حققت أسواق الأسهم العالمية بقيادة البورصات الأميركية أداء مذهلاً خلال عامي 2023 و2024، فهل يكون عام 2025 هو الثالث على التوالي؟
بعد عامين من المكاسب الكبيرة، تتوقع “وول ستريت” أن تستمر الأوقات الجيدة للأسواق هذا العام، لكن ليس على النطاق الهائل الذي أفسده المستثمرون أخيراً.
وتظهر توقعات “وول ستريت” أن معظم الاستراتيجيين يتوقعون نمواً مئوياً مزدوج الرقم لمؤشر “ستاندرد أند بورز 500” خلال عام 2025، وإن كان أكثر اعتدلاً مما كان عليه عام 2024، فيما يتوقع المحللون أن يرتفع المؤشر بنسبة 14.8 في المئة خلال عام 2025 وفقاً لبيانات حديثة من “فاكت ست”.
وخلال العام الماضي ارتفعت الأسهم الأميركية، إذ عزز النمو الاقتصادي القوي وتباطؤ التضخم وسلسلة من خفوض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياط الفيدرالي والحماسة لفوز الرئيس المنتخب دونالد ترمب في الانتخابات، تفاؤل المستثمرين. وكانت أسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي نجوم عام 2024، ومن المتوقع إلى حد كبير أن تقود النمو مرة أخرى العام الحالي.
ومع ذلك يحذر محللو “وول ستريت” من الجوانب السلبية المحتملة عام 2025، ووفقاً لبنك “أوف أميركا” فإن عدم اليقين في شأن سياسة التعريفات الجمركية التي اقترحها ترمب، والتضخم المتجدد المحتمل والتوترات الجيوسياسية الوشيكة من بين القضايا قد تضر بنمو سوق الأسهم.
وفي مذكرة بحثية حديثة، قال مدير الاقتصاد الكلي العالمي في “فيديليتي إنفستمنتس” جورين تيمر “أنا متفائل في شأن الأسهم خلال عام 2025، لكن مع ارتفاع التقييمات ونضوج سوق الصعود لا أعتقد أن المستثمرين يجب أن يتوقعوا مثل هذه العائدات المذهلة العام المقبل كما رأينا خلال العام الماضي”.
لكن التنبؤ ربما لا يصلح في أسواق الأسهم، فخلال عام 2024 رفع عديد من المحللين توقعاتهم لأسعار مؤشر “ستاندرد أند بورز 500″، وارتفع المؤشر إلى ما هو أعلى من المتوقع.
مكاسب كبيرة تنتظر “ستاندرد أند بورز 500”
واختتم مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” عام 2024 بمكاسب سنوية بلغت نحو 23 في المئة بعد ارتفاعه بنسبة 24 في المئة خلال عام 2023، مسجلاً بذلك المرة الأولى منذ عامي 1997 و1998 التي يغلق فيها المؤشر بمكاسب متتالية تجاوزت 20 في المئة.
ولم يستفد المتداولون من ازدهار سوق الأسهم فحسب، إذ تعمل المكاسب التي حققها مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” على تعزيز مدخرات التقاعد، وتعمل كإشارة عامة للاستقرار الاقتصادي. لكن “وول ستريت” تشك في إمكانية تحقيق عام آخر من المكاسب التي تزيد على 20 في المئة.
ومن بين المحللين الأكثر تفاؤلاً، يتوقع رئيس استراتيجية الأسهم في “ويلز فارغو” كريستوفر هارفي أن يصل مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” إلى مستوى 7007 نقاط بحلول نهاية عام 2025، مما يعني مكاسب للمؤشر بنسبة 19 في المئة.
وتتوقع “وول ستريت” استمرار مكاسب سوق الأسهم لأنها تتوقع نمواً اقتصادياً قوياً وأرباحاً للشركات وإدارة صديقة للأعمال تحت قيادة ترمب.
ومع بدء عام 2025، يرى بعض المحللين أن النمو المذهل الذي حققته الأسهم الأميركية دليل على عصر جديد في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مع تقييمات مستدامة ونمو قوي في الأرباح المستقبلية لدعم استمرار الارتفاع.
