أعلنت اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري، الاثنين، عن انطلاق أولى جلسات المحاكمات العلنية للمتهمين بارتكاب انتهاكات في الأحداث، في خطوة تعد الأولى من نوعها ضمن مسار العدالة الانتقالية بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وقال رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصّي الحقائق في أحداث الساحل، القاضي جمعة العنزي، إن المحاكمات ستكون مفتوحة أمام وسائل الإعلام المحلية والدولية، مشيراً إلى ضخامة وتعقيد الملف، وما يتطلبه من دقة في توصيف الجرائم والإسناد القانوني وإجراءات الملاحقة والقبض.
وأضاف العنزي: “لحظات فارقة في تاريخ البلاد تعكس صورة سوريا التي ترسي أسس العدالة والشفافية وتعزز الثقة بالنظام القضائي وتشكل رادعاً للمجرمين وتراعي حقوق المتهمين وتشكل ضماناً للمحاكمات العادلة”.
وفي منشور عبر “إكس”، أوضح العنزي أن جهوداً كبيرة بذلتها وزارات العدل والداخلية والدفاع السورية، إلى جانب المؤسسة القضائية والضابطة العدلية، للوصول إلى هذه المرحلة، مؤكداً “أهمية هذه المحاكمات لذوي الضحايا ولكل المهتمين بمسار العدالة والإنصاف”.
وأضاف أن مخرجات اللجنة المستقلة للتحقيق في أحداث الساحل ستُطبّق على أرض الواقع، بما يثبت التزام الدولة بإرساء العدالة واحترام القانون.
وكانت اللجنة الوطنية أعلنت نتائج تحقيقاتها في أحداث الساحل التي وقعت في مارس الماضي، عقب توترات أمنية مرتبطة بهجوم شنّته عناصر من النظام السابق.
وفي سياق متصل، أعلنت اللجنة الوطنية للتحقيق في أحداث السويداء، الأحد، توقيف عدد من العاملين في وزارتي الدفاع والداخلية بعد ثبوت ارتكابهم مخالفات خلال الأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة في يوليو 2025، مؤكدة إحالتهم إلى القضاء المختص لاستكمال الإجراءات القانونية.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عُقد في مقر وزارة الإعلام بدمشق، تطرّق إلى الحقائق التي توصّلت إليها اللجنة، وما رافق الأحداث من انتهاكات وخطاب كراهية وعمليات تهجير.
وكانت اللجنة أفادت بأنها تمكنت من التعرف على 298 شخصاً يشتبه بتورطهم في ارتكاب انتهاكات جسيمة، مشيرة إلى أنها وثقت سقوط 1426 شخصاً بينهم 90 امرأة، وقالت إن من وصفتهم بـ”فلول النظام السابق” قتلوا 238 من عناصر الأمن.
وشهدت مناطق الساحل السوري (غرب البلاد) في 6 مارس الماضي، مواجهات مسلحة بعد هجمات شنها مسلحون كانوا تابعين لنظام الأسد ضد دوريات الأمن العام، أودت بحياة نحو 200 عنصر، ما دفع السلطات لإرسال تعزيزات كبيرة من وزارة الدفاع والقوات الأمنية إلى اللاذقية وطرطوس لملاحقة المجموعات المسلحة، حيث استمرت العمليات لـ3 أيام على الأقل، إلا أنها شهدت وقوع تجاوزات بحق مدنيين. ووُجهت أصابع الاتهام فيها إلى “فلول النظام” ومجموعات غير منضبطة.
وتعتبر هذه المحاكمة هي الأولى من نوعها بعد سقوط النظام، بما يشمل تحقيق مسار العدالة الانتقالية، والسلم الأهلي، الذي طالما شكل واحدة من التحديات التي تواجه الحكومة منذ تسلمها السلطة في البلاد.
المصدر : الشرق
