أعلنت لجنة الانتخابات الجزائرية أن نسبة المشاركة في عمليات التصويت بالانتخابات الرئاسية بلغت 48.3 في المئة للداخل و19.57 في المئة للخارج.
وكانت نسبة المشاركة قد بلغت 40 في المئة في الانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت عام 2019.
وبدأت عملية فرز الأصوات في انتخابات الرئاسة الجزائرية بعد أن أدلى الناخبون بأصواتهم السبت في انتخابات ينتظر أن يفوز فيها الرئيس عبدالمجيد تبون بولاية ثانية ويكمن رهانها الأكبر في نسبة المشاركة.
وعند الساعة الخامسة بعد الظهر (12:00 بتوقيت غرينيتش)، أعلن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في الجزائر محمد شرفي أن نسبة المشاركة بلغت 26.46 في المئة للداخل و18.31 في المئة للخارج.
ولدى افتتاح مراكز الاقتراع كان المسنون، بخاصة من الرجال أول الوافدين. ومع بداية الظهيرة، بدأت النساء الخروج للتصويت، وكان من المنتظر أن تنتهي عملية التصويت عند السابعة مساء (18:00 بتوقيت غرينيتش)، إلا أن الهيئة قررت مدها حتى الثامنة مساءً، إذ بدأت عملية فرز الأصوات على أن تعلن رسمياً النتائج الأحد.
لكن الفائز يبدو “معروفاً مسبقاً”، وفق ما علق أستاذ العلوم السياسية محمد هناد عبر “فيسبوك”، مشيراً إلى أن ذلك يأتي “بالنظر إلى نوعية المرشحين وقلة عددهم غير العادي وكذلك الظروف التي جرت فيها الحملة الانتخابية التي لم تكُن سوى مسرحية للإلهاء”.
ثلاثة مرشحين
ويخوض الانتخابات ثلاثة مرشحين أبرزهم عبدالمجيد تبون (78 سنة)، ويحظى الرئيس المنتهية ولايته بدعم أحزاب الغالبية البرلمانية وأهمها جبهة التحرير الوطني، الحزب الواحد سابقاً، والحزب الإسلامي حركة البناء الذي حل مرشحه ثانياً في انتخابات 2019، مما يجعل إعادة انتخابه أكثر تأكيداً.
ولم يشِر تبون ضمن تصريحه عقب التصويت في مركز أحمد عروة بالضاحية الغربية للعاصمة، إلى نسبة المشاركة وضرورة التصويت بقوة كما فعل منافساه، وقال “أتمنى أن تجري الأمور بكل ديمقراطية. هذه الانتخابات مفصلية لأن من يفوز بها عليه مواصلة مسار التنمية الاقتصادية للوصول إلى نقطة اللارجوع وبناء الديمقراطية”.
وينافسه مرشحان هما رئيس حركة مجتمع السلم الإسلامية عبدالعالي حساني شريف (57 سنة)، وهو مهندس أشغال عمومية، والصحافي السابق رئيس جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش (41 سنة)، وهو أقدم حزب معارض في الجزائر يتمركز في منطقة القبائل بوسط شرقي البلاد.
وأدلى حساني شريف بصوته في مكتب بحي تيليملي في العاصمة، ودعا ضمن تصريح إلى وسائل الإعلام “الشعب الجزائري إلى التصويت بقوة لأن ارتفاع نسبة المشاركة من شأنها تثبيت شرعية هذه الانتخابات”، معرباً عن أمله في أن “تكون الانتخابات من دون إكراهات كما عرفنا في السابق” وقال “اتركوا الحرية للشعب”.
ووجّه يوسف أوشيش بدوره “رسالة إلى الجزائريات والجزائريين الذين لم يصوتوا للخروج بقوة من أجل الإسهام في صناعة مستقبلكم”.
وكان مقرراً إجراء هذه الانتخابات عند انتهاء ولاية تبون في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لكنه أعلن في مارس (آذار) الماضي تنظيم اقتراع رئاسي مبكر في السابع من سبتمبر (أيلول) الجاري.
