آفاق نمو اقتصاد الهند تزداد ضبابية وسط ضغط من رسوم ترمب

آفاق نمو اقتصاد الهند تزداد ضبابية وسط ضغط من رسوم ترمب

يرسل اقتصاد الهند والأسواق المالية إشارات متضاربة بشأن آفاق النمو، مما يعقّد جهود صناع السياسات لدعم النشاط في ظل الضغط الذي تفرضه الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة.

من المرجح أن الناتج المحلي الإجمالي توسّع بوتيرة سريعة بأكثر من 7% في الربع الماضي، ومع ذلك فإن التضخم عند مستوى قياسي منخفض يقلّ عن 1%، ويرجع ذلك إلى حد كبير لانهيار أسعار الغذاء.

وهبطت الروبية إلى مستوى قياسي عند نحو 90 مقابل الدولار، بينما تحلّق سوق الأسهم. وقفزت الواردات الشهر الماضي بعد أن خففت الحكومة الضرائب، لكن الصادرات تراجعت بشكل حاد.

اقرأ أيضاً: عملة الهند تنخفض لمستوى قياسي مع تفشي الذعر بفعل غياب تدخل المركزي

وقد أثّرت الرسوم الجمركية العقابية البالغة 50% التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الأعلى بين معظم الاقتصادات الكبرى، في المعنويات، مع رؤية المصدّرين تراجعاً في الطلبات الواردة من الولايات المتحدة.

ويحاول رئيس الوزراء ناريندرا مودي تعزيز الاقتصاد، مع التركيز على تحفيز إنفاق المستهلكين والشركات، لكن الإشارات الاقتصادية المتضاربة تشير إلى أن المستثمرين لم يقتنعوا بعد بالتوقعات.

وقال ديراج نيم، الاقتصادي في “إيه إن زد بانكينغ غروب ليمتد” إن “التباين في الرسائل من المؤشرات المختلفة يشير إلى أن الاقتصاد على الأرجح لا يعمل بكامل طاقته”. وأضاف: “بينما تشير بعض القطاعات التجارية إلى نتائج قوية، تشتكي قطاعات أخرى من ضعف حجم الطلبات ورغبة أقل في الاستثمار”.

لا تزال الحكومة متمسكة بتوقعاتها حتى الآن، متوقعة نمواً بين 6.3% و6.8% في السنة المنتهية في مارس. وقد تُظهر البيانات التي ستصدر يوم الجمعة، أن الاقتصاد توسّع بنسبة 7.4% في الربع الممتد من يوليو إلى سبتمبر، وفقاً لاقتصاديين استطلعت “بلومبرغ” آراءهم.

ديناميكيات النمو وضعف الاستثمار الخاص

مع ذلك، فإن الأرقام الرئيسية تخفي نقاط ضعف كامنة في بعض القطاعات. إذ يُغذّى النمو من خلال الاستثمار الحكومي، الذي قفز بنسبة 40% حتى الآن خلال السنة المالية، وفقاً لشركة التصنيف الائتماني “كير إيدج”، بينما يظل الاستثمار الخاص بطيئاً.

اقرأ أيضاً: ترمب ومودي يقتربان من هدنة عبر معادلة النفط مقابل السلاح

وعلى الرغم من أن الاستهلاك نما بوتيرة سريعة بلغت 7% في الربع الممتد من أبريل إلى يونيو، إلا أنه كان أقل من نمو الناتج المحلي الإجمالي البالغ 7.8%.

وقالت ألكسندرا هيرمان، كبيرة الاقتصاديين في “أوكسفورد إيكونوميكس ليمتد” إن “الاستهلاك ينمو، وهو يسير بشكل جيد، لكن يمكنه أن يكون أفضل بكثير”. وأضافت: “من الناحية المثالية، يجب أن يكون نمو الاستهلاك أعلى من نمو الناتج المحلي الإجمالي في بلد مثل الهند”.

تأثيرات قصيرة الأجل واحتمالات استمرار الضعف التجاري

أعطت تخفيضات ضريبة السلع والخدمات في سبتمبر، قبل موسم الأعياد، دفعة قصيرة الأجل للإنفاق. إذ سجلت مبيعات الدراجات النارية والسيارات أرقاماً شهرية قياسية، بينما ارتفعت إيرادات ضريبة السلع والخدمات بنسبة تقارب 4.6% مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى نحو تريليوني روبية في أكتوبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر. لكن الاقتصاديين يشككون في مدة استمرار هذا الزخم.

وقال أوروديب ناندي، الاقتصادي المختص بالهند في “نومورا غروب” إن “تخفيضات ضريبة السلع والخدمات والطلب الموسمي ظهرت مباشرة في مبيعات قوية، لكن الأداء التراكمي بين أغسطس وأكتوبر، الذي يأخذ في الاعتبار الطلب المؤجل، يشير إلى انتعاش أكثر اعتدالاً”.

وقد يعزّز اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة المعنويات من خلال إزالة حالة عدم اليقين، لكن جموداً مطوّلاً قد يثقل بشكل كبير على التوقعات.

وقال ديراج نيم: “يجب ألا نقلل من المخاطر المرتبطة بالرسوم الجمركية التي بدأت بالظهور وقد تتفاقم إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري في المستقبل القريب”. وأضاف: “قد تكون التداعيات على الوظائف والدخل في القطاعات ذات المهارات المنخفضة عميقة”، مشيراً إلى ارتفاع الضغوط على الصادرات.

اقرأ أيضاً: ترمب يلمح لاتفاق تجاري قريب مع الهند

صندوق النقد يخفض توقعاته للنمو

على الرغم من أن المسؤولين في نيودلهي قالوا مراراً في الأسابيع الأخيرة إن اتفاقاً تجارياً مع واشنطن بات قريباً، خفّض “صندوق النقد الدولي” توقعاته لنمو الهند في السنة المالية المقبلة.

ويتوقع المقرض الذي يتخذ في واشنطن مقراً له أن يتوسع الاقتصاد بنسبة 6.2% في السنة التي تبدأ في أبريل، انخفاضاً من توقعاته في يوليو البالغة 6.4%، وذلك بسبب الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة. غير أن المسؤولين الهنود اعتبروا تقديرات الصندوق لتأثير الرسوم مبالغاً فيها، مشيرين إلى قدرة البلاد على دخول أسواق تصدير أخرى.

تنويع الأسواق وإصلاحات تشريعية لتعزيز الاستثمار

قال سومايا كانتي غوش، كبير الاقتصاديين في “ستيت بنك أوف إنديا” وعضو في فريق المستشارين لرئيس الوزراء، إن حصة الهند السوقية ترتفع في الإمارات والصين وهونغ كونغ واقتصادات آسيوية أخرى تشتري المنتجات البحرية، “ما يشير إلى أن التنويع سيحمي الهند بشكل متزايد من الصدمات الخارجية”.

وتخطط حكومة مودي أيضاً لتمرير عدة مشاريع قوانين رئيسية في الجلسة البرلمانية المقبلة لتعزيز الاستثمار، عقب تنفيذ إصلاحات عمالية طال انتظارها يُتوقع أن تدعم التصنيع والتوظيف.

المصدر : الشرق بلومبرج