مع التحولات الكبيرة التي أدخلها في حياتنا فلا شك أن الذكاء الاصطناعي سيظل التكنولوجيا الأكثر تداولاً خلال عام 2025، وربما سنراه مندمجاً أكثر في كثير من التفاصيل من قاعة الاجتماعات إلى الفصول الدراسية ومن المستشفى إلى المنزل، وربما كيف أدرنا وجوهنا.
من ثم، من المرجح أن يجلب الذكاء الاصطناعي خلال العام الجديد مزيداً من الاختراقات المذهلة التي كانت تبدو مستحيلة قبل بضعة أعوام فحسب، وهناك مجالات ستشهد التطور الأكبر لناحية الأتمتة على مدار الأشهر الـ12 المقبلة.
العمل المعزز
يتوقع المتخصصون عام 2025 أن يكون هناك مزيد من التفكير المدروس حول كيفية عمل البشر جنباً إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي، لتحرير وقتنا وتطبيق مهاراتنا الإبداعية والشخصية على الوظائف التي لا تزال الآلات غير قادرة على إدارتها.
وبدلاً من مجرد إضافة برامج الدردشة إلى كل شيء، سيكون عمل البشر مع الذكاء الاصطناعي بمثابة الطريقة التي تبدأ بها الشركات الذكية في توليد قيمة حقيقية من الذكاء الاصطناعي العام المقبل.
صنع القرار الآلي في الوقت الفعلي
ومع بدء الشركات في التعامل مع تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي بصورة استراتيجية، فإننا نتوقع أن تمتلك استراتيجيات ذكاء اصطناعي أكثر نضجاً وتتحرك نحو الأتمتة الشاملة لعمليات الأعمال بالكامل.
ومن المرجح أن يحدث ذلك عبر الخدمات اللوجيستية ودعم العملاء والتسويق، إذ تتخذ الخوارزميات قرارات مثل كيفية إدارة المخزون أو كيفية الرد على استفسارات العملاء بأقل تدخل بشري. وسيؤدي هذا الأمر إلى كفاءة أكبر وتوفير قدرة على الاستجابة بصورة أسرع لعادات العملاء المتغيرة أو ظروف السوق.
الذكاء الاصطناعي المسؤول
خلال عام 2025 سيكون هناك وعي متزايد بأهمية تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي بطريقة أخلاقية وآمنة وشفافة وموثوقة وتحترم حقوق الملكية الفكرية، وهذا سيكون مدفوعاً بالتشريعات ووجود وعي متزايد بالضرر الذي يمكن أن يسببه الاستخدام غير المسؤول للذكاء الاصطناعي.
ويدرك كثر منا حالياً أخطار تحيز الذكاء الاصطناعي وهلوساته، ويفهمون أن التخفيف من ذلك يتطلب جهوداً متضافرة. لذا ستتعرض الشركات التي تختار تجاهل هذه الأمور خلال عام 2025 إلى دعاية سيئة من الجمهور واستياء الجهات التنظيمية.
مساعدو الصوت من الجيل التالي
أصبح المساعد الصوتي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي مثل “سيري” أو “أليكسا” جزءاً من حياتنا منذ أعوام عدة، ولكن قدراتهما على المحادثة كانت محدودة للغاية تقليدياً. والعام الحالي عرضت شركة “أوبن أي آي” وضعاً صوتياً متقدماً جديداً لروبوت الدردشة “تشات جي بي تي”، وكان قادراً على إجراء محادثة تشبه المحادثة البشرية بصورة ملحوظة.
وشهدنا العام الحالي أيضاً كيف بدأت “غوغل” بالفعل في دمج روبوت الدردشة “جيميني” الخاص بها في الأجهزة المحمولة، ليحل محل وظيفة “Hey Google” القديمة. وخلال عام 2025 نعتقد أننا سنرى هذه القدرات تظهر في عدد متزايد من الأجهزة، مما يتيح مزيداً من التواصل الصوتي الطبيعي والمفيد.
التشريعات والتنظيمات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي
شاهدنا خلال العام الحالي كيف أن الحكومات والمشرعين واجهوا صعوبة في التعامل مع تحديات تنظيم الذكاء الاصطناعي، وصدرت قوانين داخل الاتحاد الأوروبي والصين تحاول الحد من قدرته على التسبب في الضرر، وتشمل التدابير تجريم استخدامات معينة كصنع مقاطع فيديو مزيفة وتنظيم استخدامها في قطاعات مثل التمويل وإنفاذ القانون.