ويتوقع المحلل الصاعد في مجال التكنولوجيا وكبير المحللين في شركة “ويدباش سيكيورتيز” دان إيفز ارتفاع أسهم قطاع التكنولوجيا بنسبة 25 في المئة خلال عام 2025، بسبب قلة التنظيم في ظل إدارة ترمب واستمرار “الأساس المثالي” لشركات التكنولوجيا الكبرى مثل “تيسلا”.
واختار إيفز أسهم شركات “إنفيديا” و”مايكروسوفت” و”بالانتير” كأفضل ثلاث شركات رابحة في مجال الذكاء الاصطناعي عام 2025، وكانت جميعها شركات رابحة بصورة كبيرة عام 2024.
تجدد مخاوف التضخم والأسعار يعوق الأسهم
لكن الإمكانية الدائمة لبيئة صنع السياسات المتقلبة خلال رئاسة دونالد ترمب، وإمكانية تغيير سياسة بنك الاحتياط الفيدرالي والسوق التي واجهت مقاومة ضئيلة للغاية، قد تشكل مشكلات للأسهم خلال عام 2025.
والعام الحالي، قمع بنك الاحتياط الفيدرالي التضخم إلى حد كبير من دون دفع الاقتصاد إلى الركود، ومع ذلك لم يروض التضخم بالكامل. وخلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أصدر بنك الاحتياط الفيدرالي ما أطلق عليه بعض الاقتصاديين “خفضاً متشدداً”، وأشار إلى أنه بعد خفض البنك المركزي أسعار الفائدة، قد لا يفعل ذلك مرة أخرى لفترة من الوقت. وبعد اجتماعه الأخير عام 2024، راجع بنك الاحتياط الفيدرالي توقعاته لمقياس التضخم المفضل لديه لعام 2025، ورفعه من 2.1 في المئة إلى مستوى 2.5 في المئة.
وأدت المخاوف في شأن التضخم وبنك الاحتياط الفيدرالي إلى هبوط الأسهم أوائل ديسمبر الماضي، وكانت تكافح لاستعادة زخمها منذ ذلك الحين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسجل مؤشر “داو جونز” خلال الـ18 من ديسمبر الماضي أطول سلسلة خسائر له منذ عام 1974، ويتوقع المتداولون فرصة بنسبة 11 في المئة فقط لخفض أسعار الفائدة خلال يناير (كانون الثاني) الجاري، وفقاً لأداة “سيم فيد ووتش”.
تضخيم حال عدم اليقين والقلق لدى المستثمرين
وقال كبير استراتيجيي الاستثمار في “سي أف آر إي ريسيرش” سام ستوفال إن “عدم اليقين الذي اعترف به بنك الاحتياط الفيدرالي في شأن إجراءات السياسة النقدية عام 2025، إلى جانب توقع خفضين فقط بدلاً من أربعة عام 2025، أدى إلى تضخيم حال عدم اليقين والقلق لدى المستثمرين، مما أدى إلى جني الأرباح هذا العام بدلاً من التأخير في العام الجديد”.
ومع بداية العام الجديد، سيلتصق المستثمرون بالأخبار حول القضايا الرئيسة، مثل التعريفات الجمركية المحتملة، التي يمكن أن تؤدي إلى نجاح أو فشل الأسواق في ظل إدارة ترمب. وقال كبير استراتيجيي السوق الأميركية في “مورنينغ ستار” ديفيد سيكيرا “ستكون البطاقة الجامحة الأكثر أهمية على الطاولة لعام 2025 هي التنفيذ المحتمل للرسوم الجمركية التي أعلن عنها ترمب”.
وأشار كبير الاقتصاديين في “موديز أناليتيكس” مارك زاندي إلى أن عمليات البيع الموسعة قد تقوض النمو الاقتصادي في أميركا. وقال إنه يعتقد أن الاقتصاد “عرضة بشدة لعمليات البيع في سوق الأسهم”. ووصف كيف كان نمو سوق الأسهم مدفوعاً باختيار الأسر الغنية إنفاق مزيد وتوفير أقل. وتابع “إذا تعثرت سوق الأسهم وهو ما جادلت بأنه خطر كبير، فإن الأسر الغنية ستتفاعل بالتأكيد من خلال توفير مزيد وإنفاق أقل”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية