في معرض الشارقة للكتاب، قبس من جمال، وقبس من معرفة، ولحظات من القراءة، ودقائق من التواصل بين الجميع. في «الشارقة للكتاب» الكل يبحث عن غايته بحب، والقلب يقودنا إلى ما نفتش عنه. في «الشارقة للكتاب»، مشاعر وأحاسيس وأوقات لا تُنسى. بين دفتي «الشارقة للكتاب» حياة علينا أن نتوقف قليلاً لنستمتع بتفاصيلها.
«النظرة الموسيقية» تنبض بالخيال
في واحدٍ من أكثر العروض الفنية اللافتة ضمن معرض الشارقة الدولي للكتاب، قدّمت فرقة موسيقية عرضاً متنقلاً بعنوان «النظرة الموسيقية»، جاب أروقة وقاعات المعرض ليحوّلها إلى مسرحٍ نابض بالحياة والخيال.
تكوّنت الفرقة من أربعة عازفين ارتدوا أزياء سوداء أنيقة، تعلو رؤوسهم مجسّمات ضخمة على هيئة عيون بشرية متحرّكة، في مشهد بصريّ جمع بين الغرابة والجمال، وجذب أنظار الزوّار منذ اللحظة الأولى. قدّم العازفون مزيجاً متناغماً من الإيقاعات والمعزوفات القصيرة على آلات الغيتار والأكورديون والكمان والطبلة، فامتزج اللحن بالحركة، وتحولت الممرات إلى فضاء موسيقي مفتوح يتنقّل فيه الجمهور مع العرض أينما ذهب.
ومع تقدّم الفرقة بين الأجنحة، تفاعل الزوّار من مختلف الأعمار بالتقاط الصور ومقاطع الفيديو، فيما انشغل الأطفال بملاحقة “العيون الموسيقية” وهي تتحرك بخفةٍ بين الكتب، لتتحوّل التجربة إلى لوحةٍ جماعية تجمع بين المتعة البصرية والدهشة السمعية. حتى الخطوات داخل الممرات بدت وكأنها جزء من الإيقاع، لتغدو حركة الزوّار نفسها جزءاً من العرض.
وأكد القائمون على العمل أن «النظرة الموسيقية» صُممت لتمنح الزائر تجربةً ثقافيةً متكاملة، تمزج بين الكتاب كرمزٍ للمعرفة والموسيقى كفنٍّ حيٍّ يتفاعل مع الجمهور مباشرة، مشيرين إلى أن العروض المتنقلة تتيح للجمهور اكتشاف الفن في لحظته العفوية بعيداً عن القاعات التقليدية، لتصبح الثقافة تجربة معيشة لا تقتصر على القراءة فقط.
ويأتي العرض ضمن سلسلة من الفعاليات الفنية والبصرية التي يحتضنها معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحالية، تأكيداً على رؤيته في جعل الثقافة فعلاً نابضاً بالحياة يتجاوز النصوص إلى التجربة، حيث تُسمع الكتب وتُرى الأفكار في كل زاوية من المعرض.
صغار يكتشفون مهارة التشفير
في تجربةٍ تجمع بين اللعب والذكاء، وبين خيال الطفل والتكنولوجيا الحديثة، شارك الأطفال في ورشة «محقق من العصر الرقمي» ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، حيث تحولت القاعة إلى مساحة نابضة بالأسئلة والأوراق المرمّزة ومحاولات فك الشفرات، لتقود الصغار إلى عالم جديد من التفكير التحليلي.
قدمت الورشة المدربة أسيل من فريق متخصص في تعليم الأطفال مبادئ الابتكار والتفكير المنهجي، وبدأت بتقديم فكرة مبسطة حول التشفير وكيف استخدم البشر الرموز لإخفاء رسائلهم عبر التاريخ، قبل أن تنتقل إلى شرح «شفرة قيصر» بوصفها نموذجاً كلاسيكياً للتشفير يعتمد على إزاحة الحروف داخل الأبجدية لإنتاج كلمة خفية تتحول إلى معنى واضح.
وعلى الشاشة التفاعلية، عرضت أسيل مثالاً يوضح كيف يتحول الحرف إلى آخر بمجرد تغيير موقعه، فشعر الأطفال وكأنهم على أعتاب «صندوق أسرار» ينتظر من يفتحه، وما إن بدأت التمارين العملية، حتى انشغل الصغار بمحاولاتهم الخاصة، يجربون ويخطئون ثم يصيبون وعلى وجوههم ابتسامة الاكتشاف كلما ظهرت لهم الكلمة الصحيحة.
وأكدت المدربة أن الهدف من الورشة هو تنمية مهارات التفكير المنطقي والبحث لدى الأطفال، وتعويدهم على قراءة التفاصيل واكتشاف الأنماط، مشيرةً إلى أن «التشفير» ليس تقنيةً فقط، بل مدخل ممتع يساعد الطفل على فهم العالم الرقمي بطريقة أبسط وأكثر قرباً من خياله.
ومع ختام الورشة، قدّم الأطفال الكلمات التي نجحوا في فك شفراتها، يتبادلون الإجابات بحماس، فيما كانت المدربة أسيل توضح لهم كيف يؤدي تغيير خطوة واحدة إلى نتيجة مختلفة، لتتحول اللحظات الأخيرة إلى مساحة للأسئلة والتجريب، يشعر معها كل طفل بأنه خاض مغامرة تحقيق رقمية صغيرة، في عالم واسع من الأسرار التقنية.
المصدر : صحيفة الخليج
