أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، أهمية أن يكون هناك أساس متين من الأخلاق والقيم الإنسانية، في كل مراحل إنتاج وتطوير واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتأكد -باستمرار- من أن هذه التقنيات تخدم المصلحة العامة، وتبتعد تماماً عن تسهيل أي تلاعب أو تزوير أو نشر للإشاعات والأخبار الكاذبة.
وشدد في حوار مع «البيان» على ضرورة وجود تعاون وثيق بين الحكومات وجهات التعليم وشركات التقنية، ومؤسسات المجتمع، بهدف التزام الجميع بميثاق واضح للقيم والمبادئ، التي تكفل لهذه التقنيات أن تكون أداة لتحسين نوعية الحياة للجميع.
لافتاً إلى أن وزارة التسامح والتعايش، لا ترى بالذكاء الاصطناعي، غاية في حد ذاته، وإنما وسيلة وأداة لأداء عملها في تأكيد معاني التعايش والأخوة والحفاظ على الهوية الوطنية، وكذلك تقوية الأساس الأخلاقي والسلوكي في المجتمع.

ولفت إلى أن الوزارة وضعت خطة لنشر قيم التسامح والتعايش، خاصة بين الشباب، ترتكز على بناء ألعاب إلكترونية، والأخذ بمفهوم الصديق الرقمي، باعتبارها جميعاً، أدوات للتعليم والتدريب، وطرح برامج التسامح والتعايش، بشكل جذاب. وفيما يأتي نص الحوار:
هل ترون في الذكاء الاصطناعي أداة خاصة ومهمة لنشر التسامح والتعايش؟ وما علاقة ذلك بما نشهده الآن من أهمية كبرى لهذه التقنيات في مجالات الحياة كافة؟
ما جعلنا نهتم بالذكاء الاصطناعي في عمل الوزارة، هو إدراكنا بأن أهمية هذه التقنيات التي يصاحبها الآن ثورة هائلة في حياة البشر، لا تأتي فقط من جوانبها الفنية، وإنما تأتي في المقام الأول من جوانبها الإنسانية، والذكاء الاصطناعي -كما نلاحظ- يؤدي إلى تغييرات واضحة في سلوك البشر: كيف يفكرون؟ كيف يتعلمون؟ كيف يتواصلون مع بعضهم البعض؟ وأيضاً كيف يرتبطون بوطنهم ومجتمعهم؟
بالنسبة لنا في الإمارات، هذه التغييرات مهمة للغاية، لأننا دولة -بحمد الله- نشأت على قيم الاحترام والإنجاز ومشاركة الجميع في مسيرة الوطن، وكذلك على قيم التعايش والأخوة الإنسانية. الذكاء الاصطناعي يوفر لنا أدوات مهمة، كي نتعارف مع بعضنا البعض.
ولكي نتحاور مع الآخرين الذين يقيمون معنا، ونتعرف إلى المنطلقات الثقافية والحضارية لهم، وكي نعمل معهم من أجل تحقيق النهضة الباهرة التي يشهدها بلدنا في مختلف المجالات. الذكاء الاصطناعي يذكرنا أيضاً، بمسؤولياتنا في التأكد من أن التقدم والنماء في المجتمع، لا بد أن يكون في إطار الاعتزاز بالهوية الوطنية وبالقيم والمبادئ، التي ترتكز عليها هذه الهوية.
نحن في وزارة التسامح والتعايش، لا نرى أن الذكاء الاصطناعي، غاية في حد ذاته، بل وسيلة وأداة لأداء عملنا في تأكيد معاني التعايش والأخوة والحفاظ على الهوية الوطنية، وكذلك تقوية الأساس الأخلاقي والسلوكي في المجتمع.
كما أشرتم معاليكم، فإن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة فعالة لتحقيق الاتحاد والسلام والوفاق في المجتمع، ولكنه يمكن أيضاً أن يكون أداة لإحداث الفرقة والصراع.. من وجهة نظر معاليكم، ما الأخطار التي قد يتسبب فيها الذكاء الاصطناعي على التسامح والتعايش؟ وكيف يمكن التعامل معها؟
الذكاء الاصطناعي هو منتج بشري، يعكس بطبيعته نقاط القوة لدى الأشخاص الذين يقومون بتطويره واستخدامه، كما يعكس في الوقت نفسه، نقاط الضعف وأوجه التحيز لديهم.
