شاركت حكومة دولة الإمارات تجاربها الناجحة في تصفير البيروقراطية، وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي المعززة للعمل الحكومي، ضمن فعاليات مؤتمر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية رفيع المستوى، الذي عقد في باريس بعنوان «التبسيط من أجل النجاح»، بمشاركة واسعة من المسؤولين الحكوميين والخبراء والمتخصصين ورواد القطاع الخاص من الدول الأعضاء في المنظمة، وعدد من الدول حول العالم.
وتحدثت هدى الهاشمي، مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء لشؤون الاستراتيجية، في جلسة حوارية رئيسية بعنوان «التبسيط من أجل النجاح: إطلاق العنان للرخاء»، بمشاركة معالي ماريا إليزابيتا ألبرتي كاسيلاتي، وزيرة الإصلاح المؤسسي والتبسيط التنظيمي في إيطاليا.
ومعالي ماكسمليانو فارينا، وزير دولة للتحول والإدارة الحكومية، وسانجيف سنيال، عضو المجلس الاستشاري الاقتصادي لرئيس وزراء جمهورية الهند، وفرانشيسكو سافي غاتيكا، منسق التنظيم الاقتصادي في وزارة المالية بجمهورية تشيلي، ومِنّا أيلا، نائب الرئيس التنفيذي للشؤون المؤسسية والهوية في شركة «كونيكرينز» وعضو المجلس التنفيذي في منظمة رجال الأعمال لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وبحثت الجلسة التحديات المتزايدة التي تواجه حكومات العالم، من ضمنها تحديات التعقيدات التنظيمية والبيروقراطية الحكومية في ظل بيئة عالمية سريعة التطور، وما يفرضه ذلك من أهمية مواكبة اللوائح التنظيمية لتطور السوق، والعوامل المتداخلة في مسيرة التنمية، خصوصاً من ناحية تسريع مبادرات الحد من البيروقراطية، وتعزيز الاعتماد على حلول التكنولوجيا المتقدمة.
وتطرقت الجلسة إلى عدد من المبادرات العالمية الطموحة الهادفة لتخفيف الأعباء التنظيمية وتبسيطها، والساعية إلى تحفيز النمو الاقتصادي والقدرة التنافسية، واستعادة ثقة المتعاملين في الإجراءات الحكومية، مثل تقليل الأعباء الإجرائية، وإلغاء اللوائح والقيود التنظيمية، ضمن توجه عام لتقليص البيروقراطية.
جاهزية للمستقبل
وأكدت هدى الهاشمي خلال مشاركتها في الجلسة، أن تصفير البيروقراطية يمثل محركاً مهماً لبناء حكومة أكثر فاعلية وكفاءة ومرونة وجاهزية للمستقبل، مشيرة إلى أن دولة الإمارات قادت على مدى أكثر من عشرين عاماً جهوداً دائمة التطور لتعزيز الكفاءة الحكومية، وتحسين الأداء، وتبني ثقافة التميز والجودة.
وتطوير أفضل الممارسات في مختلف مجالات العمل، ترجمة لرؤية وتوجيهات القيادة التي تركز على تعزيز مرونة وكفاءة العمل الحكومي، وتبسيط الإجراءات، وبناء القدرات والإمكانات الوطنية وترسيخ جاهزيتها للمستقبل. وأشارت إلى أن حكومة دولة الإمارات أدركت منذ وقت مبكر أن «تسهيل الأمور» يعزز الازدهار والرخاء المجتمعي، مستعرضة جملة من الاستنتاجات والخبرات المستمدة من تجارب الدولة في مجال تصفير البيروقراطية.
وتسهيل الإجراءات، ورفع كفاءة المنظومة الحكومية بما يسهم في ترسيخ نموذج أكثر مرونة وفاعلية واستدامة. وقالت إن الحكومات تواجه تحدي إحداث تحول جذري في ثقافة العمل الحكومي، يعيد تعريف أسلوب العمل ويعزز الكفاءة والابتكار، ويسهم في بناء نموذج «صفر بيروقراطية» في الإجراءات والخدمات.
