الشارقة: رضا السميحيين
شهدت منصة توقيع الكتب في معرض الشارقة الدولي للكتاب، مساء السبت، حراكاً ثقافياً لافتاً تمثل في إطلاق 34 من الإصدارات الجديدة التي تنوعت موضوعاتها بين الفكر والأدب والتعليم، وأحكام القانون والتشريعات القضائية، إضافة إلى مؤلفات تناولت قضايا التواصل وتنمية الذات والذكاء الاصطناعي، فضلاً عن كتب موجهة للأطفال واليافعين، حملت خيالات إبداعية ثرية، إلى جانب مجموعة من الإصدارات الأجنبية التي عززت التنوع الثقافي للمعرض.
من بين الإصدارات التي جذبت اهتمام الزوار، كتاب «شرفات للتأمل والتفكر والتدبر» للدكتور يوسف الحسن، الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية، حيث يقف الكاتب عبره متأملاً المشهد العربي الراهن، مفككاً أزماته السياسية والفكرية والاجتماعية، وساعياً إلى قراءة الواقع العربي في ضوء التحولات العاصفة التي قلبت أوضاع الإقليم، ويرصد المؤلف مشهد القلق والاضطراب في المشهد العربي، مؤكداً أن الأمل ما زال ممكناً في ضوء بعض «المصابيح القليلة» التي تلمع وسط العتمة.
الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وقَّع مؤلفه الجديد «الرحم الاصطناعي.. عالم ما بعد التكاثر البشري»، وهو عمل بحثي جريء يستشرف المستقبل العلمي والأخلاقي للمجتمع الإنساني في ظل ثورة التقنية الحيوية. يثير الكتاب أسئلة عميقة حول حدود العلم ومسؤولية الإنسان، ويرسم ملامح النقاش القادم حول العلاقة بين الأخلاق والتطور العلمي، مقدماً رؤى وتوصيات تضمن التوظيف الآمن والمسؤول لهذه التقنية في خدمة البشرية.
وفي فضاء الشعر، أطل الشاعر عادل خزام من خلال ديوانه «أرض الآلات السائبة»، الصادر عن دار العين للنشر، ليضع القارئ أمام مرآة غربة الإنسان المعاصر في عصر تتسيد فيه الآلات وتفرض التكنولوجيا إيقاعها القاسي على الوجود الإنساني، في قصائد تمزج التأمل الفلسفي بالتصوير الإبداعي، وتكشف هشاشة الروح أمام عالم يتسارع نحو المادية والافتراضية.
تساؤل
في جانب الفكر، وقَّع الزميل والكاتب محمد إسماعيل زاهر، كتابه «اللامرئي في راحة اليد» الصادر عن دار صفصافة للنشر والتوزيع، وهو عمل يحرض القارئ على التساؤل ويزرع الدهشة في فضاء الوعي الإنساني، يطرح زاهر جملة من الأسئلة الجوهرية عن دور العقل، وتراجع روح النقد، ومعنى الإبداع في زمن التشتت، مؤكداً أن الأسئلة نفسها هي نواة الوعي وشرارة استمراره، لا مجرد أدوات للبحث عن إجابات نهائية.
وشهدت المنصة كذلك توقيع كتابي «أحكام المصرف المركزي وتنظيم المنشآت والأنشطة المالية» و«شرح قانون ضريبة الشركات والأعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة»، للمحامي أحمد عبد العزيز الكشواني والمحامي عصام مهدي عابدين، في حضور بارز سلط الضوء على أهمية الجهد البحثي في ميدان التشريعات الاقتصادية الحديثة.
ومن دائرة الثقافة بالشارقة صدر ديوان «معاني» للشاعر عتيق خلفان الكعبي، الذي ضم أكثر من مئة قصيدة نبطية تنوعت بين الوجداني والتأملي، لتقدم صورة متكاملة عن المشاعر الإنسانية بلغتها البسيطة ونبضها التراثي العميق، جمع الديوان بين صدق العاطفة وثراء المفردة، فاستحق اهتمام جمهور الشعر النبطي.
تنمية
أما في مجال التنمية الذاتية، فقد التقت الكاتبة السعودية الدكتورة سمية الناصر جمهورها ضمن أمسية تفاعلية قدمت فيها إصداراتها المتنوعة، مثل «كيف تتقن لعبة الحياة» و«حدثني فقال»، التي ركزت على الإلهام الذاتي وتطوير المهارات الشخصية وإدارة التغيير في الحياة اليومية، وجاءت كتبها محملة بتجارب عملية وأدوات واقعية تعين القارئ على التجدد والنمو.
