يحرص جناح بيت الحكمة في كل دورة من معرض الشارقة الدولي للكتاب، على عرض وثائق ومقتنيات تعكس دوره الريادي كمؤسسة ثقافية تجمع بين المعرفة والتراث والبحث العلمي، وتؤكد رسالة الشارقة في بناء جسور التواصل بين الشعوب والحضارات، ويقدم مجموعة متميزة من المخطوطات النادرة، التي تؤرخ للتفاعل الحضاري بين الثقافتين العربية واليونانية، احتفاء بحلول دولة اليونان ضيف شرف للدورة الرابعة والأربعين من المعرض.
يضم جناح البيت مجموعة قيّمة من الوثائق التي تروي قصة التفاعل الثقافي بين الحضارتين العربية واليونانية، في عدة مجالات كالفلسفة والمنطق والطب والهندسة والحساب، وجميعها من مقتنيات دار المخطوطات في إمارة الشارقة، حصلت عليها كإهداء كريم من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
ويحتوي الجناح على نسخة نادرة من الطبعة الأولى من أعمال الفيلسوف والطبيب أبي علي الحسين بن علي ابن سينا، «أبو الطب الحديث في العصور الوسطى»، والتي طبعت في 1001هـ/ 1593م في إيطاليا، وتضم خمس مؤلفات طبية كبرى، إلى جانب كتاب النجاة المشتمل على المنطق والطبيعيات والإلهيات، وكانت ضمن مقتنيات الإمبراطور نابليون بونابرت.
ويعرض الجناح «الرسالة الحاتمية فيما وافق المتنبي في شعره أرسطو في الحكمة» التي ألفها محمد بن الحسن البغدادي الحاتمي في عام ( 388هــ / 998م)، وهي تسلط الضوء على أوجه التشابه بين الحكمة الفلسفية في شعر المتنبي وفلسفة أرسطو، بوصفها دراسة نقدية تكشف عمق أدب المتنبي واطلاعه على التراث الفلسفي، ولا سيما فلسفة أرسطو، بهدف إحياء الصلة بين أمتنا وإرثها الفكري العريق.
وتشمل المعروضات الطبعة الأولى من أصول الهندسة والحساب لأوقليدس التي حررها نصير الدين محمد الطوسي عام 646هـ / 1248م، بعنوان «تحرير الأصول لأوقليدس»، وهي مقسمة على 15 مقالاً، مع نسب المقالتين الأخيرتين إلى عالم الفلك والرياضيات إبسقلاوس السكندري (النصف الأول من القرن الثاني قبل الميلاد). وتمت طباعة هذا الكتاب عام 1002هـ/1594م في إيطاليا.
وهناك رسالة «في العمل بالكرة الفلكية»، للمؤلف قُسطا بن لوقا البعلبكي (توفي بعد سنة 300هـ / 912م) ونسخه محمد بن مصطفى بن عثمان في عام (1160هـ – 1747م)، وقد تُرجم إلى عدة لغات نظراً لقيمته العلمية البارزة كونه يعد مرجعاً فريداً من العصور الوسطى، يجمع بين النظرية الفلكية والتطبيق العملي، مع شرح دقيق لاستخدام الأسطرلاب لتحديد المواقع السماوية وأوقات الشروق والغروب.
كما يضم جناح بيت الحكمة نسخة من «إيساغوجي» للمفضل بن عمر بن السمرقندي، أثير الدين الأبهري (ت 663هـ – 1265م) ونسخه إبراهيم بن سليمان الدوشنوي، ويعد هذا الكتاب مقدمة لكتب أرسطو ومدخلاً لعلم المنطق، ويُعد من أهم المراجع التي تناولت الكليات الخمس: الجنس، والفصل، والنوع، والعرض، والخاص. ويُعتبر مرجعاً أساسياً لدراسة المنطق، وبخاصة للمبتدئين، ونقله العديد من العلماء عبر العصور لأهميته البالغة.
ويتوسط الجناح فيديو يستعرض رحلة التبادل الفكري بين الحضارتين العربية واليونانية، من خلال حركة ترجمة العلوم اليونانية إلى العالم العربي، التي احتضنها بيت الحكمة في بغداد برعاية ودعم سخي من خلفاء الدولة العباسية، لتوضيح دور هذه الحركة من إثراء للمعرفة الإنسانية وشمولها لمجالات متعددة مثل: الطب والفلسفة والأدب والرياضيات والهندسة والفلك والفلسفة والمنطق.
المصدر : صحيفة الخليج
