نعمل على أقمار ومركبات فضائية منخفضة التكلفة والوزن

نعمل على أقمار ومركبات فضائية منخفضة التكلفة والوزن

كشف سالم المري، مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء، أن المركز يدرس تطوير وتصنيع جيل جديد من الأقمار الاصطناعية والمركبات الفضائية الصغيرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لا يتجاوز وزنها 100 كيلوغرام، لتكون بديلاً للمركبات التقليدية التي تصل أوزانها إلى طنين وتكلف ما بين 3 إلى 4 مليارات دولار للمهمة الواحدة، كتلك المركبات الفضائية التي تطورها الولايات المتحدة الأمريكية والصين، مشيراً إلى أن هذه النقلة التقنية تسعى إلى تحقيق استكشاف فضائي أكثر كفاءة واستدامة، بالاعتماد على أنظمة ذكية وبرمجيات متقدمة قادرة على قراءة وتحليل البيانات بسرعة غير مسبوقة.

وأوضح أن المركز سيعتمد بشكل كبير خلال المرحلة المقبلة على دمج قدرات الذكاء الاصطناعي في تصميم وصناعة مركبات وأقمار اصطناعية أخف وزناً وأقل تكلفة، وبأيادٍ هندسية إماراتية، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي أصبح عنصراً محورياً في عمليات تطوير الفضاء وتحليل البيانات واتخاذ القرارات التشغيلية.

وأشار المري في مقابلة بثتها «دبي الرقمية» إلى أن الذكاء الاصطناعي أحدث ثورة في تحليل الصور الفضائية، حيث بات بإمكان الأقمار الاصطناعية التي يصنعها المركز التقاط صورة واحدة تستخلص منها مئات المعلومات الدقيقة التي تخدم مختلف القطاعات في الدولة، مثل عدد أشجار النخيل، وصلاحية التربة للزراعة، ومستوى المياه الجوفية، ومؤشرات جودة البيئة، لافتاً إلى أن تحليل ودراسة هذه البيانات كان يحتاج إلى أسابيع في السابق، أما اليوم بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي ينجز ذلك خلال ساعة واحدة.

وأضاف أن مركز محمد بن راشد للفضاء يتبنى حالياً أفكاراً مبتكرة للوصول إلى كواكب أبعد من المريخ بطرق غير تقليدية، مشيراً إلى أن التفكير الإبداعي أصبح جزءاً أصيلاً من ثقافة العمل في المركز، وأن الفرق الهندسية تعمل على تطوير مفاهيم جديدة لاستكشاف الكواكب والنزول على أسطحها بأساليب تختلف عن النهج التقليدي المتبع عالمياً.

وتحدث المري عن أهمية الذكاء الاصطناعي في المهمات الموجهة إلى المريخ، موضحاً أن الإشارة المرسلة من الأرض إلى المريخ تستغرق ساعة كاملة للوصول ومثلها للعودة، ما يجعل التدخل البشري المباشر غير عملي في كثير من الأحيان، ولكن مع استخدام أنظمة ذكية تتيح للمركبات اتخاذ قراراتها ذاتياً في الوقت الفعلي بات الأمر أكثر سرعة، ولا يتم التدخل من الأرض فقط عند الضرورة القصوى، بل وفق بروتوكولات دقيقة ومدروسة.

وأشار إلى أن التطور الكبير في الذكاء الاصطناعي والروبوتات لا يلغي وجود الحاجة إلى رواد فضاء في المستقبل، لافتاً إلى أن وظيفة رائد الفضاء ستبقى قائمة، لأن التدخل البشري يظل ضرورياً في كثير من المهام الحساسة، بينما يمكن الاعتماد على الروبوتات في المهمات التي تنطوي على مخاطر عالية أو تتطلب فترات زمنية طويلة.

وأكد أن مركز محمد بن راشد للفضاء نجح خلال 15 عاماً في توطين صناعة الفضاء، موضحاً أن البداية كانت بثلاثة مهندسين فقط تم ابتعاثهم إلى كوريا الجنوبية لاكتساب الخبرة، واليوم يضم المركز 250 مهندساً ومهندسة إماراتية يعملون في مختلف تخصصات الهندسة، بمتوسط أعمار لا يتجاوز 28 عاماً، وتشكل النساء نحو 50% من الكوادر العاملة، وجميعهم تقريباً من خريجي الجامعات الإماراتية.

وأشار إلى أن المركز أطلق سلسلة من المشاريع الكبرى التي رسخت مكانة الإمارات في مجال الفضاء، بدءاً من الأقمار الاصطناعية المخصصة لتصوير الأرض، مروراً بمشروع «مسبار الأمل» لاستكشاف كوكب المريخ، وصولاً إلى مشروعي «المستكشف راشد 1»، و«المستكشف راشد 2» لاستكشاف سطح القمر، مؤكداً أن المركز يواصل تطوير مركبات فضائية أكثر تقدماً بعد اكتساب الخبرات من التجارب السابقة، ضمن رؤية طويلة المدى تهدف إلى تعزيز حضور الإمارات في قطاع الفضاء العالمي.

وذكر المري أن الأقمار الاصطناعية والتقنيات الفضائية أصبحت عنصراً أساسياً في حياة الإنسان اليومية، موضحاً أن خدمات الملاحة والاتصالات وتوقعات الطقس ومراقبة التغير المناخي تعتمد بشكل مباشر على الأقمار الاصطناعية، ومن دون هذه التقنيات ستبدو الحياة مختلفة تماماً، فهي التي تمكننا من الاتصال، والتنقل، ومتابعة أحوال الطقس والبيئة حولنا.

100 يوم

وأكد مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء أن إنجازات الإمارات في مجال الفضاء وما حققته من قفزات نوعية خلال السنوات الماضية لم تكن صدفة، بل جاءت بفضل رؤية القيادة الرشيدة التي جعلت مشروع الفضاء أحد أعمدة نهضة الدولة المستقبلية.

واستعاد المري واحدة من اللحظات المفصلية في مسيرة المركز، حين زار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، مركز محمد بن راشد للفضاء عقب نجاح إطلاق القمر الصناعي «دبي سات 2».

وقال: «كانت فرحتنا بنجاح «دبي سات 2» لا توصف، فقد كان ثمرة خمس سنوات من العمل والتحدي، وشعور الفريق بالفخر كان عظيماً، لكن سموه نظر إلى الإنجاز من زاوية أبعد، واعتبره مجرد بداية لطموحات أكبر».

وخلال جولته بين أقسام المركز، وشكره لفريق العمل توجّه سموه إلى الفريق بسؤال غير متوقع: «هل تستطيعون الوصول إلى المريخ؟»، ويصف المري تلك اللحظة قائلاً: «كان السؤال مفاجئاً للجميع، فالمشروع لم يكن ضمن خططنا في ذلك الوقت، وكان طموحاً يتجاوز ما كنا نعمل عليه، لكن نظرة سموه كانت مختلفة؛ نظرة قائد يرى المستقبل قبل الآخرين».

ويضيف: «وجّه سموه لنا تحدياً واضحاً: أمامكم 100 يوم فقط لإعداد دراسة متكاملة حول المهمة إلى المريخ وما تستطيعون تحقيقه. وعلى الرغم من ضيق الوقت، قبِل الفريق التحدي مدفوعاً بثقة القيادة وإيمانها بقدرات الكوادر الوطنية».

المصدر : البيان