تواجه شركة “إنفيديا” مخاوف متزايدة حيال فقدان هيمنتها على سوق أشباه الموصلات المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهو ما بدأ ينعكس على أداء السهم.
هبط سهم الشركة 2.6% يوم الثلاثاء، بعدما أشار تقرير إلى أن معالجات الذكاء الاصطناعي من “ألفابت” تحقق تقدماً متسارعاً. ومنذ بداية نوفمبر، خسر السهم نحو 14% من قيمته، ما أدى إلى محو أكثر من 700 مليار دولار من القيمة السوقية لـ”إنفيديا”، وسط تصاعد القلق من فقاعة في الإنفاق على الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن الاستثمارات الدائرية التي تضخها الشركة في شركات ناشئة مثل “أوبن إيه آي”، والتي تُعدّ أيضاً من زبائنها.
اقرأ أيضاً: “سوفت بنك” تفاجئ السوق ببيع حصتها في “إنفيديا” مقابل 5.8 مليار دولار
وبدا السهم في طريقه لمواصلة التراجع خلال تداولات ما قبل الافتتاح يوم الأربعاء، في وقت انخفض مضاعف الربحية إلى 25 مرة للأرباح المتوقعة خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، مقارنة بـ34 مرة في مطلع الشهر الجاري.
تقييم “إنفيديا” تحت المجهر رغم تفوقها في النمو
قال آدم سرحان، الرئيس التنفيذي لشركة “50 بارك إنفستمنتس” (50 Park Investments)، إن “تقييم إنفيديا كان مبنياً إلى حدّ كبير على فرضية محافظتها على حصتها في السوق… وإذا بدأت بخسارة جزء من هذه الحصة، فسيعيد المستثمرون النظر في توقعات النمو المحتملة، والتقييم الذي ينبغي أن تحظى به”.
اقرأ أيضاً: “إنفيديا” تقود مؤشرات الأسهم الأميركية للصعود في ختام أسبوع مضطرب
يُتداول سهم “إنفيديا” حالياً دون متوسط مؤشر “بلومبرغ للعظماء السبعة” (Magnificent Seven) الذي يبلغ مضاعف ربحيته حوالي 30، ويُعدّ السهم الأسوأ أداءً بين شركات المؤشر خلال الشهر الجاري.
لكن من حيث الإيرادات ونموّ الأرباح، ما تزال “إنفيديا” تتفوق بفارق واسع على بقية المجموعة التي تضم أيضاً شركات “ألفابت” و”أمازون” و”أبل” و”مايكروسوفت” و”تسلا”. ومن المتوقع أن ترتفع إيراداتها هذا العام بنسبة 63%، مقابل 21% فقط لشركة “ميتا”، التي تسجل ثاني أعلى معدل نمو بين الشركات السبع الكبرى.
وقال سرحان إن هذا المستوى القوي من النمو يجعل سهم “إنفيديا” يبدو “دون قيمته العادلة نسبياً، بالنظر إلى الإمكانات المستقبلية”.
ثقة المحللين تظل مرتفعة رغم بوادر التحوّل في السوق
في غضون ذلك، لا تبدو “وول ستريت” قلقلة حيال المسار الذي تسلكه الشركة. فقد ارتفعت توقعات الأرباح للسنة المالية المقبلة بنسبة 12% مقارنة بالأسبوع السابق، فيما يوصي 74 من أصل 80 محللاً يتابعون السهم بالشراء، مقابل محلل واحد فقط يوصي بالبيع، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ.
حتى المحلل المتشائم الوحيد، جاي غولدبرغ من شركة “سيبورت غلوبال سيكيوريتيز” (Seaport Global Securities)، رفع تقديراته بعد نتائج “إنفيديا”، رغم استمراره في تبنّي موقف حذر.
اقرأ أيضاً: “إنفيديا” تفشل في إنهاء انقسام وول ستريت حول الذكاء الاصطناعي
وقال غولدبرغ “أرقام إنفيديا كانت قوية، ولذلك رفعت توقعاتي، لكن قيود الإمدادات بدأت بالانحسار، وعندما نصل إلى مرحلة التحوّل من فائض في الطلب إلى فائض في المعروض، فذلك يمثل نقطة انعطاف في الدورة السوقية. لا أعتقد أن هذا التحوّل سيحدث خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، لكنني أرجّح حدوثه في عام 2026”.
