انطلقت صباح الخميس في مكتبة محمد بن راشد فعاليات اليوم الأول من الدورة الثانية لقمة دبي الدولية للمكتبات والنشر تحت شعار «مستقبل صناعة النشر»، التي تستمر على مدار 3 أيام، وتجمع القمة أكثر من 80 متحدثًا من 20 دولة، بينهم 5 متحدثين رئيسيين، كما تنظم 48 جلسة نقاشية وحوارية وأكثر من 20 ورشة عمل متخصصة.
حضر الافتتاح عمر سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، مدير عام مكتب رئاسة مجلس الوزراء، ومحمد أحمد المر، رئيس مجلس إدارة المكتبة.
وأكد عمر سلطان العلماء أن الثورة الصناعية التي شهدها العالم على مر العصور سواء كانت الأولى التي عاشها أجدادنا، أو الثانية، أو الثالثة، أو الرابعة التي نعيشها حالياً، ترجع بداياتها الأولى إلى بداية الطباعة عام 1455، مشدداً على أن دولة الإمارات تؤمن بأن كل أداة جديدة تحمل تحديات لكنها تمثل من جهة أخرى منظومة لفرص واعدة جديدة غير مسبوقة.
وقال: إن دولة الإمارات لا تنتظر المستقبل بل تصنعه ولا ترى في المستقبل إلا الفرص، لنمضي بثقة نحو الأمام برؤية واضحة نستلهمها من قيادتنا الرشيدة التي تؤمن بأن تمكين المجتمع هو مفتاح الازدهار والتقدم، مشيراً إلى أن سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، أطلق العام الماضي مشروعاً طموحاً لتدريب مليون شخص في مهارات الذكاء الاصطناعي، في خطوة تجسد التزام دولة الإمارات ببناء مستقبل قائم على تمكين شبابها بالمعرفة وضمان مواكبتهم التطورات العالمية السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأشار عمر سلطان العلماء إلى أهمية المؤتمرات المعرفية المهمة مثل قمة دبي الدولية للمكتبات والنشر، في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم اليوم، والتي لا تهدد الأداء أو الأعمال التقليدية بل تعززها وتكملها، ما يتطلب إطلاق حوارات عالمية هادفة وعصف ذهني مفتوح مع رواد هذا القطاع الحيوي، لترسيخ المعرفة اللازمة لضمان البقاء في صدارة هذه المجالات والإجابة عن التساؤلات التي يفرضها التطور التكنولوجي المتسارع، ومن أهمها الأسئلة الكبرى حول الأخلاقيات والاستخدامات المسؤولة والصحيحة والخاطئة للحرص على تحقيق أقصى استفادة من هذه التقنيات للجميع.
*أرقام
محمد المر،قال خلال كلمته، «نجتمع اليوم لاستشراف مستقبل صناعة النشر في ظل تحولات متسارعة تعيد تشكيل طريقة إنتاج المحتوى وتوزيعه واستهلاكه، وسط تطلّعات عالمية نحو معرفة أكثر شمولاً واستدامة وتأثيراً». وأشار المر إلى أن سوق النشر العالمي، الذي بلغ 151 مليار دولار في 2024، يتجه للنمو ليصل إلى 192 مليار دولار بحلول 2030، بينما يشهد قطاع النشر الرقمي قفزة نوعية من 230 مليار دولار إلى 448 مليار دولار خلال الفترة نفسها، ما يعكس تسارع الاعتماد على التكنولوجيا والابتكار كركائز أساسية في صناعة المحتوى.
وتابع، «أن دولة الإمارات تستثمر بثقة في الإنسان والمعرفة، حيث من المتوقع أن يرتفع حجم سوق النشر المحلي من 260 مليون دولار إلى 650 مليون دولار بحلول 2030، في مؤشر واضح على التزام الدولة ببناء اقتصاد معرفي قائم على الإبداع والابتكار». وأوضح أن مكتبة محمد بن راشد تُجسّد هذا التوجّه من خلال كونها منصة فكرية عالمية تجمع صنّاع المحتوى والناشرين والمبدعين، وتدعم الحوار الحضاري وتعزّز التفاهم بين الثقافات، وتسهم في تطوير البنية التحتية لصناعة النشر والمكتبات على المستويين الإقليمي والدولي.