الاستخدام السيئ للذكاء الاصطناعي، قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات داخل المجتمع، وإلى نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة، وربما أيضاً، إلى التفرقة والتحيز في معاملة الآخرين، هذه كلها أخطار تهدد نسيج المجتمع، وتجعل التسامح والتعايش مبادئ يصعب نشرها، أو الحفاظ عليها.
لا بد لنا أن نواجه هذه الأخطار بكل حزم وتصميم. لا بد أن يكون هناك أساس متين من الأخلاق والقيم الإنسانية، في كل مراحل إنتاج وتطوير واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. لا بد أن نتأكد -باستمرار- من أن هذه التقنيات تخدم المصلحة العامة، وتبتعد تماماً عن تسهيل أي تلاعب أو تزوير أو فساد.
وهذا يتطلب تعاوناً وثيقاً بين الحكومات وجهات التعليم وشركات التقنية، ومؤسسات المجتمع بصفة عامة، بهدف التزام الجميع بميثاق واضح للقيم والمبادئ التي تكفل لهذه التقنيات أن تكون أداة لتحسين نوعية الحياة للجميع.
نحن في الإمارات، وبتوجيه من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على استعداد كامل لأداء دورنا في هذا السبيل، بل إننا الآن وبالفعل قادة ورواد في هذا المجال، نحن حريصون كل الحرص على أن تكون الأخلاق الكريمة، والقيم الإنسانية، والسلوك المنضبط، عوامل أساسية، في تطوير واستخدامات الابتكارات والاختراعات كافة.
التقدم والنجاح
إلحاقاً بالسؤال السابق يا معالي الوزير، لقد ذكرتم أن الذكاء الاصطناعي اختبار للبشرية، وهو في الوقت نفسه فرصة مهمة لها.. هل تتفضلون بتوضيح هذا المعنى، وكيف تقوم وزارة التسامح بدورها في تحويل هذا الاختبار إلى فرصة حقيقية لتحقيق التقدم والنجاح؟
نعم، الذكاء الاصطناعي يمثل اختباراً لقدراتنا على الحفاظ على القيم الإنسانية في عالم يتسم بالمتغيرات السريعة والمتلاحقة.. الذكاء الاصطناعي يمثل تحدياً مهماً للبشر في التأكد من أن التقدم التقني، لا يكون على حساب هذه القيم، أو يؤدي إلى التخلي عنها، ولكن الذكاء الاصطناعي في الوقت نفسه، يمثل فرصة هائلة لتحقيق علاقات قوية بين الناس، وتحقيق التقارب والتفاهم بينهم، بالإضافة إلى الإمكانات المتضمنة فيه، لبناء مجتمع قوي وناجح.
وكما ذكرت، فإن الوزارة، وهي تطلق مشروع «التسامح والتعايش في عصر الذكاء الاصطناعي»، إنما تؤكد عزمها على تحقيق هذه الفرصة، وتأكيد دور الذكاء الاصطناعي في تعميق مبادئ التكافل والتراحم والتعارف والحوار..
سوف نعمل على استخدام الذكاء الاصطناعي، في التعرف إلى أنماط السلوك في المجتمع، والإحاطة بعناصر الاتحاد والتآلف فيه، ثم الأخذ بالأدوات الرقمية، التي تشجع السلوك القويم، والتواصل الإيجابي بين الجميع..
بهذا كله تصبح هذه التقنيات التي تمثل اختباراً لنا، وللقيم الإنسانية التي نحرص عليها، أداةً فعالة، وفرصة مواتية، لدعم هذه القيم وتأكيد مكانتها في مسيرة المجتمع.
هل تتفضلون بتوضيح ما تعتزم الوزارة القيام به في هذا المشروع لنشر قيم التسامح والتعايش، خاصة بين الشباب وفي المجتمعات المحلية؟
نحن نعتمد في الوزارة على منهج عملي في العمل يحرص على تحقيق أهداف محددة. سوف نستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، لإنشاء منصات للتعلم، وبناء ألعاب إلكترونية، والأخذ بمفهوم الصديق الرقمي، باعتبارها جميعاً، أدوات للتعليم والتدريب، وطرح برامج التسامح والتعايش بشكل جذاب. سوف نعتمد كذلك، على أدوات فعالة للتحليل، والمساعدة على فهم ما يدور في المجتمع من حوارات، وما لدى سكانه من قضايا واهتمامات، في مجالات التسامح والتعايش، والتعرف من خلال ذلك إلى خطط العمل اللازمة..
