افتتح محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة، مدير مهرجان الفنون الإسلامية، 7 أعمال فنية ضمن التجهيزات المشاركة في فعاليات الدورة السادسة والعشرين من المهرجان، وذلك في بيت الحكمة، ومَجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، بحضور مروة العقروبي، المديرة التنفيذية لبيت الحكمة، ونخبة من الفنانين العالميين والإعلاميين، ومتابعي الحدث الفني.
احتضنت ساحات بيت الحكمة 4 أعمال فنية، هي: «جناح العباءة» للفنان أدن تشان «استوديو ال واي واي اتش» من هونغ كونغ، و«معابر مضيئة: الأركان الخمسة» للفنانة رومينا خانوم من المملكة المتحدة، و«منارة» للفنانة الإماراتية سلمى المنصوري، و«ابقي عينيكِ على النور» للفنانة السعودية فاطمة عبد الهادي.
كما استضاف مَجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار 3 أعمال فنية، هي: «رماد ونظام» للفنانة الإماراتية روضة المرزوعي، و«دائرة النور» للفنان الكويتي محمود شاكر، و«تكرار» للفنانة الإيرانية ندا سلمان بور.
وتجول القصير والحضور بين الأعمال السبعة، ولمسوا ملامح التجربة الإبداعية التي تجسّدت في كل عمل. فقد أتاحت الجولة فرصة لاكتشاف التفاصيل الدقيقة لكل عمل، والإنصات إلى الحكايات التي يرويها كل عمل فني بطريقته الخاصة.
وتعددت الوقفات عند التجهيزات الفنية التي عكست تنوّع الأفكار والرؤى، واستمع الزوّار إلى مداخلات الفنانين الذين قدموا لمحة عن رحلتهم في صياغة كل قطعة، بدءاً من الفكرة الأولى وصولاً إلى اللمسات الأخيرة، سعياً إلى الاقتراب من فكرة شعار المهرجان «سراج».
يُجسّد «جناح العباءة» لأدن تشان تحيَة معمارية لهذا الرداء الإسلامي الأيقونيّ، محوّلاً إيّاه إلى تجربةٍ مكانيةٍ تنبض بالاحتفاء بجمالها، وعمق دلالاتها الثقافية، ودورها المتنامي في نسيج المجتمع المعاصر. فهو لا يترجم جوهرَ العباءة فحسب، بل يعيد ابتكارها كعباءة للعمارة والناس، تكتنفهم وتؤويهم، فتغدو رمزاً وملاذاً في آنٍ معاً.
يتّخذ الجناح هيئةً دائريةً يبلغ قطرها اثنَيْ عشرَ متراً، تحتضن مساحةً مهيّأةً للتجمّع المجتمعي، وتجسّد في اللحظة ذاتها سمات العباءة الأصيلة: الحماية، والانسياب، والرقيّ. وقد استندَ التصميم إلى مبادئ الهندسة الإسلامية، معتمداً نمط الوردة المقدَّسة ذات النّقاط الاثنَتَيْ عشرَة، إطاراً هيكليّاً. ولم يقتصر دور هذا النمط على تشكيل الهيكل، بل أضفى حركةً ظلّيةً ديناميكيةً، تتبدّل على مدار النهار، وتلقي ظلالاً هندسيةً متغيّرةً تعانق أرجاء المكان.
استلهام
«معابر مضيئة: الأركان الخمسة» لرومينا خانوم هو عمل فنّي ضوئي يستكشف الإيقاع الروحيّ والدنيويّ للعبادات الإسلامية، مستلهماً من السّراج – ذلك الرمز العريق للاهتداء والإيمان والتأمّل. يتألّف هذا العمل من خمسة ألواحٍ ملوّنةٍ من الأكريليك، نُحتت بدقّة متناهية باستخدام الليزر، وزُيّنت بنقوش هندسية إسلامية، حيث يمثّل كلّ لوح منها إحدى الصلوات الخمس اليوميّة: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء.
يتجذّر هذا العمل في عمق التقاليد الفنية الإسلامية، حيث لا ينظر إلى الضوء والهندسة بوصفهما زينة بصرية فحسب، بل باعتبارهما تعبيراً متجسّداً عن الروحانية الخالصة. ويقدّم العمل تفسيراً معاصراً لقداسة الزمان والمكان.
ويعيد عمل «منارة» لسلمى المنصوري تصوّر التفاصيل الزخرفية التي خَبَت ملامحها في العمارة الإسلامية لمدينة «غياثي»، الواقعة في إمارة أبوظبي. مستوحياً هيئة المئذنة ووهج السراج التقليدي، ويتأمّل هذا العمل رموز النور والهداية واليقظة الروحية، التي طغت عليها بساطة العصر الحديث.
«أبقي عينيك على النور» لفاطمة عبد الهادي تجهيز فنّي غامر، يتكوّن من ألواح شبكيّة معلّقة مطبوعة، تشكّل بحد ذاتها حديقةً خياليّة، تحفظ الذاكرة في طبقات من العطر والظلّ والصمت. يدعو هذا العمل المشاهد إلى التأمّل في سكون يلفّه ما لا يُدرَك تماماً، وإن ظلّ حاضراً على نحو خفيّ.
أما «رماد ونظام» لروضة المرزوعي فهو تأملٌ نحتيٌّ في تقاطع الذّاكرة والهندسة المقدسة. يكمن جوهره في «السخام»، ذاك الفحم الطبيعي الّذي استعانت به المجتمعات البدويّة قديماً للإيقاد والتطهير والحفظ. وفي هذه النسخة، يعيد العمل تخيل «السخام» لا كبقايا متفحمةٍ، بل كذكرى معلقةٍ: كرةٌ فولاذيّةٌ مزدانةٌ بنقوشٍ دقيقةٍ من الهندسة الإسلاميّة المعقّدة، ومكسوّةٌ بطبقةٍ من الفحم المسحوق.
ويتمحور جوهر عمل «دائرة النور» لمحمود شاكر حول السراج بما يحمله من دلالات ومعانٍ رمزية، ليقدّم الفنان رؤيته في عمل تركيبي يستكشف طاقة الضوء كعنصرٍ جامع بين الروحاني والجمالي، حيث يتجاوز حضوره البعد المادّي ليغدو رمزاً للتأمل والسمو.
يقدّم عمل «تكرار» لندا سلمان بور الفنّي مقاربة بصرية مغايرة، إذ يستند إلى إعادة تشكيل أبسط الأشكال عبر تكرار خوارزمي منظّم يضفي عليها رهبة خاصة ومعنى جديداً. وقد اعتمدت الفنّانة في إنجازه على مقاطع من الألمنيوم المعماري، وهو عنصر متواضع وشائع في البناء، لتعيد تأويله من خلال منظور الفنّ. وبهذا التحويل، ينتقل الألمنيوم من كونه مادّة وظيفية حبيسة الجدران والدعامات إلى حضور جمالي مستقل، مكشوف للعين، ومقدَّم في ضوء لم يألفه من قبل. العمل يطرح، بذلك، تساؤلاً حول علاقة الفنّ بالعنصر المعماري اليومي، وكيف يمكن للوظيفي أن يتحوّل إلى حامل للدلالة والجمال.
المصدر : صحيفة الخليج
