل الجوي أن تأخيرات الإنتاج ونقص المكونات الحيوية سيكبدان شركات الطيران تكاليف إضافية تتجاوز 11 مليار دولار خلال العام الجاري، تشمل مصاريف الوقود والصيانة وتأجير المحركات وتخزين قطع الغيار.

“إيرباص” تستنزف نقدها بسبب تأخر تسليم الطائرات… القصة هنا

وتُقدّر الدراسة أن شركات الطيران تتحمل نحو 4.2 مليار دولار نتيجة تشغيل طائرات أقل كفاءة في استهلاك الوقود، و3.1 مليار دولار بسبب ارتفاع تكاليف الصيانة، و2.6 مليار دولار في تأجير المحركات، إضافة إلى 1.4 مليار دولار لتخزين المكونات الاحتياطية.

التقرير لفت أيضاً إلى أن المخزون الحالي من الطلبات غير المنفذة يعادل أكثر من 12 عاماً من الإنتاج وفق الطاقة التصنيعية الراهنة، ما يجعل من التحديات الراهنة «عنق زجاجة مزمن» في الصناعة. ويأتي ذلك في وقتٍ ارتفع فيه الطلب العالمي على السفر الجوي بنسبة 10.4% خلال 2024، فيما زادت القدرة الاستيعابية لشركات الطيران بنسبة 8.7% فقط.

شركات الطيران تعيد رسم استراتيجياتها

في ظل النقص العالمي في الطائرات التجارية وتراكم الطلبيات لدى شركتَي “إيرباص” و”بوينغ”، أعادت شركات الطيران في الشرق الأوسط رسم استراتيجياتها التشغيلية للتكيّف مع الواقع الجديد. وتنوّعت المقاربات بين تمديد عمر الأساطيل القائمة، والتوسع في السوق الثانوية، واستئجار الطائرات مؤقتاً لتأمين السعة التشغيلية.

في الإمارات، أعرب رئيس شركة “طيران الإمارات”، تيم كلارك، عن استيائه من بطء شركات التصنيع، قائلاً إنّ “بوينغ” و”إيرباص” تتحمّلان جزءاً من الأزمة، وداعياً إلى تسريع معالجة اختناقات سلاسل التوريد. وتواكب تصريحاته برنامجاً ضخماً أطلقته الشركة لإعادة تأهيل نحو 220 طائرة من أسطولها بقيمة 5 مليارات دولار، يشمل تحديث طائرات “A380″ و”بوينغ 777” لتمديد فترة تشغيلها وتعويض تأخر التسليمات الجديدة، بحسب “رويترز”.

أما “الاتحاد للطيران”، فاختارت حلاً عملياً عبر اللجوء إلى سوق المستعمل، حيث استحوذت على أربع طائرات من طراز “A320” كانت تُشغَّل سابقاً من قبل شركات أخرى لتلبية الطلب الفوري.

“الاتحاد للطيران” تلجأ لسوق المستعمل وسط نقص عالمي في الطائرات… التفاصيل هنا

وفي السعودية، قال الرئيس التنفيذي لشركة “طيران الرياض” في مقابلة مع “رويترز” إن سلاسل الإمداد “تُظهر تحسّناً تدريجياً” لكنها لا تزال تعيق نمو الشركات الجديدة، موضحاً أن الناقلة أرجأت بعض خطط التشغيل الأولى بانتظار استقرار الإمدادات.

كما أعلنت الشركة في أبريل الماضي أنها على استعداد لشراء طائرات كانت موجهة لناقلات الصينية في حال عدم تسليمها، وفق ما نشرته “عرب نيوز”.

 أما “فلاي أديل”، التابعة لمجموعة الخطوط السعودية، فاتخذت موقفاً أكثر حدّة، إذ وصف رئيسها التنفيذي تأخيرات “إيرباص” بأنها “غير مقبولة”، مشيراً إلى أنّ طائرات جديدة لا تزال عالقة في مصانع تولوز، ما اضطر الشركة إلى استئجار طائرات مع طواقمها لتأمين السعة خلال المواسم المزدحمة.

وفي قطر، أعادت “الخطوط الجوية القطرية” تقييم وتيرة توسّعها، مفضّلةً الحفاظ على التوازن المالي والتشغيلي في ظل استمرار اضطرابات الإمداد. وذكرت “فايننشال تايمز” أن إدارة الشركة تركز حالياً على تحسين كفاءة الأسطول القائم وخفض تكاليف الصيانة بدلاً من المضي في طلبيات جديدة كبيرة، في وقتٍ تعمل فيه على إعادة التفاوض بشأن الجداول الزمنية للتسليم مع المصنّعين.

أما “مصر للطيران”، فاتجهت إلى تمديد عقود تأجير طائرات “بوينغ 777-300” لمدة تصل إلى 18 شهراً لتفادي فجوات في السعة التشغيلية، وأطلقت برنامجاً لإعادة تأهيل طائراتها يشمل تحديث المقاعد والمطابخ، في خطوة تهدف إلى إطالة العمر التشغيلي للأسطول حتى تحسن وتيرة التسليمات، وفق ما ذكره موقع “ذا ناشونال”.

سوق استئجار الطائرات تحلق أيضاً

يشهد قطاع تأجير الطائرات في المنطقة نمواً لافتاً، ويتجلى ذلك بشكل خاص في شركة “أفيليس” السعودية. فقد ارتفع حجم محفظتها إلى نحو 200 طائرة مؤجرة إلى 48 شركة طيران عالمية، بحسب بيانات الشركة، ومثلت هذه الخطوة ترجمة لاستراتيجية أكبر ضمن رؤية السعودية 2030، تستهدف جعل المملكة مركزاً إقليمياً للطيران والتأجير، بحسب “رويترز”.

تأتي هذه الدينامية في سياق ضغوط على صناعة الطيران العالمية، من تأخيرات في تسليم الطائرات الجديدة وتصاعد الطلب على حلول بديلة، ما دفع شركات الطيران إلى الاعتماد بشكل أكبر على التأجير. على سبيل المثال، ارتفعت معدلات التأجير بنحو 20% إلى 22% عن مستويات ما قبل الجائحة بسبب نقص المعروض، وفق الوكالة.

رغم أن معظم الصفقات المعلنة حتى الآن تتعلق بشراء طائرات جديدة وليس تأجيرها مباشرة، فإن توسّع شركات التأجير مثل “أفيليس” وتوقيعها طلبات كبيرة من ‎Boeing و‎Airbus (على سبيل المثال طلبية لـ30 طائرة من بوينغ مع خيار 10 أخرى) يعزز القدرة على توفير أساطيل مؤجرة مستدامة مستقبلًا. وبناءً عليه، يُتوقع أن تصبح سوق تأجير الطائرات في المنطقة العربية أحد الأعمدة الرئيسية لنمو الطيران الإقليمي خلال السنوات المقبلة.

هيمنة “بوينغ” و”إيرباص” على السوق

ما تزال هيمنة شركتَي “بوينغ” الأميركية و”إيرباص” الأوروبية مطلقة على سوق الطائرات التجارية العالمية، إذ تحتكران فعلياً فئة الطائرات المتوسطة والعريضة المدى التي تمثل الأساس لعمليات النقل الجوي الدولية. ويعود ذلك إلى قدرتهما الإنتاجية الضخمة وشبكات التوريد الواسعة التي طوّرتها على مدى عقود، إضافة إلى الثقة التنظيمية التي تحظيان بها لدى أغلب الناقلات الكبرى.

طالع أيضاً: طائرة “كوماك” الصينية تحتاج 10 سنوات للحصول على التراخيص الدولية ثم بناء الثقة

في المقابل، تحاول شركات أصغر تضييق هذه الفجوة، من بينها “إمبراير” (Embraer) البرازيلية المتخصّصة في الطائرات الإقليمية، و”إيه تي آر” (ATR) الفرنسية الإيطالية في الطائرات التوربينية. كما تبرز “كوماك” (COMAC) الصينية كمنافس صاعد عبر طائرتها “C919” الموجّهة لمنافسة “737 ماكس” من “بوينغ” و”A320″ من “إيرباص”.

ورغم أن “كوماك” لا تزال في بداياتها دولياً، فإنها تحظى بدعم حكومي هائل وسوق محلية ضخمة تمكّنها من التوسع التدريجي. وتخطط الشركة لزيادة إنتاج “C919” إلى 50 طائرة سنوياً في 2025، مع استهداف إنتاج 150 طائرة سنوياً بحلول 2028.




ويرى ريتشارد أبو العافية، العضو المنتدب لشركة “إيرو داينامك أدفيزوري” (AeroDynamic Advisory)، أن دخول “كوماك” كلاعب ثالث في قطاع تصنيع الطائرات العالمي يدعمه حجم السوق الصينية، التي تُعدّ أكبر سوق منفردة على مستوى العالم وتطلب سنوياً ما بين 200 إلى 300 طائرة.

وتُظهر هذه المحاولات أن تنويع مصادر الطائرات ممكن، لكنه لا يزال بعيداً عن زعزعة الثنائية العالمية التي تتحكم بها “بوينغ” و”إيرباص”، سواء من حيث القدرات التقنية أو الاعتمادات التنظيمية أو شبكة الدعم والخدمات ما بعد البيع.

منافسة إقليمية صحية

تتسع رقعة المنافسة بين شركات الطيران العربية مع دخول لاعبين جدد مثل “طيران الرياض” في السعودية، وتوسع “فلاي دبي” و”العربية للطيران” نحو وجهات جديدة أبعد مدى داخل آسيا وأفريقيا. هذه المنافسة انعكست على مستوى الخدمات والأسعار وتجربة المسافر، إذ تسعى كل شركة لتقديم قيمة مضافة، سواء عبر تحديث الأسطول أو تبني حلول رقمية متقدمة في الحجز والعمليات. وبحسب “إياتا”، تجاوز عدد الرحلات الإقليمية داخل الشرق الأوسط 540 ألف رحلة خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، بزيادة تقارب 17% عن العام الماضي، وهو ما يعكس حيوية الطلب ومرونة القطاع.

في الوقت نفسه، تتسابق الناقلات الكبرى مثل “الخطوط السعودية” و”طيران الإمارات” و”القطرية” على تعزيز مكانتها كمحاور عالمية، من خلال فتح مسارات طويلة جديدة وربط القارات عبر مطارات المنطقة التي أصبحت من بين الأكثر ازدحاماً عالمياً. وتُظهر بيانات “أو إيه جي أفيشن” أن مطارَي دبي والدوحة يحتلان المركزين الأول والثالث في السعة الدولية الأسبوعية حتى أكتوبر 2025، ما يبرز حجم الاستثمار في البنية التحتية والطاقة التشغيلية.

هذه البيئة التنافسية تعزز توقعات تقرير “أفييشن بيزنس ميدل إيست” و”جي إي أيروسبيس” بأن يكون الشرق الأوسط أحد أسرع أسواق الطيران نمواً في العالم خلال العقد المقبل.

المصدر : الشرق بلومبرج