وخلال عام 2025 يمكننا أن نتوقع مزيداً من اللوائح التي ستتبع ذلك، مع التركيز على إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان والتخفيف من احتمالات التمييز والتضليل.
التنقل في عالم ما بعد الحقيقة
إن التعامل مع انفجار المحتوى المزيف والأخبار الكاذبة التي يمكن إنشاؤها الآن بفضل الذكاء الاصطناعي سيكون تحدياً كبيراً للمجتمع ككل خلال عام 2025. وجرت بالفعل محاولات لتشويه العمليات الانتخابية عبر الذكاء الاصطناعي خلال العام الحالي على نطاق عالمي. ويقول بعض إن هذا يعني أننا وصلنا إلى عصر “ما بعد الحقيقة”، إذ لم نعد قادرين على الوثوق بما نراه بأعيننا.
ونتوقع خلال عام 2025 أن نرى المجتمع يبدأ في التكيف للتعامل مع هذا التحدي، وهذا التغيير سيأتي من خلال الحكومات عبر تشريعات شهدنا مثيلاتها في قوانين الذكاء الاصطناعي الصينية، التي تجعل من إنشاء صور مزيفة لأشخاص حقيقيين عبارة عن جريمة موصوفة، ومن خلال أيضاً التعليم على مستوى القاعدة الشعبية إذ بتنا نتعلم أن نصبح أكثر انتقاداً للمعلومات التي نقدمها.
الذكاء الاصطناعي الكمي
وفي حين أنها لا تزال في بداياتها، فإن الحوسبة الكمومية التي تستفيد من الخصائص الغريبة التي تظهرها المواد على المستوى دون الذري لأداء مهام حسابية معينة بسرعة غير مسبوقة، يمكن أن تحدث ثورة في الذكاء الاصطناعي.
وبذلك فإن تمكين الخوارزميات من العمل بسرعات أسرع بمئات ملايين المرات باستخدام أجهزة الكمبيوتر القياسية لن يجعل الذكاء الاصطناعي أسرع فحسب، بل يمكن أن يجعله أيضاً قادراً على معالجة مهام جديدة تماماً، وفتح إمكانات جديدة في مجالات تراوح ما بين تطوير اللقاحات والأدوية إلى إنشاء مواد جديدة ومصادر طاقة، ومن المتوقع أن نبدأ بمشاهدة هذه الإمكانات المذهلة خلال عام 2025.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني والدفاع
بطبيعة الحال لن تتوقف الهجمات السيبرانية خلال عام 2025، مما يعني أن أنظمة الذكاء الاصطناعي ستصبح أكثر أهمية عندما يتعلق الأمر باكتشاف الخروق المحتملة وتحديد الشذوذ وأتمتة أنظمة الأمن السيبراني للتعامل مع التهديدات، قبل أن تسبب أضراراً بالغة.
ومع تزايد عدد التهديدات التي تتخذ صورة هجمات التصيد الاحتيالي أو الهندسة الاجتماعية، ستلعب برامج الدردشة دوراً من خلال محاكاة هجمات التصيد الاحتيالي وتعليمنا كيفية اكتشافها، وتجنب محاولات خداعنا كي لا نصبح ضحاياها.
الذكاء الاصطناعي المستدام
بما أن هناك وعياً متزايداً للاستهلاك الهائل للطاقة من جانب أنظمة الذكاء الاصطناعي المستندة إلى السحابة، يعتقد المتخصصون أننا سنرى عام 2025 جهداً متضافراً للتحول إلى مصادر الطاقة المستدامة والمتجددة في مراكز البيانات، وهناك إمكانات هائلة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي المصممة لتحسين الاستدامة والحد من البصمة البيئية للصناعات الأخرى.
وهكذا من تقليل استخدام المياه والمبيدات الحشرية في الزراعة إلى توجيه حركة المرور بكفاءة أكبر حول المدن لتقليل التلوث الناجم عن انبعاثات المركبات، سيشهد عام 2025 استمرار الذكاء الاصطناعي في ترسيخ نفسه كأداة قوية لحماية البيئة.
نقلاً عن : اندبندنت عربية