سوف نقوم أيضاً بالعمل على تحقيق الترابط والتعاون بين المدارس والجامعات وأماكن التجمعات الشبابية، ليكونوا جميعاً أعضاء في شبكة متكاملة للتعاون والعمل المشترك. سوف نقوم بالإضافة إلى ذلك، بتأسيس شراكات فعالة مع المؤسسات العالمية، لتعريفهم بالنموذج الرائد للإمارات في التعايش والتسامح، وبناء علاقات تعاون وتنسيق معهم.
إن هدفنا في ذلك كله، هو التأكد من أن الذكاء الاصطناعي سوف يكون أداة فعالة لبناء علاقات قوية بين الجميع، تعكس القيم والمبادئ الإنسانية الراسخة، في مسيرة دولتنا العزيزة.
تؤكدون في كل مناسبة أن الذكاء الاصطناعي، يجب أن يكون في الوقت نفسه ذكاءً أخلاقياً. هل تتفضلون بتوضيح ما تقصدونه بذلك، وما دور الأخلاق في مستقبل الذكاء الاصطناعي في الدولة والعالم؟
إنني على قناعة كاملة، بأن الأخلاق الكريمة والقيم الإنسانية، ستكون دليل عمل البشر في المستقبل.. الأخلاق الكريمة والقيم الإنسانية، هي ضمان أكيد بأن التقدم البشري لا بد أن يتسم بالإنسانية، والحرص على كرامة كل فرد في المجتمع. إنني على قناعة كاملة، بأن نجاح الذكاء الاصطناعي يتطلب أن يكون ملتزماً باحترام الحياة، وتعميق قيم التكافل والتراحم والمسؤولية المشتركة بين الجميع.
إننا في الإمارات، ولله الحمد، حريصون كل الحرص على الحفاظ على قيم المجتمع، في كل ما نقوم به، من عمل أو نبذله من جهد.. نحن، ولله الحمد، نحظى بتقدم اقتصادي واجتماعي وتقني مرموق، يرتبط على نحوٍ وثيق، بقيم المجتمع ومبادئه. وبالتالي فإني أرى مستقبلاً واعداً للذكاء الاصطناعي في دولتنا العزيزة.
أما على مستوى العالم، فإنني أرى ضرورة أن يعتمد الذكاء الاصطناعي على المبادئ والقيم التي يشترك فيها جميع البشر.. يجب أن يكون أداة لنشر الخير، ومساعدة الناس إلى التعارف والحوار والعمل المشترك.
وأن يبتعد بهم عن الحروب والنزاعات والصراعات. إنني على ثقة كاملة، بأن نجاح الذكاء الاصطناعي، لن يكون في سرعة الإنجاز أو دقة العمل، بل سيكون في قدرته على تحسين نوعية الحياة للبشر، ومساعدتهم على المعيشة في سلام وتفاهم واحترام متبادل.
هل هناك خطط للتدريب على استخدامات الذكاء الاصطناعي للعاملين في الوزارة، ولغيرهم من المستفيدين من خدماتها؟
بالطبع، تدريب العاملين في الوزارة هو أمر أساسي في هذا المشروع الذي نطلقه، سوف يكون ذلك جزءاً أساسياً في تنفيذ المشروع، إنني أقول دائماً إن أي مشروع نقوم به لا بد أن يتضمن خطة لإعداد وتدريب القوى البشرية التي تقوم على تنفيذه، يصاحبها خطة للتنمية المستمرة لهم، نأخذ في ذلك، بأفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.. هدفنا في ذلك أن يتم التنفيذ على أكمل وجه.
أما بالنسبة لمستخدمي تقنيات الذكاء الاصطناعي في هذا المشروع من أفراد المجتمع العام، فإن التطبيقات التي سوف تقوم الوزارة بتنفيذها سوف تتضمن أساليب التدريب على استخداماتها، سواء الإجراءات والخطوات الفنية اللازمة لذلك، أو تنظيم برامج التوعية والتدريب لأعضاء الجمهور العام.. سوف يكون هناك برنامج لذلك يتم الإعلان عنه على نطاق واسع.
ألعاب إلكترونية و«صديق رقمي» لنشر قيم التسامح والتعايش بين الشباب
وزارة التسامح تستخدم الذكاء الاصطناعي لتأكيد معاني التعايش والأخوة الإنسانية
الاستخدام السيئ للذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات داخل المجتمع
حريصون على أن تكون القيم الإنسانية أساس تطوير الابتكارات والاختراعات كافة
شراكات فعالة مع المؤسسات العالمية للتعريف بنموذج الإمارات الرائد في التعايش
نجاح الذكاء الاصطناعي يتطلب أن يكون ملتزماً باحترام الحياة وتعميق قيم التكافل
إطلاق 12 تطبيقاً ذكياً ضمن برامج وزارة التسامح
أعلن معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، عن إطلاق 12 تطبيقاً ذكياً ضمن برامج وزارة التسامح والتعايش تغطي كافة أوجه العمل بها، من المقرر توجيهها للوفاء باحتياجات مختلف فئات السكان.
حيث سوف تكون متاحة في الوطن والعالم. وأوضح معاليه أن التطبيقات سوف تكون أدوات للتعلم المستمر في كل وقت، وفي كل مكان، وأداة لتشجيع الإبداع والابتكار في مجالات التسامح والتعايش، مضيفاً بأنها سوف تكون مجالاً للاعتزاز بالثقافة والتراث والهوية الوطنية، وطريقاً لتعميق علاقاتنا مع العالم.
وأشار خلال إحاطة إعلامية، أمس، في أبوظبي للإعلان عن برنامج عمل الوزارة في عام 2026 حول التسامح والتعايش في عصر الذكاء الاصطناعي إلى أن هذه التقنية سيكون لهذه دور في إبراز النموذج الإماراتي في التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية أمام العالم.
وقال: إن هذا المشروع بتوافق مع توجيهات القيادة الرشيدة في تمكين الوطن من تحقيق الإفادة الكاملة، من كافة معطيات العصر، وتوقعات المستقبل. وقال معاليه: في ظل القيادة المستنيرة، التي تتسم بالحكمة والشجاعة، يأتي مشروع «التسامح والتعايش في عصر الذكاء الاصطناعي»، إسهاماً من الوزارة، في تأكيد ما تحظى به الدولة من شأنٍ عظيم في مجال الذكاء الاصطناعي.
مشيراً إلى أن المشروع يستهدف تعزيز قيم التسامح والتعايش، لدى الفرد والمجتمع والعالم. وقال إن وزارة التسامح والتعايش، تركز على ضرورة الحفاظ على القيم والمبادئ الإنسانية، في مسيرة الدولة، وتقوم بمسؤولياتها، في ضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي، هو ذكاء أخلاقي، يحمي الحقوق، ويأخذ بمبادئ الأخلاق والسلوك القويم، حيث إن الوزارة على وعي كامل، بالمنافع الكثيرة للذكاء الاصطناعي، وفى الوقت نفسه، على دراية بما قد يترتب على الاستخدام غير الجيد لهذه التقنيات، من مخاطر وتهديدات.
وأشار معالي الشيخ نهيان بن مبارك إلى عدد من الاعتبارات الأساسية، التي تحكم استخدامات الذكاء الاصطناعي، منها أن الوزارة سوف تكون نموذجاً وقدوة في الاستخدامات والابتعاد عن أي تحيز ثقافي أو فكري، أو تفرقة بين الأفراد أو الجماعات، والتركيز على مبادئ التعارف والحوار والعمل المشترك بين البشر، بالإضافة إلى جمع وتحليل محتويات وسائل التواصل المجتمعية ونشر النتائج على نطاقٍ واسع.
وقال معاليه إن رسالتنا في ذلك كله واضحة تماماً: الذكاء الاصطناعي، أداة مهمة في هذا العصر، وأننا في الوزارة، ملتزمون تماماً، باستخدامها، على نحوٍ يجعل منها، أداة لتحقيق السلام والوفاق، والحفاظ على القيم الإنسانية المشتركة، بين البشر في كل مكان.
المصدر : البيان
