«آيكوم دبي» يبرز ريادة دبي وقوة حضورها العالمي

«آيكوم دبي» يبرز ريادة دبي وقوة حضورها العالمي

حدث تاريخي يجسّده احتضان دبي المؤتمر العام السابع والعشرين للمجلس الدولي للمتاحف «آيكوم دبي 2025»، ومحطة بارزة تعكس رؤية الإمارة نحو المتاحف التي تشكّل مساحات مجتمعية نابضة بالحياة ومراكز للإبداع والمعرفة، والاعتراف بمكانة الإمارات التي اختيرت لتكون أول دولة في منطقة الشرق الأوسط تستضيف المؤتمر.

وتزامناً مع انطلاق النسخة الاستثنائية، التي تقام برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وتستمر حتى 17 نوفمبر الجاري، كان لـ«البيان» حوار مع ناصر الدرمكي، رئيس «آيكوم الإمارات»، أضاء فيه على الرسالة الجوهرية التي تسعى دبي لإيصالها إلى العالم عبر الحدث، كاشفاً عن أهم المبادرات الطموحة التي سيتمخض عنها لإشراك جيل الشباب في صياغة مستقبل المتاحف، وموضحاً كيف يمكن للذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي أن يعيدا تعريف التجربة المتحفية في المنطقة.

ما الرسالة الأساسية التي تسعى «آيكوم الإمارات» لإيصالها إلى العالم من خلال تنظيم «آيكوم دبي 2025»؟

تُعد استضافة دبي للمؤتمر العام السابع والعشرين للمجلس الدولي للمتاحف، حدثاً تاريخياً مهماً يبرز ريادة دبي وقوة حضورها على الخريطة العالمية، ويعكس ما تتميز به من إمكانيات وقدرات واسعة في تنظيم واستضافة الأحداث الدولية المهمة. وتُعد استضافة دبي للمؤتمر خطوة مهمة تجسد الاعتراف بمكانة المنطقة التي تستضيف الحدث للمرة الأولى في تاريخ «آيكوم» ودورها المتنامي في تعزيز الحوار الثقافي العالمي، وتؤكد التزام الإمارة بالابتكار في صون التراث وحمايته، كما تعكس رؤيتها لدور المتاحف بوصفها مساحاتٍ مجتمعية نابضة بالحياة ومراكز تعليمية ملهمة، ومنصاتٍ للإبداع والمعرفة والتفاهم بين الشعوب واستشراف المستقبل.

ما التحديات التي واجهت اللجنة التنظيمية في التحضير لهذا الحدث الضخم؟ وكيف كان التعاون مع الشركاء المحليين والدوليين؟

فوز دبي بتنظيم واستضافة الحدث العالمي كان ثمرة رحلة طويلة من العمل الدؤوب، شهدت الكثير من التحضيرات وجهوداً متواصلة لضمان تقديم نسخة استثنائية من المؤتمر الدولي، وخلال هذه المسيرة، واجهنا عدداً من التحديات التي تمكنا من تجاوزها بفضل التعاون الوثيق بين الشركاء والعمل بروح الفريق الواحد، حيث أسهمت خبراتهم ومواردهم وإمكانياتهم في دعم الحدث وتحويله إلى منصة علمية رائدة. ويعكس ذلك قوة الإرادة المشتركة والتنسيق والتعاون والتزام القطاعين الحكومي والخاص لتطوير وتعزيز قوة قطاع المتاحف، كما يجسد قدرة دبي على استضافة أبرز الفعاليات والأحداث الدولية، مع الحفاظ على أعلى المعايير المهنية والجودة في كل جانب من جوانب المؤتمر.

يركز المؤتمر على ثلاثة موضوعات: التراث غير المادي، وقوة الشباب، والتقنيات الحديثة. ما توقعاتكم بشأن النتائج التي ستسفر عنها هذه المناقشات؟

تمثّل موضوعات التراث غير المادي، وقوة الشباب، والتقنيات الحديثة محاور جوهرية ومترابطة في «آيكوم دبي 2025»، لما تحمله من أهمية عالمية في صياغة مستقبل العمل المتحفي. ففي الوقت الذي يبرز فيه الحفاظ على التراث غير المادي كقضية ملحة تتطلب حماية الممارسات الحيّة التي تشكل جوهر الثقافة الإنسانية، يسلط المؤتمر الضوء على الدور الحيوي للشباب في تشكيل متاحف المستقبل، باعتبارهم محركاً رئيساً للابتكار والتجديد في عالم سريع التغير. كما يتناول الحدث قدرة المتاحف على توظيف التقنيات الحديثة لابتكار أشكال جديدة من التعبير الثقافي، وتحسين تجارب الزوار وتعزيز تفاعلهم، وتطوير أساليب إدارة العمليات بكفاءة أعلى، إلى جانب إبراز أهمية تبنّي الحلول الرقمية للحفاظ على أصالة التعبيرات الثقافية وتلبية احتياجات المجتمعات المتجددة.

