في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية والمناخية حول العالم، يبرز الاقتصاد الأزرق كفرصة استراتيجية لتحقيق تنمية مستدامة ترتكز على الموارد المائية. وتكشف الإحصاءات أن 90% من المدن الساحلية والنهرية تعتمد على المأكولات البحرية، في حين تراهن 86% منها على السياحة المائية، ما يؤكد أهمية هذا القطاع كدعامة اقتصادية حيوية.

لكن هذا الزخم لا يخلو من تحديات بيئية جسيمة تهدد استمرارية مكاسب الاقتصاد الأزرق، إذ ترتبط أنشطته بانبعاثات الكربون وتدهور النظم البيئية، ما يفرض ضرورة التحول نحو ممارسات أكثر استدامة ومرونة.

الدور المحلي في التحول الأزرق

ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن الحكومات المحلية تؤدي دورًا مركزيًا في دعم هذا التحول، من خلال التخطيط الحضري وإدارة الموارد المائية والصرف الصحي. ويؤكد التقرير أن تنسيق السياسات على المستوى المحلي يمكن أن يحدث تأثيرًا ملموسًا في تحقيق النمو الاقتصادي مع الحفاظ على البيئة.

قطاعات رائدة ومحركات للنمو

أظهر مسح عالمي شمل أكثر من 80 مدينة ومنطقة أن المأكولات البحرية والسياحة والنقل المائي هي القطاعات الأبرز التي تقود الاقتصاد الأزرق. وقد تصدّر خلق فرص العمل دوافع هذا النمو بنسبة 90%، يليه النمو الاقتصادي بنسبة 88%، ما يعكس أهمية هذا التوجه في معالجة البطالة وتحقيق التنمية الشاملة.

البيئة والتنوع الحيوي في صميم الاهتمام

لم تغفل المدن المشاركة في المسح الجانب البيئي، إذ رأى 81% من المشاركين أن الحفاظ على التنوع البيولوجي والنظم البيئية يُعد أولوية قصوى. فالموارد الطبيعية كالشعاب المرجانية والأنهار والبحيرات لا تقتصر أهميتها على الجوانب البيئية فحسب، بل توفر خدمات حياتية واقتصادية من الغذاء والحماية من الفيضانات إلى القيمة السياحية والثقافية. وتشير التقديرات الأوروبية إلى أن كل 10 كيلومترات من السواحل تدر ما يقرب من 400 مليار يورو سنويًا من خدمات النظم البيئية.

تهديدات بيئية متصاعدة

ورغم الفرص الواعدة، يُواجه الاقتصاد الأزرق جملة من التحديات البيئية، في مقدمتها النفايات وتلوث المياه بالبلاستيك، كما أشار أكثر من نصف المشاركين في التقرير. أما التغير المناخي فكان على رأس المخاطر لدى 86% من المدن، لاسيما مع ارتفاع مستويات البحار، وزيادة الفيضانات وتآكل السواحل. وتشير التوقعات إلى أن استمرار هذه التهديدات قد يتسبب في تقليص نمو الناتج المحلي الإجمالي للمدن بنسبة تصل إلى 12% بحلول عام 2050.

أرقام تعكس الواقع

  • 90% من المدن الساحلية تعتمد على المأكولات البحرية
  • 86% تراهن على السياحة المائية
  • 90% يرون أن توفير فرص العمل هو المحرك الأول للاقتصاد الأزرق
  • 81% يعتبرون الحفاظ على التنوع البيولوجي أولوية رئيسية
  • كل 10 كيلومترات من السواحل الأوروبية تدر 400 مليار يورو سنويًا
  • أبرز التهديدات: النفايات، التلوث البلاستيكي، وتغير المناخ
  • ارتفاع مستوى البحار قد يؤدي لخسائر تصل إلى 12% من نمو المدن بحلول 2050