مشددة على أهمية تعزيز المرونة التنظيمية في عالم تتصاعد فيه وتيرة المنافسة والنمو الاقتصادي، وتسعى فيه الدول بشكل متسارع إلى جذب الاستثمارات واستقطاب المواهب وتوطين الابتكار، الأمر الذي يفرض تحديات جديدة، ويُنتج أحياناً عقبات بيروقراطية يجب مواجهتها بمستويات عالية من المرونة في التنظيم والإدارة.
وأكدت أن القضاء على البيروقراطية ليس مجرد أولوية حكومية، بل هو مهمة وطنية تتطلب التزاماً جماعياً من جميع المؤسسات والقطاعات والقادة، مشيرة إلى أهمية أن تواكب الحكومة والقطاع الخاص، متغيرات موجة التكنولوجيا الجديدة وتتكيف معها، وتوظف إمكاناتها الهائلة خصوصاً في مجال الذكاء الاصطناعي، مشددة على أهمية أن تطور الحكومات الحلول الكفيلة بتبسيط هذه الأدوات ودمجها في منظومات عملها.
وتطرقت إلى أن نموذج البيروقراطية الذي وُضع في الماضي لضمان العدالة والشفافية تحول إلى منظومة إجراءات ومتطلبات لم تعد تتناسب مع الواقع الحديث، ولم تتمكن من مواكبة التطور المتسارع في مجالات التكنولوجيا والبيانات.
مشيرة إلى أن هذا النموذج يواجه تحدياً كبيراً يتمثل في تزايد توقعات الأفراد والشركات من الحكومة، إذ لم يعد إنجاز الخدمة في يوم واحد سريعاً بشكل كافٍ في مجتمعات تتطلع إلى خدمات حكومية أكثر سلاسة واستباقية وتخصيصاً.
وتم خلال الجلسة التطرق إلى السمات الرئيسية لبرنامج «تصفير البيروقراطية الحكومية»، الذي حظي بمتابعة وإشراف مباشر من قيادة دولة الإمارات، وتبنى تحقيق أهداف طموحة بمواعيد نهائية محددة، ووضع مستهدفات واضحة لمراحله المختلفة، بدءاً بالمرحلة الأولى التي هدفت لتقليص 2000 إجراء حكومي خلال عام، وتقليل زمن إنجاز الإجراءات بنسبة 50%.
ومن ثم المرحلة الثانية التي شهدت مواصلة التخلص من الإجراءات وإلغاء الأعباء والشروط غير الضرورية، والتخلص من البيروقراطية الرقمية، وتحديث الأنظمة الرقمية الحكومية، واعتماد حلول فعّالة معززة بالذكاء الاصطناعي.
كما تناولت الجلسة سمات أخرى للبرنامج تشمل رؤية واضحة لتصفير البيروقراطية، وتطور تصميم البرنامج ومراحله، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص والمؤسسات وأفراد المجتمع في تحقيق مستهدفات تصفير البيروقراطية، وتطوير منهجيات تقييم وآليات لتحديد العقبات البيروقراطية، وتعزيز التحول الشامل القائم على التكنولوجيا، والاحتفاء بالنتائج وتكريم فرق العمل الأكثر تميزاً.
وترسيخ عقلية الابتكار في العمل الحكومي، وبناء القدرات من خلال برامج متخصصة مثل برنامج «جاهز»، الذي أسهم في صقل مهارات موظفي أكثر من 50 جهة حكومية، فيما بلغ عدد الذين أكملوا منهم برنامج «تصفير البيروقراطية الحكومية» حوالي 24 ألف موظف.
كما استعرضت الجلسة عدداً من تجارب حكومة الإمارات ومبادراتها الهادفة لتعزيز الإنتاجية الاقتصادية، وتسريع نمو القطاع الخاص، وجذب المواهب والاستثمارات العالمية، وتعزيز التنافسية العالمية.
المصدر : البيان
