قال هيثم الغيص، الأمين العام لمنظمة “أوبك”، إن قرار تحالف “أوبك+” بوقف زيادات الإنتاج خلال الربع الأول من 2026 منطقي جداً في ظل العوامل الموسمية، مضيفاً أن سوق النفط تشهد حالة من الاستقرار والتوازن بفضل جهود و”تضحيات” التحالف.
“هذا قرار منطقي وطبيعي جداً. الطلب ليس ثابتاً خلال السنة هناك مواسم يكون فيها زيادة في الطلب وأخرى تشهد انخفاضاً، قد يكون بسبب صيانة مصافي التكرير وعادة هذا ما يحدث في الربع الأول” على حد قوله خلال مقابلة مع “الشرق” على هامش مؤتمر “أديبك” المنعقد في أبوظبي.
وافق تحالف “أوبك+” مطلع الأسبوع الجاري على زيادة إضافية لإنتاج النفط بمقدار 137 ألف برميل يومياً بدءاً من ديسمبر المقبل، مع تجميد الزيادة المقررة في الربع الأول نظراً لعوامل موسمية.
وأضاف الغيص: “هذا القرار يفهمه صناع القرار والمهتمون بالشأن النفطي، لكننا مع ذلك نجتمع بشكل شهري لمراقبة الوضع”.
سوق النفط متوازنة ومستقرة
واعتبر الأمين العام أن أسواق النفط “في حالة من الاستقرار والتوازن. مجهوداتنا وتضحيات الدول المشاركة في الاتفاق، إن جاز التعبير، كان لها أثر إيجابي على استقرار أسعار النفط”.
بعد صعودها على مدى أربعة أيام، انخفضت أسعار النفط اليوم الثلاثاء ليجري تداول خام “برنت” لعقود يناير قرب 65 دولاراً للبرميل، بينما استقر خام “غرب تكساس الوسيط” دون 61 دولاراً.
ورفع بنك الاستثمار العالمي “مورغان ستانلي” توقعاته على المدى القصير لأسعار النفط الخام عقب قرار تحالف “أوبك+” تعليق زيادة الإنتاج.
توقعات “أوبك” للنمو مبنية على حقائق
وبشأن توقعات النمو، أكد الغيص تفاؤل المنظمة حيال نمو الاقتصاد العالمي، لاسيما في الصين والهند، ما يدعم توقعاتها بنمو الطلب 1.3 مليون برميل يومياً للعامين الجاري والمقبل.
اقرأ أيضاً: توقعات أوبك لنمو الطلب على النفط للعامين الحالي والمقبل دون تغيير
وأضاف “أرقامنا تشير إلى بيانات إيجابية. النمو يأتي من الصين والهند حيث لا يزال الاقتصاد هناك ينمو بشكل متسارع. أعتقد أن بياناتنا على الجانب الصحيح واليوم تحدثنا مع بعض المحللين والمستثمرين هنا في المؤتمر (أديبك)، وتبين أن بعض الجهات الأخرى قد تكون مبالغة في تخفيض توقعاتها لنمو الطلب، وأتوقع بنهاية العام أن يبدأ الآخرون في تصحيح أرقامهم”.
كانت وكالة الطاقة الدولية قد خفضت منتصف الشهر الماضي توقعاتها للطلب العالمي على النفط في العام المقبل، في ظل التأثيرات السلبية للرسوم التجارية على الآفاق الاقتصادية الكلية، وتسارع التحول نحو السيارات الكهربائية.
وقال الغيص: “لا أستطيع تفسير الأساس المبنية عليه أرقام وكالة الطاقة، لكن كل جهة لها نظامها في جمع البيانات ووضع التوقعات وطبعاً افتراضات.. هم افتراضاتهم سلبية جداً ومتشائمة وقد تكون موجهة نوعاً ما”.
اقرأ أيضاً: وكالة الطاقة تخفض توقعات الطلب العالمي على النفط في 2026
وأضاف: “هناك بوادر ومحاولات دائماً لحل أي خلافات تجارية أو مشاكل حول التعريفات الجمركية، بين الأطراف مثل الصين والولايات المتحدة، لأنه ليس في مصلحة أحد في العالم أن ينخفض النمو الاقتصادي العالمي. نحن في أوبك دائماً نبني توقعاتنا على الوقائع والحقائق وليس على عناوين الصحف”.
“لدينا برامج حوار فني مفصل مع مثلاً الهند والصين والاتحاد الأوروبي وروسيا وأفريقيا، بالتالي نجمع البيانات من هذه المصادر مباشرة وليس بناء على توجه أيدولوجي معين”.
طلب قوي في الصين
تشير بيانات “أوبك” إلى أن الصين لا يزال بها طلب قوي على النفط، بحسب الأمين العام الذي أضاف أن بكين لا تشتري النفط لمجرد ملء المخزون الاستراتيجية، وإنما بسبب الطلب من قطاعات البتروكيماويات والطيران الداخلي والبناء.
ورداً على سؤال عن احتمال اتجاه أكبر مستهلك للنفط في العالم لشراء المزيد من الخام من الولايات المتحدة بعد انحسار التوترات التجارية، لفت الغيص إلى أن السوق الصينية كبيرة بما يستوعب مشتريات من أكثر من مصدر والحكومة الصينية هي من تقرر ممن تشتري النفط، موضحاً أنها تستورد 60% من احتياجاتها من دول “أوبك”.
واقعية حول مستقبل الطاقة
رحب الغيص بما أسماه تغيراً في النبرة العالمية حول مستقبل الطاقة إلى مزيد من الواقعية والعملية، كما يظهر في الرسائل التي تضمنها مؤتمر “أديبك”.
وأضاف أن الرسائل الصادرة عن المؤتمر هذا العام تتماشى مع ما تقوله “أوبك” دائماً حول ضرورة التخلي عن فكرة أن مصدراً واحداً فقط للطاقة سيلبي احتياجات العالم.
وقال: “مزيج الطاقة مهم. ويجب أن يستثمر العالم في جميع مصادر الطاقة. النفط والغاز سيظلان مصدرين أساسيين لنمو الاقتصاد العالمي”.
“الوعي يزيد بأهمية الاستثمار في النفط والغاز نظراً لأهميتهما كسلعة حيوية لجميع القطاعات الاقتصادية بما فيها الطيران والنقل والتخزين والشحن البحري والأغذية والأدوية. كل القطاعات تحتاج إلى النفط ولو كان بشكل غير مباشر فهي تحتاج إلى مشتقات النفط ومشتقات بتروكيماوية”.
المصدر : الشرق بلومبرج