*تحولات
لفت المر إلى أن القمة تسلّط الضوء على أبرز التحوّلات المؤثرة في القطاع، مثل الذكاء الاصطناعي، والتحوّل الرقمي، والنشر المستدام، ودور الترجمة كجسر للتواصل بين الشعوب. واختتم بالتأكيد على أن مستقبل النشر لن يُبنى بمعزل عن التعاون، بل عبر تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية والتعليمية والإبداعية، معتبرًا أن هذه القمة تمثّل خطوة نوعية نحو صياغة رؤية مشتركة لصناعة نشر أكثر حيوية، قادرة على مواجهة التحديات وصناعة الفرص في آنٍ واحد.
وتناقش القمة عدة محاور رئيسية تشمل: الابتكار، والتكنولوجيا، والتحول، وفنون الكتاب، والمشهد العالمي للنشر، والترجمة، والنشر الهادف، وفن الكتابة، بمشاركة كبرى دور النشر العالمية مثل: بنغوين راندوم هاوس، وسايمون آند شوستر، وهاربر كولينز. كما تسلط الضوء على التحول الرقمي في صناعة النشر، وتوازنها بين النشر التقليدي والرقمي، مع اهتمام خاص بورش العمل التطبيقية التي تنمي مهارات الكتّاب والناشرين في مجالات الترجمة والتحرير والطباعة، وتعزز مفاهيم الاستدامة والممارسات الأخلاقية قي هذ القطاع الحيوي.
*خطوة استراتيجية
في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز المحتوى العربي وتوسيع آفاق المعرفة، أعلنت المكتبة عن إطلاق ذراعها المؤسسية للنشر والترجمة من مختلف اللغات العالمية إلى اللغة العربية، وقد أوضح الدكتور محمد سالم المزروعي، عضو مجلس إدارة المكتبة «أن هذا المشروع يُمثل رؤية مكتبية وثقافية شاملة، تهدف إلى بناء جسر معرفي بين الثقافة العالمية واللغة العربية، مع التركيز على الجودة والاختيار المعرفي الدقيق». وأضاف: «إننا لا نترجَم الكتب فحسب، بل نهدف إلى إثراء الحوار العربي، ودعم البحث، وتمكين القارئ من الوصول إلى الأفضل في شتى الحقول».
*معايير
من جانبه،أشار جمال الشحي، عضو مجلس إدارة المكتبة إلى أن الفريق المختص بالذراع المؤسسية اعتمد معايير صارمة في اختيار الإصدارات الأولى، مراعيًا صلتها بالقضايا المحلية والعالمية، وسعياً لدمج المعرفة العالمية في السياق العربي. كما أوضح أن المشروع واجه تحديات عدة في الترجمة والتصميم وضمان جودتها، لكنه اقتحمها بعزيمة، معتمِدًا على فريق من المختصين والمراجعين الأكفاء.
وتنطلق المكتبة بمجموعة أولى من 9 إصدارات مترجمة إلى اللغة العربية تتناول موضوعات معاصرة في مجالات البيئة، والفضاء، والصحة، والعلوم الإنسانية، وتغير المناخ.
فعاليات
شهدت فعاليات اليوم الأول من القمة عدة جلسات متخصصة بمشاركة مجموعة من الباحثين منها: «الترجمة من العربية إلى الإنجليزية» بمشاركة سعيد حمدان الطنيجي المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية، وإبراهيم علي خادم مدير إدارة التراخيص والمحتوى الإعلامي في مجلس الإمارات للإعلام، والدكتور محمد المزروعي والمترجم السعودي بندر الحربي وغيرهم، كما شهدت فعاليات اليوم الأول مجموعة من ورش العمل المتخصصة التي تستعرض مستقبل النشر الدولي.
المصدر : صحيفة الخليج