في لفتة إنسانية، قدم الكاتب سعيد الكتبي مؤلفه الجديد «سعدت بالشلل الدماغي»، الذي يروي فيه بأسلوب ملهِم رحلة المصابين بالشلل الدماغي، موثقاً مراحل حياة مملوءة بالصبر والتحدي، ولحظات مضيئة نقلت المعاناة إلى رسالة أمل تتجاوز حدود الألم لتصل إلى جوهر القوة الإنسانية.
حضر فن الرواية أيضاً بقوة من خلال توقيع الروائية لطيفة الجسمي لروايتها «ذئب سيول» الصادرة عن دار تنوين، وهي عمل سارد يعتمد تقنية الصوت الواحد والتجربة الداخلية، بينما أطلق الكاتب عبيد محمد الجريشي روايته «أوديسا، ألف ليلة وليلة»، التي تمزج الخيال الأسطوري بالرمز الواقعي، وشاركت الكاتبة نورة الخيال بعملها الروائي «نوافذ من حرير»، الذي يوظف لغة شفافة لتسليط الضوء على العاطفة والصراع الإنساني.
تراث
وفي مجال التراث وقع الكاتب فهد المعمري كتابه «صفحات من حياة وأشعار محمد بن سلطان الدرمكي»، في حين قدم الباحث عمر عبدالله إيدان كتابه «التراث الصومالي في كتابات الرحالة الأوروبيين» الصادر عن معهد الشارقة للتراث، وهو بحث توثيقي يرصد كيف نقل الرحالة الأوروبيون صورة التراث الصومالي عبر كتاباتهم، مستعرضاً ثراء المرويات الشعبية والعادات المحلية، كما وقع الشاعر الإماراتي عبدالله علي الشامسي ديوانه «مدقوق الوشام»، الذي جمع بين الموروث الشعبي ورهافة التعبير الشعري.
وفي دار الهدهد وقعت الكاتبة نادية النجار كتابها «8 جامعات ودارس للعلم والترجمة»، ووقعت الدكتورة فاطمة البريكي كتابها «8 مدن من تاريخنا»، مواصلتين بذلك مشروعهما المعرفي في توثيق معالم التعليم والمعرفة العربية.
وفي محور التنمية الذاتية تحدث الكاتب هشام العمراني من خلال كتابه «تحدث كأنك مؤثر» عن تجربة الانتقال من الخوف إلى الثقة في التعبير أمام الجمهور، بينما تناولت الكاتبة أبرار عبدالله الخاجة في كتابها «افهمني قبل أن توجهني» أسس التربية الواعية والحوار الإيجابي مع الطفل، كما وقَّع الكاتب محمد الطاهر علي كتاب «فن الاستثمار العقاري»، وقدم سالم الحوسني كتاب «رحلة اليقين»، فيما شاركت الدكتورة إيمان فؤاد بإصدارها «الصحة النفسية في عصر الإدمان الرقمي» الذي يناقش آثار التكنولوجيا على النفس الإنسانية.
وسجل الباحث والشاعر الدكتور محمد الأمين حضوراً بتوقيع كتابه «الخط الأحمر.. مقدمات في فن التدقيق اللغوي»، الذي يسلط الضوء على أهمية التدقيق في صون اللغة العربية وحماية نقائها في ظل التحديات المعاصرة التي تواجه اللغة في الإعلام والتعليم.
كما أطلقت الدكتورة آمنة راشد الشامسي كتابها «القيادة الاستراتيجية وإدارة الابتكار الحكومي في دولة الإمارات العربية المتحدة»، مؤكدة دور الفكر المؤسسي في تطوير الأداء الحكومي الحديث.
ومن المنصة ذاتها، وقَّع الكاتب أمين صبري كتابه «الأسماء الحسنى.. عالم لا محدود لإحياء وتجديد الإنسان».
ومن الإصدارات الأجنبية، شهدت المنصة توقيع الكاتب الهندي الدكتور ذاكر حسين لكتابه «ثيروكورال»، وهي قصيدة فلسفية هندية قديمة تبحث في قيم الإنسانية والأخلاق وتجدّد حضورها عبر الزمن. كما وقَّع الكاتب أجمال كتابه «Borders of the Inner World»، الذي يجمع مقالات تأملية في فلسفة الحياة اليومية، وشاركت الكاتبة المغربية سلمى نون بكتابها «ولد ميتاً يموت حياً» الذي يستكشف العلاقة المعقدة بين الإنسان والتكنولوجيا في عصر الرقمنة المتسارعة.
المصدر : صحيفة الخليج
