الأسرة مدرسة الابتكار الأولى | صحيفة الخليج

الأسرة مدرسة الابتكار الأولى | صحيفة الخليج

تشكل الأسرة الحاضنة الأولى لبذرة الإبداع، وإن الأفكار والمبادرات الصغيرة داخلها يمكن أن تتحول إلى ممارسات مجتمعية فاعلة تسهم في نشر ثقافة الابتكار وتنمية المهارات وتعزيز التعاون بين الأجيال.

جاء ذلك خلال ندوة بعنوان «الإبداع الأسري ودوره في تنمية المجتمع»، نظمتها جمعية الاجتماعيين الإماراتية ضمن معرض الشارقة الدولي للكتاب، وشارك فيها كل من الدكتور أسامة عبدالباري، الأستاذ في كلية الآداب والعلوم بجامعة أم القيوين، والدكتورة إيناس خليل إبراهيم، الأستاذة بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة الفجيرة.

وأوضح الدكتور أسامة عبدالباري أن الإبداع يعني القدرة على إنتاج أفكار جديدة تتجاوز الأطر التقليدية، وأشار إلى أن المجتمعات الحديثة، في ظل التحولات المتسارعة، لم تعد قادرة على مواكبة التغير من خلال الفكر التقليدي وحده، بل تحتاج إلى تفكير مرن ومسارات أكثر ابتكاراً.

وأشار إلى أن الإبداع، وإن كان فعلاً فردياً في جوهره، فإنه لا يمكن أن يزدهر من دون بيئة اجتماعية داعمة، قائلاً: «المبدع يحتاج إلى وسط يحتضنه ويوفر له الظروف الملائمة للنمو، وهنا تبرز الأسرة بوصفها البيئة الأولى التي يتشكل فيها الوعي الإبداعي، لينتقل بعدها إلى المجتمع الأكبر، في دورة تكاملية تغذي المناخ العام وتشجع على ظهور مبدعين جدد». وتوقف عبدالباري عند أبرز التحديات التي تواجه الأسرة في تبني ممارسات حديثة تدعم التفكير الإبداعي لدى الأبناء، وأشار إلى أن هذه التحديات تتوزع بين سرعة الإيقاع الحياتي المعاصر وضغوط العمل والتعليم، وضعف التواصل داخل بعض الأسر، إلى جانب غياب الوعي بأهمية البيئة المحفزة التي تقوم على النقاش والانفتاح، وبيّن أن التغلب على هذه العقبات يتطلب وعياً تربوياً جديداً، يعيد للأسرة دورها كمصدر إلهام وتوجيه لا كمجرد مؤسسة روتينية لإدارة الحياة اليومية.

سمات

من جانبها تحدثت الدكتورة إيناس خليل إبراهيم حول سمات الأسرة المبدعة، مؤكدة أن الأسرة التي تمتلك القدرة على التجديد وحل المشكلات بروح منفتحة هي نواة مجتمع مزدهر، فالأسرة المتعلمة والمثقفة، القادرة على تطوير ذاتها، هي التي تُنشئ جيلاً قادراً على التفكير النقدي والتعامل مع تحديات العصر.

وتوقفت الدكتورة إيناس عند أهمية التنظيم الإداري داخل الأسرة، موضحة أن التخطيط وإدارة الوقت وتوزيع الأدوار داخل البيت ليست مجرد تفاصيل يومية، بل هي ممارسات تزرع في الأبناء الانضباط والمسؤولية والإحساس بالانتماء، وتخلق بيئة مستقرة تُحفّز على الإبداع.

وشددت في ختام حديثها على أن الحوار الأسري بات ضرورة ملحة في زمن التكنولوجيا المتسارعة، داعية إلى تخصيص جلسات دورية داخل الأسرة للحوار المفتوح وتبادل الآراء والأفكار، وذهبت أبعد من ذلك عندما أشارت إلى أهمية جلسات العصف الذهني المنزلية التي تُشجع أفراد الأسرة على طرح أفكار بلا قيود، في مناخ من الثقة والأمان النفسي، وقالت: «التربية القائمة على ما أسميه المقاس الشخصي، هي التي تضمن تفتُّح قدرات الطفل، فكل ابن له طاقاته واهتماماته الخاصة التي يجب احترامها وتنميتها».

المصدر : صحيفة الخليج