ندوة مجلة «كتاب» تتجول في حدائق الشعر الأندلسي

ندوة مجلة «كتاب» تتجول في حدائق الشعر الأندلسي

أكد أكاديميون وباحثون أن الشعر الأندلسي أسهم في تعريف العالم على ثراء التراث الشعري العربي، وشكّل نموذجاً ملموساً لتأثير القصيدة العربية في الإرث الشعري بشبه الجزيرة الأيبيرية وأوروبا والعالم، سواء من خلال تنوع مضامينها بين الجانب الغنائي، والتأمل الفلسفي، والجانب العمراني والاجتماعي وحتى السياسي، أو بجمالياتها اللغوية وحداثتها الأدبية ورمزيتها العميقة؛ إذ فتح التراث الشعري الأندلسي الباب واسعاً أمام حركات الاستشراق، والاستعراب الإسباني المعني بدراسة العربية الإسبانية، وحركة الترجمة والتعريب ودراسات الأدب المقارن.

جاء ذلك خلال الندوة الدولية الرابعة لمجلة «كتاب» التي تنظمها هيئة الشارقة للكتاب هذا العام تحت عنوان «تأليف الحديقة.. قراءات في القصيدة الأندلسية وتحولات الأثر»، ضمن البرنامج الثقافي لمعرض الشارقة الدولي للكتاب.

وشارك في الندوة التي أقيمت على مدار يومين، وأدارها الشاعر علي العامري، مدير تحرير المجلة، نخبة من الأكاديميين، والباحثين، والعرب والأجانب، حيث قدموا أوراقاً بحثية ودراسات معمقة لأبعاد تاريخ الشعر الأندلسي، جُمعت وصدرت في كتاب حمل عنوان الندوة.

وفي اليوم الأول، استضافت الندوة الدكتور صلاح جرار، أستاذ الأدب الأندلسي واللغة العربية وآدابها، الدكتورة فكتوريا خريش رويث ثوريلا، أستاذة اللغة العربية وآدابها في جامعة كومبلوتنسي في مدريد، الدكتور محمد حقي سوتشين، أستاذ اللغة العربية وآدابها في جامعة غازي في أنقرة، والدكتورة حورية الخمليشي، أستاذة في جامعة محمد الخامس بالرباط.

واستكملت الندوة برنامج اليوم الثاني مع باهرة عبداللطيف ياسين، أستاذة الترجمة والأدب الإسباني، الشاعر والباحث زهير أبو شايب، الدكتورة لوث غوميث، أستاذة تاريخ الفكر الإسلامي في جامعة مدريد المستقلة، والشاعر والباحث في تاريخ اللغات واللهجات العربية القديمة يوسف المحمود.

تواشج

استهل الدكتور صلاح جرار فعاليات اليوم الأول من الندوة الدولية باستعراض أبرز ما جاء في دراسته «التواشج بين الطبيعة والمرأة في الشعر الأندلسي»، موضحاً عمق العلاقة بين المرأة والطبيعة في هذا الشعر، وتشاركهما في الجمال والجاذبية والتنوع.

وأشارت الدكتورة فكتوريا خريش رويث ثوريلا، إلى أن ورقتها البحثية التي تحمل عنوان «من غرناطة إلى فلسطين.. الأندلس في الأدب العربي المعاصر» تستكشف صورة الأندلس في الأدب العربي الحديث والمعاصر بوصفها مكاناً للذاكرة.

من جهته، طرح الدكتور محمد حقي سوتشين أبرز ما جاء في دراسته التي جاءت بعنوان «الحداثة المبكرة في الشعر الأندلسي»، مؤكداً أن الشعر الأندلسي تميز بأشكال وأساليب وصور جديدة، سواء في الشكل الشعري كالموشح والزجل، أو في موضوعات الحب والطبيعة والمدينة، أو حتى في أساليب التناص والسخرية والتعدد اللغوي.

تسامج

اختتمت الدكتورة حورية الخمليشي برنامج اليوم الأول من الندوة بعرض موضوع ورقتها التي جاءت بعنوان «البحث عن الجنة.. أنسنة الطبيعة والانفتاح على الفنون في القصيدة الأندلسية»، وسلّطت فيها الضوء على روح التسامح والتمازج الثقافي والحضاري في الأندلس علماً وفلسفة وعمارة وشعراً وموسيقى. وأكدت الخمليشي أن هذا الانفتاح الثقافي أسهم في تحويل الطبيعة في الأندلس إلى مسرح للحب وملاذ للروح وشاهد على فرحة الانتصار وحزن الانكسار.

واستكملت الندوة الدولية يومها الثاني باستضافة باهرة عبد اللطيف ياسين التي تتبعت تأثير الحضارة الإسلامية الأندلسية على الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس.

من جانبه، بين زهير أبو شايب، أن دراسته «شاعرات بلا شعر.. حول قصيدة المرأة في الأندلس» تبحث في مفارقة بروز عدد كبير من الشاعرات في الأندلس لم يوجد له مثيل في عصور الحضارة الإسلامية ولا غيرها من الحضارات العالمية.

علاقة

أما الدكتورة لوث غوميث، فبينت أن بحثها الأكاديمي «أنا زفرة العربي الأخيرة: عن الأندلس اللوركوية في شعر محمود درويش» يناقش العلاقة بين الشاعر الإسباني فيديريكو غارسيا لوركا والأندلس ومحمود درويش.

وتضمنت مداخلة غوميث خلال الندوة مقارنة أدبية وشعرية وغنائية حول اللون الأخضر، الذي يجسد الأرض-الحبيبة، والخصوبة والعطاء، في أشعار لوركا ودرويش

ومع أن الشاعر والباحث يوسف المحمود لم يتمكن من الحضور من فلسطين لظروف قاهرة، قدّم الشاعر علي العامري، منسق الندوة الدولية، مقتطفات من ورقته التي جاءت بعنوان «حضور الخط العربي في الشعر الأندلسي»، والتي خلصت إلى أن الخط العربي في الأندلس لم يتوقف عن وظيفته الأساسية في الكتابة والتدوين، بل أصبح عنصراً جمالياً فاعلاً وتحول إلى مستقبل مستقل ارتبط بالشعر على مستويات عديدة كالرمز والتعبير والتمثيل البصري.

وفي ختام الندوة الدولية الرابعة، أكد علي العمري ثراء التراث الثقافي الأندلسي الشعري، مشيراً إلى أن الإرث الشعري في الأندلس لا يزال يحمل الكثير من الأسرار التي يحتاج الأدباء والباحثون والعلماء إلى اكتشافها.

المصدر : صحيفة الخليج

وسوم: