قصص الحياة في زخارف مهرجان الفنون الإسلامية

قصص الحياة في زخارف مهرجان الفنون الإسلامية

أكثر من 30 خطاطاً وخطاطة من تركيا شاركوا في مهرجان الفنون الإسلامية تحت إشراف البروفسور التركي المعروف د. عمر فاروق تاشكله في معرض جاء بعنوان «انعكاس» وذلك في بيوت الخطاطين.

هذه الأعمال المشاركة تعكس مواضيع متعددة مثل: الحب والطبيعة والحياة اليومية، وتتميز بألوان يغلب عليها الذهبي والأزرق الداكن.

وهي تتنوع بين كونها لوحات خطية، تمزج بين الكتابة والزخرفة، وهذا مهم جداً، حيث تشتمل هذه المشاركات على موضوعات تحمل قصصاً تصور الجمال الكامن في هذه الحياة، بما فيها من بهجة وقصص ملهمة.

الناظم المشترك في هذه الأعمال الفنية، هو محاكاتها لتجربة أستاذهم عمر فاروق، الذي يتميز بأسلوبه في زخرفة الخط العربي المعروف باسم «الهلكار»، فكانت هذه التجربة الغنية بانتمائها للفن الإسلامي تتميز بزخارفها النباتية والسحابية، إضافة إلى الزخارف الهندسية حيث قام هؤلاء الفنانون بتنفيذها بأسلوب حر وحديث، من خلال استخدام مواد مختلفة، ومن خلال الاستعانة بالتكنولوجيا والتقنيات الحديثة.

«عباد الشمس»

شاركت الفنانة إليف سينا يلماز بلوحة عنوانها «زهرة عباد الشمس المتجددة»، اللوحة تتكون من زهرة كبيرة في المنتصف، تشبه زهرة دوار الشمس، لكن بأسلوب زخرفي هندسي، وهي تتكون من عدة طبقات من البتلات، وكل بتلة لها نقوش دقيقة تشبه تقنية التنقيط، وكان مركز الزهرة عبارة عن دائرة داكنة مملوءة بنقاط صغيرة منتظمة، أما خلفية اللوحة فصممتها الفنانة يلماز بتأثيرات خطوط لولبية تشبه ضربات فرشاة فان جوخ في لوحته الشهيرة «دوار عباد الشمس»، أما الإطار الذي يحتضن اللوحة فيحتوي على زهور عباد الشمس مرسومة بأسلوب انطباعي.

منمنمات

في لوحة حسن تركمان التي جاءت تحت عنوان «بوابة الجنة» باستخدام الأكريليك والغواش والألوان المائية، رسم الفنان لوحة تنتمي إلى فن المنمنمات الإسلامية الفارسية، وهي في الغالب تتكون من رسومات صغيرة وملونة، كما هو في أسفل وأعلى اللوحة، وهي تعتمد على فن التصوير الدقيق وتستخدم الألوان المائية والذهب، وتتميز بتفاصيلها الدقيقة، واللوحة تمثل منمنمة ذات طابع روحي تجمع بين فني العمارة الإسلامية (بوابة، محراب) وبين العناصر السماوية (ملائكة مجنحة) والمشهد بشكل عام هو مشهد علوي وكأنه يصور إحدى الأماكن المقدسة في الليل. تتميز هذه اللوحة بزخارفها النباتية، مع كثافة في التفاصيل، وهي لوحة ترمز إلى عالم علوي مقدس يتداخل مع فضاء معماري دنيوي، وقد صاغ الفنان تركماني لوحته هذه تبعاً للطريقة التقليدية في المنمنمات الفارسية.

تميزت هذه اللوحة بعدة خصائص جمالية وفنية، أبرزت براعة الفنان في رسم الخطوط الرفيعة جداً، كما أظهرت براعته في رسم تفاصيل الملابس، والأجنحة، والنباتات، والنقوش، خاصة تلك النقوش الظاهرة في البوابة.

ومن جهة ثانية، فقد استخدم تركمان مهارته في الألوان، التي جاءت دون ظلال قوية، كما أن ظهور شخصيات صغيرة في العمل، يدل دلالة على أنها لوحة تنتمي لفن المنمنمات، ويظهر في اللوحة كذلك شكل الأقواس المعمارية، والزخارف النباتية المتشابكة، والملابس الشرقية التقليدية، كما أن اللوحة مقسمة بصرياً إلى ثلاثة مستويات: مستوى علوي حيث المدينة أو المعلم المكاني المقدس، وقسم سفلي حيث الملائكة التي تبدو وكأنها تطير بين النباتات التي تشبه ألسنة اللهب النورانية، وهو أسلوب شائع في تمثيل العوالم الروحانية.

وهناك القسم الأوسط، حيث الباب أو المحراب المزخرف، الذي يرمز إلى العبور بين العوالم، أو «البوابة الروحية».

تجلت العمارة الإسلامية في هذه اللوحة من خلال القوس المرتفع، والأعمدة الجانبية، والزخرفة الظاهرة على البوابة على نمط الزخرفة الهندسية الدقيقة.

تجريد

في لوحة الفنانة ديريك يرلي، التي جاءت تحت عنوان «تحول ثان، تقنيات متعددة على قماش» نقف أمام شخصية أنثوية، مجسدة بأسلوب زخرفي تجريدي، أما العنصر المركزي في اللوحة فهو الرأس، والكتف، والشكل الجسدي المنحني، تطلق الشخصية الأنثوية من جسدها، شرائط تشبه الأثواب أو الريش، أو أوراق الشجر المزخرفة بأشكال متعددة الألوان، أما تركيب اللوحة فجاء بشكل عمودي، والطاقة البصرية في اللوحة تتجه نحو اليمين.

بدأت الفنانة يرلي لوحتها من أسفل على شكل عمود، أو ساق تصل إلى أعلى حيث رأس الشخصية، وكان لافتاً في هذا الرسم تلك الحركة الدورانية المنسابة، حيث تبدو الأشرطة الزخرفية وكأنها تدور وتتناثر، وتولِّد إحساساً عند المشاهد بالرياح، أو بذلك الراقص الطائر، وقد صاغت الفنانة هذه اللوحة الجميلة من خلال التوازن غير المتماثل، فالثقل البصري يتجه نحو اليمين بسبب تموج الأشرطة في هذه الجهة، مع ترك فراغ أبيض عند جهة اليسار أسهم في إبراز الشكل.

حرصت الفنانة في هذه اللوحة، على تكرار الأشكال الهندسية والزخرفية الصغيرة، وذلك منح اللوحة إيقاعاً بصرياً لافتاً.

ظهر في اللوحة تأثيرات الرسم اليدوي الدقيق، في طابع زخرفي معاصر، أكثر من كونه كلاسيكياً واقعياً.

وكانت اللوحة غنية بالألوان ومتناغمة من حيث تدرجها بين البرتقالي والبني والذهبي، مع لمسات فنية من الأزرق المخضر واللون السماوي وكذلك الأرجواني.

لقد أبدعت الفنانة في تقديم منظور فني زاخر بالتفاصيل والرموز، فهناك الأنماط الهندسية ما بين الدوائر وشبه المثلثات، التي بدت متداخلة مع نقوش نباتية وزهرية، ما يدل على أن الفنانة قد دمجت ما بين مفهوم الهندسة والطبيعة، وقد كان رأس الجسد الأنثوي مكتمل الملامح (العينان والشفتان) لكن شعر الجسد الأنثوي، كما هو غطاء الرأس ظهر متحولاً إلى أشكال زخرفية ما يشير إلى التماثل بين الإنسان والطبيعة.

المصدر : صحيفة الخليج