بدأ ملايين الناخبين في “أفقر ولاية هندية”، الخميس، الإدلاء بأصواتهم في انتخابات تُعد بمثابة اختبار لمدى الدعم الذي يحظى به رئيس الوزراء ناريندرا مودي، بعد عام شهد الكثير من الاضطرابات خلال ولايته، وفق “بلومبرغ”.
ويسعى حزب “بهاراتيا جاناتا” الحاكم في ولاية بيهار، والذي يدير الولاية في إطار ائتلاف مع أحزاب إقليمية، إلى الحفاظ على سيطرته على المجلس التشريعي المؤلف من 243 مقعداً، وتُجرى الانتخابات على مرحلتين في 6 و11 نوفمبر الجاري، على أن تُعلن النتائج في 14 من الشهر نفسه.
وتُعد هذه الجولة الانتخابية حاسمة بالنسبة لمودي لإعادة ترسيخ نفوذه بعد أكثر من عام على بدء ولايته الثالثة في الحكم. وقد واجه خلال الأشهر الأخيرة سلسلة من التحديات، بدءاً من مواجهة مسلحة استمرت 4 أيام مع باكستان، مروراً بانهيار العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، والذي يضغط على آفاق النمو الاقتصادي، وصولاً إلى تصاعد الانتقادات من المعارضة التي كثفت اتهاماتها للحكومة بالتلاعب في الانتخابات.
وقال المحلل السياسي المتخصص في شؤون جنوب آسيا في “مركز الدراسات الدولية” (CERI) البحثي التابع لجامعة ساينس بو في باريس، جيل فيرنييه: “هم في حاجة ماسة لتحقيق فوز الآن لمواجهة الانطباع المتزايد بأن الأمور بدأت تخرج قليلاً عن السيطرة بالنسبة للحكومة”.
وأضاف: “تكتسب السياسة الانتخابية أهمية؛ لأن أي فوز يمكن استثماره لتبديد هذا الانطباع السلبي المتنامي إزاء ولايته الثالثة”.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة 07:00 صباحاً بالتوقيت المحلي، فيما نشر مودي رسالة عبر منصة “إكس” دعا فيها الناخبين إلى المشاركة بـ”حماس”، وتنتهي عملية التصويت الساعة 06:00 مساءً بالتوقيت المحلي في معظم الدوائر، وفقاً لمسؤول في الهيئة الانتخابية.
ولاية حاسمة
وتحظى ولاية بيهار بتأثير واسع في السياسة الوطنية؛ نظراً لعدد سكانها البالغ 127 مليون نسمة، أي ما يعادل عدد سكان المكسيك، وتملك الولاية 40 مقعداً من أصل 543 في مجلس النواب الهندي.
ويخوض حزب “بهاراتيا جاناتا” الانتخابات في تحالف مع حزب “جاناتا دال” (حزب الشعب) بقيادة رئيس الوزراء المحلي نيتش كومار، الذي يتمتع بنفوذ كبير في السياسة الإقليمية، واستند التحالف في حملته إلى برامج رعاية اجتماعية ومشروعات بنية تحتية لاستقطاب الناخبين.
وفي المقابل، يقود رئيس حزب “المؤتمر الوطني الهندي” راهول غاندي والسياسي الإقليمي تيجاسوي ياداف حملة المعارضة، حيث ركزا على ضعف خلق فرص العمل، وانتقدا إدارة مودي للصراع مع باكستان وعدم نجاحه في توقيع اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، كما اتهمت المعارضة الحزب الحاكم باستخدام الوكالات الفيدرالية للتأثير في الانتخابات، وهو ما نفاه “بهاراتيا جاناتا”.
ماذا تقول استطلاعات الرأي؟
أظهرت استطلاعات الرأي تقدماً طفيفاً لتحالف الحزب الحاكم على المعارضة، وأشار استطلاع لوكالة استطلاعات الرأي “سي-فوتر” (C-Voter) إلى تفوق الائتلاف بفارق 5.2 نقطة مئوية، غير أن الاستطلاعات الانتخابية غالباً ما تكون غير دقيقة في الهند، وقد أخطأت في تقدير نتائج الانتخابات الوطنية العام الماضي، بحسب “بلومبرغ”.
وسعى مودي إلى استمالة الناخبين عبر برامج الدعم النقدي، خصوصاً للنساء. ففي إحدى المناسبات الانتخابية الأسبوع الماضي بمدينة مظفر بور، ركز مودي جزءاً كبيراً من خطابه أمام آلاف المؤيدين على برامج الرعاية الحكومية.
ومع بطالة وهجرة واسعة تشكلان محور هموم الناخبين، ركز مودي على المساعدات المالية المليونية المقدمة للنساء والمزارعين، ودعم الغاز المنزلي، وتوفير الحبوب الغذائية مجاناً، كما أعلن مؤخراً منح 10 آلاف روبية (113 دولاراً) لـ13 مليون امرأة في بيهار.
أفقر ولايات الهند
وتعد الولاية، الواقعة على الحدود مع نيبال، الأفقر في الهند، إذ بلغ متوسط دخل الفرد فيها 32 ألفاً و227 روبية (364 دولاراً) في السنة المالية المنتهية في مارس 2024، مقارنة بمتوسط وطني يبلغ نحو 107 آلاف روبية.
ونظراً لقلة فرص العمل، يضطر عدد كبير من سكان الولاية إلى الهجرة بحثاً عن فرص عمل في مناطق أخرى، وبلغ معدل البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً في بيهار 29.62% في عام 2022، وهو مستوى يفوق بكثير المعدل الوطني، وفق بيانات حديثة لمنظمة العمل الدولية.
وتسعى المعارضة للاستفادة من أزمة البطالة عبر التعهد بتوفير وظيفة حكومية لكل أسرة في الولاية، بينما تعهد تحالف الحزب الحاكم بخلق أكثر من 10 ملايين فرصة عمل، وتقديم مزيد من الدعم النقدي في حال إعادة انتخابه.
وقال سارثاك باجتشي، المحلل السياسي في أحمد آباد، إن الهبات الانتخابية تتيح للحكومة الهروب من بعض المساءلة عن الوعود غير المنجزة، كما أنها تمنح الحزب الحاكم أفضلية كبيرة باعتباره الطرف القادر على توفيرها.
واجتمع كبار قادة حزب “بهاراتيا جاناتا”، وحلفائهم، الأسبوع الماضي في أحد فنادق بيهار لإطلاق برنامجهم الانتخابي، وتحفيز الناخبين.
وقال دارمندرا برادان، الوزير في الحكومة الفيدرالية والمشرف على الحملة الانتخابية، إن تحسن الأمن العام في الولاية ساهم في جذب المزيد من الاستثمارات.
المصدر : الشرق
