امتدت موجة البيع في أسواق الأسهم من “وول ستريت” إلى آسيا بعد تراجع الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي، ما دفع المستثمرين إلى تقليص تعرضهم للأصول عالية المخاطر، بما في ذلك العملات المشفرة.
انخفض مؤشر “إم إس سي آي” لأسهم آسيا بنسبة 1.7%، متجهاً نحو أسوأ أداء أسبوعي له منذ مطلع أبريل. وهبط مؤشر “كوسبي” في كوريا الجنوبية، الذي يُعد رمزاً لحالة التفاؤل السابقة بالذكاء الاصطناعي، بنسبة وصلت إلى 4.2%، مع تصاعد التقلبات في “وول ستريت” وتعرّض أسهم التكنولوجيا لضغوط بيعية حادة. وفي ظل هذه الأجواء، تراجعت “بتكوين” إلى ما دون 86 ألف دولار، وهو أدنى مستوى لها منذ أبريل.
اقرأ المزيد: “بتكوين” تفقد ثلث قيمتها من ذروتها التاريخية
توجه الأنظار في آسيا نحو اليابان، حيث تستعد الحكومة للإعلان عن حزمة تحفيز اقتصادي، في وقت استقر فيه الين مقابل الدولار بعد أن وجهت طوكيو أقوى تحذير لها حتى الآن للأسواق بشأن التحركات الحادة في سعر الصرف.
الانعكاس الحاد في شهية المخاطرة جاء مدفوعاً بتجدد القلق من التقييمات المرتفعة والإنفاق الضخم في قطاع التكنولوجيا، ما قوض الزخم الذي حفزته التوقعات المتفائلة من شركة “إنفيديا”، التي تراجعت أسهمها بنسبة 3.2%.
وزادت حالة القلق أيضاً بسبب استمرار حالة عدم اليقين بشأن قدرة مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل، بعد أن ألمحت تصريحات حديثة من صانعي السياسة إلى التحلي بالحذر تجاه تسريع وتيرة التيسير النقدي.
المخاوف من طفرة الذكاء الاصطناعي تعصف بالأسواق
قالت شارلوت دوغتري، مديرة الاستثمار في الأسهم لدى “فيديريتد هيرميس”، إن السوق تعرضت لضغوط هذا الأسبوع مع تراجع شهية المستثمرين بفعل تزايد الشكوك بشأن استدامة طفرة الذكاء الاصطناعي. وأضافت: “رغم ارتفاع التقلبات، يرى معظم المحللين أن التراجع الحالي يُعد تصحيحاً وليس بداية لانكماش طويل الأمد”.
لماذا تتزايد المخاوف من فقاعة ذكاء اصطناعي تريليونية؟
وبحسب بيانات جمعتها “بلومبرغ”، سجل مؤشر “إس آند بي 500” أكبر انعكاس يومي له منذ اضطرابات الرسوم الجمركية في أبريل، إذ تراجع بنسبة 3.6% من أعلى مستوياته خلال الجلسة. وهبط المؤشر حالياً بنسبة 5% من ذروته الأخيرة.
وأشار جون فلوود، الشريك في “غولدمان ساكس”، إلى أن هذه هي المرة الثامنة منذ عام 1957 التي يفتح فيها المؤشر مرتفعاً بأكثر من 1% ثم يغلق على خسارة. لكنه أشار إلى أن متوسط الأداء بعد هذه الحوادث كان إيجابياً، مع مكاسب لا تقل عن 2.3% في اليوم والأسبوع التاليين، وزيادة بنسبة 4.7% خلال الشهر التالي.
بالمقابل، بدا أن المعنويات استقرت بعض الشيء خلال الجلسة الآسيوية، إذ ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.4%. وتراجعت سندات الخزانة الأميركية بعد مكاسبها السابقة، فيما ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات بنقطة أساس واحدة إلى 4.10%.
وصعد مؤشر التقلبات “فيكس” إلى 26.42، وهو أعلى مستوى منذ أبريل. لكن عدم إغلاقه عند ذروة الجلسة أشار إلى أن “مخاوف التقلبات لا تزال مرتفعة، لكنها ليست مفرطة”، وفقاً لكريس مورفي، الرئيس المشارك لاستراتيجية المشتقات لدى “ساسكويهانا إنترناشونال غروب”.
تزامن هذا التذبذب الحاد مع اقتراب موعد استحقاق خيارات مالية اسمية بقيمة تقارب 3.1 تريليون دولار اليوم الجمعة.
كما صدر الخميس تقرير التوظيف الحكومي المؤجل منذ فترة، والذي أظهر تسارع نمو الوظائف في سبتمبر، في حين ارتفعت معدلات البطالة بشكل طفيف. ويفيد التقرير بأن سوق العمل أظهرت إشارات على الاستقرار قبيل توقف الحكومة الفيدرالية.
وتأتي البيانات بعد يوم من نشر محضر اجتماع السياسة الأخير لـ”الاحتياطي الفيدرالي”، الذي أظهر انقسام الأعضاء بشأن قرار خفض الفائدة مجدداً.
وقال مايكل بار، محافظ البنك المركزي الأميركي، إن على “الاحتياطي الفيدرالي” أن يتوخى الحذر قبل إقرار مزيد من الخفض في أسعار الفائدة، في ظل استمرار معدل التضخم فوق المستهدف.
وأضاف بار بعد صدور بيانات التوظيف الجديدة: “سوق العمل تُظهر نوعاً من التباطؤ، إذ يخلق الاقتصاد وظائف بالكاد تحافظ على معدل البطالة مستقراً”.
البطالة الأميركية خلال سبتمبر عند أعلى مستوياتها في 4 سنوات
من جهتها، حذرت رئيسة “احتياطي كليفلاند” بيث هاماك من أن خفض الفائدة لدعم سوق العمل قد يطيل أمد التضخم المرتفع ويهدد الاستقرار المالي، فيما أبدى نظيرها في شيكاغو أوستن غولسبي تحفظه إزاء تنفيذ خفض آخر في الاجتماع المقرر الشهر المقبل.
وقال نيك تويدال، كبير المحللين لدى “إيه تي غلوبال ماركتس” في سيدني، إن “مخاوف المستثمرين بشأن التقييمات، إلى جانب تقرير توظيف متباين، هيمنت على أجواء الجلسة الأميركية”، مضيفاً: “يبدو الآن أننا في بيئة بيع عند الارتفاع، وسقف السوق تحقق بالفعل لبقية العام”.
في أسواق السلع، اتجه النفط لتسجيل خسارة أسبوعية تفوق 2%، مع تداول خام برنت دون مستوى 63 دولاراً للبرميل. وجاء هذا التراجع بعدما وافق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على العمل على خطة سلام، بالتزامن مع بدء تنفيذ عقوبات أميركية جديدة اليوم الجمعة ضد شركتين نفطيتين روسيتين.
المصدر : الشرق بلومبرج