كيف يمكن للمتاحف أن تؤدي دوراً أكبر في حفظ وعرض التراث غير المادي في العصر الراهن؟

يمكن للمتاحف أن تؤدي دوراً أكبر وأوسع في حفظ وصون التراث غير المادي في العصر الراهن، وذلك من خلال تنظيم ورش عمل، ومعارض تفاعلية، وبرامج تعليمية تُشرك المجتمع المحلي والزوار في تجارب مباشرة تعكس التقاليد الحيّة. كما يمكن توظيف التكنولوجيا الرقمية، مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزّز في توثيق عناصر التراث غير المادي وإتاحتها لجمهور عالمي، ما يسهم في تعزيز التواصل بين الثقافات، والحفاظ على هذا الإرث للأجيال القادمة.

ما المبادرات والبرامج التي سيطرحها المؤتمر لإشراك جيل الشباب في العمل المتحفي وجعله جزءاً فاعلاً في مستقبل المتاحف؟

يتضمن «آيكوم دبي 2025» مجموعة من المبادرات والبرامج النوعية المصممة خصيصاً لإشراك جيل الشباب وتمكينه ليكون جزءاً فاعلاً في صياغة مستقبل المتاحف، ومن بينها إطلاق «شبكة المهنيين الشباب» التابعة للمجلس الدولي للمتاحف، والتي تمثل منصة عالمية تعزّز مشاركة الشباب في الحوار المتحفي الدولي، وتمنحهم مساحة للتفاعل المباشر مع الخبراء وصنّاع القرار. كما يتضمّن المؤتمر جلسات التوجيه العكسي التي تُدار بمشاركة الشباب، وتمكّنهم من طرح رؤاهم حول مستقبل المتاحف، إضافةً إلى برامج تدريبية متقدمة وورش عمل متخصصة تُعنى ببناء القدرات.

أما برنامج منح آيكوم فقد خصّص هذا العام 140 منحة لدعم الطلاب والمتخصصين الشباب في المنطقة، وتمكينهم من حضور المؤتمر والمشاركة في فعالياته، كما يوفر المؤتمر فرصاً للمشاركة الميدانية من خلال الجولات والأنشطة الثقافية، التي تتيح للشباب التعرف إلى متاحف الإمارات وما تتضمنه من تجارب ثقافية مميزة. ومن خلال هذه المبادرات المتكاملة، يسعى «آيكوم دبي 2025» إلى بناء جيل جديد قادر على إحداث التغيير، وتعزيز دور المتاحف بوصفها مساحات نابضة بالحياة تشجّع على الإبداع، وتدعم الحوار الثقافي، وتحتفي بالتراث عبر رؤى شبابية مبتكرة.

كيف يمكن للمتاحف في المنطقة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي لتقديم تجارب أكثر تفاعلية وجاذبية للزوار؟

يمكن للمتاحف في الإمارات والمنطقة الاستفادة من التقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي، لتقديم تجارب أكثر تفاعلية وجاذبية، بما ينسجم مع شعار «آيكوم دبي 2025» حول مستقبل المتاحف في مجتمعات سريعة التغيير. فمن خلال توظيف الذكاء الاصطناعي، تستطيع المتاحف تقديم تجارب معرفية مصممة بدقة، تجعل الزيارة أكثر قرباً وعمقاً وتأثيراً، عبر تخصيص المحتوى وفق احتياجات الزوار واهتماماتهم.

كما يتيح الواقع الافتراضي والواقع المعزّز إعادة إحياء المواقع التاريخية والتقاليد الحية بطرق غامرة تُمكن الجمهور من فهم الإرث الثقافي وتعزيز ارتباطهم به. وتُسهم هذه الحلول الرقمية كذلك في ترسيخ مكانة المتاحف كمساحات مجتمعية نابضة بالإلهام والابتكار، وتوسيع نطاق الوصول إلى جمهور جديد، بما يدعم تحقيق أهداف «آيكوم دبي 2025» في بناء متاحف أكثر شمولاً، وتفاعلية، وإبداعاً في المستقبل.

بصفتكم رئيساً لـ«آيكوم الإمارات»، ما رؤيتكم لمستقبل المتاحف في الدولة والمنطقة؟ وكيف سيسهم المؤتمر في تطوير مبادرات وأنشطة المتاحف المحلية وتمكينها من خدمة مجتمعاتها بشكل أفضل؟

يرتكز مستقبل المتاحف في الدولة والمنطقة على تعزيز دورها كمنصات ثقافية حيوية تجمع بين الحفاظ على التراث والابتكار، إذ لم تعد اليوم مجرد أماكن للعرض، بل تحولت إلى فضاءات للتفاعل المجتمعي والحوار الثقافي، ومراكز لإثراء المعرفة وتعزيز التفاهم بين الشعوب. ويسهم مؤتمر «آيكوم دبي 2025» بدور محوري في تطوير هذه التوجهات، من خلال توفير منصة رائدة لتبادل الخبرات والمعرفة بين المتخصصين دولياً، وتعزيز التعاون بين المؤسسات الثقافية. كما يمنح المتاحف المحلية فرصة للاطلاع على أفضل الممارسات العالمية وتبني حلول مبتكرة تمكنها من خدمة مجتمعاتها بفعالية أكبر، وتوسيع أثرها الثقافي والاجتماعي، وترسيخ حضورها كمساحات تُلهم الإبداع وتدعم التنمية الثقافية المستدامة.

المصدر : البيان