تطوير رقائق ذكاء اصطناعي بديلة لـ”إنفيديا”
لا يفترض أن يفاجئ بروز المنافسة المستثمرين الذين تابعوا صعود “إنفيديا” خلال السنوات الثلاث الماضية منذ أن كشفت “أوبن إيه آي” عن “تشات جي بي تي”، فقد كان أكبر عملاء الشركة يتوقون إلى بديل فعّال لمسرّعات الذكاء الاصطناعي المتطورة التي تنتجها “إنفيديا” والتي قد يتجاوز سعر الواحدة منها 30 ألف دولار.
تشكل تلك الرقائق جزءاً كبيراً من نفقات رأس المال المرتبطة بالذكاء الاصطناعي لدى شركات “ألفابت” و”ميتا” و”مايكروسوفت” و”أمازون”، والتي يُتوقع أن تتجاوز 400 مليار دولار مجتمعة خلال الفصول الأربعة المقبلة.
اقرأ أيضاً: رغم مخاطر التقييم والفائدة.. نتائج إنفيديا ترفع أسهم الذكاء الاصطناعي
على مدى سنوات، عملت شركات التكنولوجيا الكبرى التي تُعدّ من عملاء “إنفيديا” الرئيسيين على تطوير رقائقها الخاصة بمساعدة شركاء مثل “برودكوم” (Broadcom Inc). وتتوقع ثاني أقرب منافِسة لـ”إنفيديا” في رقاقات الذكاء الاصطناعي وهي شركة “أدفانسد مايكرو ديفايسز” (Advanced Micro Devices)، أن يدرّ نشاطها في مجال الذكاء الاصطناعي إيرادات بـ”عشرات المليارات” من الدولارات سنوياً بحلول عام 2027.
إيرادات “إنفيديا” تتجاوز توقعات السوق
مع ذلك، لم تظهر مؤشرات تُذكر على أن هذه المنافسة تنال من مبيعات “إنفيديا”. توقعت الشركة الأسبوع الماضي أن تصل إيراداتها إلى نحو 65 مليار دولار في الربع الحالي، أي بما يزيد بنحو 3 مليارات دولار عما كانت تتوقعه وول ستريت، مع الإشارة إلى أن الغالبية العظمى من هذه الإيرادات تأتي من رقائق الذكاء الاصطناعي. وجاء ذلك بعد توقع الرئيس التنفيذي لـ”إنفيديا”، جينسن هوانغ، الشهر الماضي، بأن تتجاوز المبيعات 500 مليار دولار خلال الفصول المقبلة.
وقال متحدث باسم “إنفيديا”، في تصريح يعكس منشوراً سابقاً للشركة على منصة “إكس”: “يسعدنا نجاح جوجل. لقد أحرزت تقدماً كبيراً في مجال الذكاء الاصطناعي، وما زلنا نواصل تزويدها بمنتجاتنا”.
اقرأ أيضاً: مؤشرات وول ستريت تنخفض وسط ترقب الأسواق لنتائج “إنفيديا”
أضاف: “إنفيديا تتقدم على الصناعة بجيل كامل، فهي المنصة الوحيدة التي تُشغّل جميع نماذج الذكاء الاصطناعي وتقوم بذلك في كل مكان تُستخدم فيه الحوسبة. وتُقدّم إنفيديا أداءً أعلى، ومرونة أكبر، وقابلية تحويل أفضل مقارنة بالرقائق المصممة خصيصاً والتي تُنتج لتخدم أطر عمل أو وظائف محددة في الذكاء الاصطناعي”.
تفوق تقني كبير لـ”إنفيديا” في الذكاء الاصطناعي
بالنسبة للمستثمرين المتفائلين بـ”إنفيديا”، فإن الإحساس بأن الشركة تتفوق بفارق كبير على منافساتها في وقت تُخصص فيه موارد متزايدة للبنية التحتية الحاسوبية هو ما يدفعهم للاعتقاد بأن مستقبل الشركة لا يزال واعداً، حتى مع محاولات المنافسين تقليص مكانتها.
قال بيتر توز، رئيس ومدير محفظة في شركة “تشيس إنفستمنت كاونسل” (Chase Investment Counsel)، التي تُعدّ “إنفيديا” ثاني أكبر حيازاتها بعد “ألفابت”: “من الواضح أن القلق الذي يشعر به البعض إزاء تباطؤ النمو يدفع بعضهم للتراجع”، مضيفاً: “مع ذلك، لا يزال نمو “إنفيديا” قوياً بما يكفي لنعتبرها سهماً للنمو بلا تردد”.
المصدر : الشرق بلومبرج
