يقترب الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة من نهايته بعد أن وافق عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين المعتدلين على دعم اتفاق لإعادة فتح الحكومة وتمويل بعض الوزارات والوكالات للسنة المقبلة، وفقاً لأشخاص مطلعين على المحادثات.
وبموجب الاتفاق، سيُقرّ الكونغرس تمويلاً كاملاً لوزارات الزراعة، وشؤون المحاربين القدامى، والكونغرس نفسه، بينما سيتم تمويل باقي الوكالات حتى 30 يناير.
وسيوفّر مشروع القانون رواتب للموظفين الحكوميين الذين أُجبروا على التوقف عن العمل، ويستأنف المدفوعات الفيدرالية التي تم تعليقها للولايات والبلديات، ويعيد الموظفين الذين تم تسريحهم خلال الإغلاق.
قفزت العقود الآجلة للمؤشرات الأميركية في بداية التداولات الآسيوية.
اقرأ أيضاً: أطول إغلاق حكومي في تاريخ أميركا.. أزمات مستمرة وسط جمود سياسي
ومن المقرر أن يجري مجلس الشيوخ تصويتاً إجرائياً اختبارياً يوم الأحد، وإذا نجح التصويت، فسيحتاج المجلس إلى موافقة جميع الأعضاء لإنهاء الإغلاق بسرعة، ويمكن لأي عضو في مجلس الشيوخ إجبار أعضاء المجلس على تأجيل التصويت لأيام.
وبعد ذلك، سيتعين على مجلس النواب تمرير مشروع القانون لإعادة فتح الحكومة، وقال رئيس المجلس مايك جونسون إنه سيمنح النواب إشعاراً قبل يومين للعودة.
وقال الرئيس دونالد ترمب للصحفيين مساء الأحد لدى عودته إلى البيت الأبيض: “يبدو أننا نقترب من إنهاء الإغلاق”.
وأعرب عضو مجل الشيوخ الديمقراطي تيم كاين، الذي يمثل ولاية فرجينيا حيث يقيم العديد من الموظفين الفيدراليين، عن تأييده للاتفاق، مشيراً إلى أن مشروع القانون يدعم العاملين في الحكومة.
خلافات حول دعم “أوباماكير” وتمويل الحكومة
غير أن إقرار مجلس النواب ليس مضموناً، إذ أعلن القادة الديمقراطيون معارضتهم لأي اتفاق لا يتضمن تمديد الإعانات المنتهية لبرنامج “أوباماكير”، وهو ما لا يشمله هذا المشروع، فيما يريد الجمهوريون المحافظون مشروعاً يمول الحكومة كاملة حتى 30 سبتمبر المقبل.
الاتفاق، الذي اعتبره البعض “يحفظ ماء الوجه”، لا يرقى إلى طموحات قادة الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ الذين طالبوا بتمديد إعانات أقساط التأمين الصحي ضمن “أوباماكير” وإلغاء تخفيضات برنامج “ميديكيد” التي أقرها الجمهوريون في وقت سابق هذا العام.
وحصل الديمقراطيون في المقابل على تعهد من الجمهوريين بالتصويت على مشروع قانون لتجديد الاعتمادات الضريبية الخاصة بقانون الرعاية الميسرة بحلول منتصف ديسمبر، وفقاً لشخص مطلع على المحادثات.
اقرأ أيضاً: إلى متى سيستمر إغلاق الحكومة الأميركية؟.. “مورغان ستانلي” يجيب
لكن هذا التعهد لم يُرضِ جميع الديمقراطيين. وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز في بيان مساء الأحد: “سنقاتل ضد مشروع قانون الحزب الجمهوري في مجلس النواب”.
في المقابل، قبلت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين وعداً بإجراء تصويت في المجلس هذا العام على تمديد إعانات “أوباماكير”، وهو تعهد كان قد أطلقه قبل أسابيع زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثيون.
نهاية محتملة لأطول إغلاق حكومي
يشبه الاقتراب من حلّ الإغلاق المستمر منذ 40 يوماً ما حدث في مواجهات سابقة، حيث ينتهي الحزب الذي يحاول استخدام الإغلاق كأداة ضغط من دون تحقيق مكاسب تُذكر. فقد فشل ترمب في الحصول على تمويل للجدار الحدودي خلال إغلاق عامي 2018 و2019، كما فشل الجمهوريون في إلغاء “أوباماكير” خلال إغلاق عام 2013.
هذا العام، صوّت الديمقراطيون 14 مرة ضد مشروع قانون مؤقت بدون شروط أقره مجلس النواب في 19 سبتمبر كان سيُبقي الدوائر والوكالات مفتوحة حتى 21 نوفمبر. ويوم الأربعاء، أصبح الإغلاق الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، متجاوزاً الإغلاق الذي دام 35 يوماً في عهد إدارة ترمب الأولى.
اقرأ أيضاً: إغلاق حكومة أميركا.. فرص استثمارية وسط شلل فيدرالي
وفي يوم الجمعة، قال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر إن الديمقراطيين سيسمحون بإعادة فتح الحكومة مقابل تمديد إعانات “أوباماكير” الضريبية لعام واحد. لكن الجمهوريين رفضوا العرض سريعاً، إذ يطالب كثيرون منهم باستبدال شامل للقانون بنسخة جمهورية جديدة لم تُكشف بعد.
ضغوط اقتصادية متزايدة وخسائر بمليارات الدولارات
اختار الجمهوريون تعطيل مطالب الديمقراطيين المتعلقة بزيادة الإنفاق بـ1.5 تريليون دولار عبر إبقاء مجلس النواب خارج الانعقاد منذ 19 سبتمبر. من جهته، صعّد البيت الأبيض الضغط من خلال فصل أعداد كبيرة من الموظفين الحكوميين، وتهديده بعدم دفع رواتب أكثر من 600 ألف عامل فيدرالي، ومحاولته تجاوز أوامر المحكمة التي تلزم الحكومة بدفع إعانات الغذاء.
ومع اقتراب موسم السفر المزدحم في عيد الشكر، أمر وزير النقل شون دافي شركات الطيران بإلغاء رحلات، مما تسبب في فوضى كبيرة للمسافرين، محذراً الأحد من أن الوضع “سيزداد سوءاً” خلال موسم الأعياد.
وقد أثمرت هذه التكتيكات في نهاية المطاف عن نجاح الجمهوريين في إقناع عدد كافٍ من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بالرضوخ للضغوط، إذ كان الجمهوريون رغم سيطرتهم على مجلسي الكونغرس بحاجة إلى ثمانية ديمقراطيين على الأقل لدعم مشروع قانون الإنفاق المؤقت، لوقف النقاش في مجلس الشيوخ.
اقرأ أيضاً: الإغلاق الحكومي يحجب بيانات الاقتصاد الأميركي ويعمق انقسام “الفيدرالي”
وتسارعت المحادثات بين مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين بعد فوز الديمقراطيين في انتخابات فرعية في نيويورك ونيوجيرسي وفرجينيا وكاليفورنيا وغيرها. وقال الجمهوريون إن الديمقراطيين بدوا قلقين من أن التراجع عن مطالبهم قبل توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع قد يؤدي إلى انخفاض نسبة المشاركة.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان الكونغرس سيتوصل إلى اتفاق بشأن تمديد إعانات “أوباماكير” قبل انتهاء صلاحيتها في نهاية ديسمبر، إذ يعارض قادة الجمهوريين في مجلس النواب التمديد ويقترحون بدلاً من ذلك أولويات محافظة تشمل توسيع خطط التأمين قصيرة الأجل لتنافس برامج “أوباماكير”، وفرض قيود تتعلق بالإجهاض.
أما الجمهوريون في مجلس الشيوخ، فقالوا إن أي تمديد يجب أن يتضمن تغييرات كبيرة مثل فرض حدود على الدخل للمستفيدين وإلزامهم بدفع جزء من الأقساط، بينما يطالب آخرون بإعادة صياغة شاملة لقانون الرعاية الميسرة قبل الموافقة على أي تمديد.
ويقدّر أن الإغلاق يكلّف الاقتصاد الأميركي نحو 15 مليار دولار أسبوعياً، فيما قدّر مكتب الميزانية في الكونغرس أن الإغلاق سيخفض معدل النمو الفصلي السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.5 نقطة مئوية بحلول منتصف نوفمبر. كما هبطت ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات يوم الجمعة وسط تزايد القلق بشأن الإغلاق والأسعار وسوق العمل.
وأدى الإغلاق إلى تعليق نشر معظم البيانات الاقتصادية الحكومية، ما يجعل الاحتياطي الفيدرالي يعمل في “ظلام معلوماتي” بينما يحاول التعامل مع التضخم المرتفع ومعدلات البطالة المتزايدة.
المصدر : الشرق بلومبرج