وأكد مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف الجزائري حسني عبيدي أن تبون يرغب في “مشاركة مكثفة، فهذا هو الرهان الأول، إذ لم ينسَ أنه انتخب عام 2019 بنسبة مشاركة ضعيفة، ويريد أن يكون رئيساً طبيعياً وليس منتخباً بصورة سيئة”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشهدت الانتخابات التي حملته إلى كرسي الرئاسة قبل خمسة أعوام عزوفاً قياسياً بلغ 60 في المئة، إذ كانت تظاهرات “الحراك” العارمة المطالبة بالديمقراطية لا تزال في أوجها، وحصل تبون في تلك الانتخابات على 58 في المئة من الأصوات.
وفي مواجهة شبح عزوف مكثف بالنظر إلى انعدام رهانات هذا الاقتراع، قام تبون ومؤيدوه وكذلك فعل منافساه، بجولات عدة على امتداد البلاد منذ منتصف أغسطس (آب) الماضي ليشجعوا على المشاركة القوية.
لكن مجريات الحملة الانتخابية لم تحظَ سوى باهتمام ضئيل، خصوصاً أنها جرت على غير العادة في عز الصيف وسط حر شديد.
وفي الخارج، بدأ الجزائريون المهاجرون الإدلاء بأصواتهم منذ الإثنين الماضي، وعددهم 865490 ناخباً، بحسب الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات. وأوضحت سلطة الانتخابات أن نسبة المشاركة بين الجزائريين في الخارج بلغت 14.5 في المئة حتى العاشرة صباح السبت، وخصصت كذلك مراكز اقتراع متنقلة للقاطنين في المناطق النائية داخل البلاد.
قضايا داخلية وخارجية
ركز المرشحون الثلاثة خطاباتهم أثناء الحملة الانتخابية على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، متعهدين العمل على تحسين القدرة الشرائية وتنويع الاقتصاد ليصبح أقل ارتهاناً بالمحروقات التي تشكل 95 في المئة من موارد البلاد بالعملة الصعبة.
وعلى المستوى الخارجي، أجمع المرشحون على الدفاع عن القضية الفلسطينية وعن استقلال الصحراء الغربية الذي تنادي به جبهة “بوليساريو” والجزائر في مواجهة المغرب.
ووعد تبون، مستنداً إلى حصيلة اجتماعية واقتصادية محسنة، بزيادات جديدة في الأجور ومعاشات المتقاعدين وتعويضات البطالة وببناء مليوني مسكن، فضلاً عن زيادة الاستثمارات لإيجاد 400 ألف فرصة عمل وجعل الجزائر “ثاني اقتصاد في أفريقيا” بعد جنوب أفريقيا.
وفي ختام حملته الانتخابية بالجزائر العاصمة، تعهد الرئيس الذي يلقبه بعضهم في مواقع التواصل الاجتماعي بـ”عمي تبون”، إعطاء الشباب “المكانة التي يستحقونها”، علماً أنهم يمثلون نصف سكان البلاد وثلث الناخبين، وقال إنه يريد استكمال تنفيذ مشروع “الجزائر الجديدة”، معتبراً أن ولايته الأولى واجهت عقبة جائحة كورونا.
في المقابل، تعهد منافساه منح الجزائريين مزيداً من الحريات، إذ أعلن أوشيش التزامه “الإفراج عن سجناء الرأي من خلال عفو رئاسي ومراجعة القوانين الجائرة”.
أما حساني شريف، فدافع عن “الحريات التي تم تقليصها إلى حد كبير خلال الأعوام الأخيرة”، بعد تراجع زخم “الحراك” الذي أطاح عام 2019 بالرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة الذي أمضى 20 عاماً في الرئاسة وتوفي في 2021.
وكانت منظمة العفو الدولية (أمنستي) غير الحكومية أعربت في بيان الإثنين الماضي عن قلقها، إذ قالت “شهدت الجزائر خلال الأعوام الأخيرة تدهوراً مطّرداً لوضع حقوق الإنسان، ومن المثير للقلق أن الوضع لا يزال قاتماً مع اقتراب موعد الانتخابات”، وتحدثت المنظمة في فبراير (شباط) الماضي عن “قمع مروع للمعارضة السياسية”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية