دراسة: تكدس البلاستيك في العالم يتجه لما هو أسوأ بكثير بحلول 2040

دراسة: تكدس البلاستيك في العالم يتجه لما هو أسوأ بكثير بحلول 2040

رغم وجود أدلة واضحة على أن البلاستيك يملأ المحيطات والشواطئ ويتحلل إلى جزيئات دقيقة تدخل أجسادنا، ما يزال البشر يواصلون إنتاج هذه المادة بمعدلات متسارعة.

تحذر الدراسة من أن التلوث البلاستيكي العالمي سيصل إلى 280 مليون طن سنوياً بحلول عام 2040، أي ما يعادل “حمولة شاحنة نفايات كل ثانية”.

يمثل ذلك أحد الأرقام المقلقة الواردة في تقرير “تحطيم موجة البلاستيك 2025” الصادر عن مؤسسة “بيو تشارتابل تراستس” (Pew Charitable Trusts) بالتعاون مع شركة “آي سي إف إنترناشونال” (ICF International)، والذي يقدم تقييماً شاملاً للتلوث البلاستيكي وتأثيره على صحة الإنسان والبيئة.

طالع أيضاً: دراسة: محيطات العالم تعج بـ171 تريليون قطعة بلاستيكية

انهيار محادثات الحد من البلاستيك

في أغسطس الماضي، انهارت محادثات صياغة معاهدة دولية للحد من التلوث البلاستيكي، بعدما عطلت الدول المنتجة للجزء الأكبر من هذه المادة المقترحات التي تهدف إلى تقييد حجم إنتاج البلاستيك الجديد، في حين بقيت معدلات إعادة التدوير منخفضة.

يُعد التقرير الجديد مزيجاً من المناهج، إذ يجمع بيانات من أبحاث حديثة ثم يمررها عبر نموذج للتنبؤ بالنتائج في ظل سيناريوهات سياسات مختلفة. قالت ويني لاو، مديرة مشروع منع البلاستيك من الوصول إلى المحيطات لدى “بيو” وأحد مؤلفي التقرير، إن الفريق “أراد جمع كل ذلك في تحليل واحد متكامل لرصد التأثيرات عبر مختلف الجوانب”.

كانت “بيو” قد نشرت تقريراً مشابهاً في 2020، لكنه اقتصر آنذاك على التلوث الناتج عن المواد البلاستيكية الموجهة للمستهلكين مثل التغليف، والتي ينتهي بها المطاف في أنظمة النفايات الصلبة. أما التقرير الحالي فيتوسع بشكل أكبر ليشمل “البلاستيك الخفي”، بما في ذلك المواد المستخدمة في قطاعات البناء والزراعة والنقل.

2040.. عام قاتم على العالم

يحذر التقرير من أنه إذا واصل العالم السير على المسار الحالي، فإن آفاق 2040 ستكون قاتمة. ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج العالمي للبلاستيك الجديد 52% أي ضعف قدرة أنظمة إدارة النفايات تقريباً. كما يُتوقع أن ترتفع الانبعاثات المرتبطة بالبلاستيك 58% لتصل إلى 4.2 غيغاطن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وهو مستوى يكفي لو كان إنتاج البلاستيك “دولة” ليجعله ثالث أكبر مصدر للانبعاثات حالياً. يعود ذلك إلى أن البلاستيك مشتق في معظمه من الوقود الأحفوري.

كيف تحولت رقعة نفايات المحيط الهادئ إلى مصدر تهديد بيئي جديد؟ الإجابة هنا

يحتوي البلاستيك على نحو 16 ألف مادة كيميائية، ووجد العلماء أن أكثر من ربع هذه المواد قد تكون ضارة بصحة الإنسان. خلال السنوات الخمس منذ صدور التقرير السابق، حاولت موجة من الأبحاث فهم كيفية تأثير فئة من المواد الكيميائية تُعرف باسم “معطلات الغدد الصماء” -المستخدمة على نطاق واسع في مستحضرات التجميل وأدوات الطهي- في الوظائف الهضمية والتناسلية والمعرفية.

كما قامت “بيو” بمحاكاة تأثيرات على الصحة العالمية ناتجة عن تصنيع البلاستيك والتخلص منه (باستثناء الميكروبلاستيك) وما يرتبط به من تلوث. يُقدر المؤلفون أن سكان العالم سيفقدون 5.6 مليون سنة صحية من إجمالي سنوات الحياة في 2025، و9.8 مليون سنة في 2040. يعود الجزء الأكبر من هذا الفقد إلى الإنتاج الأولي للبلاستيك بسبب ارتباطه بالسرطان وأمراض الجهاز التنفسي.

استثمارات إعادة التدوير

تؤكد الدراسة أن لدى الدول والمجتمعات بالفعل أدوات يمكن استخدامها لتقليص تصنيع البلاستيك واستخدامه بشكل كبير، مثل فرض تصميمات أفضل للمنتجات والتغليف، والاستثمار في بنية تحتية تدعم إعادة الاستخدام، على غرار أسلوب عمال توصيل الحليب في السابق حين كانوا يسلمون الزجاجات ويجمعون المستعملة لتنظيفها وإعادة تعبئتها.

في السيناريو المثالي الذي تتصوره “بيو”، سيتم إلغاء الدعم الموجه لإنتاج البلاستيك، وتوسيع نطاق جمع النفايات بشكل كبير. إذا تحقق ذلك، فإن ما يقرب من 100% من مواد تعبئة المستهلكين يمكن جمعها، كما يمكن لمعدلات إعادة التدوير أن تتضاعف، بحسب المؤلفين.

اقرأ المزيد: تدوير النفايات البلاستيكية في الخليج بحاجة لاستثمار 12 مليار دولار 

لكن حتى في أفضل الظروف، تقر الدراسة بأن الميكروبلاستيك سيكون من الأصعب السيطرة عليه. تتمثل مصادره الرئيسية في غبار إطارات المركبات، والدهانات، والمنتجات المرتبطة بالزراعة -مثل الأسمدة المعبأة في كبسولات بلاستيكية تذوب في التربة، والشرائح البلاستيكية المستخدمة للتغطية الزراعية- وهي مواد لا تتوافر بدائل مباشرة وبسيطة لها.

خفض إنتاج البلاستيك

تتضمن توصيات “بيو” خفض الإنتاج الإجمالي للبلاستيك، واستخدام مواد كيميائية أكثر أماناً، واتخاذ إجراءات محددة لتقليل تساقط الميكروبلاستيك. ورحبت مجموعة “بيوند بلاستيكس” (Beyond Plastics) المناهضة للبلاستيك بالتقرير. قالت جوديث إنك، رئيسة “بيوند بلاستيكس” والمسؤولة السابقة بوكالة حماية البيئة الأميركية: “نحتاج إلى قوانين تفرض استخدام مواد كيميائية أقل سمية في البلاستيك وتقليل إنتاجه، ونثمن تركيز “بيو” على هذه الإجراءات”.

لكن إنك قالت إن المؤلفين كانوا “مفرطين في التفاؤل” بتوقعاتهم لنمو كبير في إعادة تدوير البلاستيك في ظل سياسات مختلفة.

واختتمت: “هناك سبب وجيه لعدم وصول معدل إعادة تدوير البلاستيك إلى خانة العشرات مطلقاً إذا يجعل التعقيد الكيميائي والبوليمري للبلاستيك عملية إعادة تدويره على نطاق واسع غير قابلة للتحقيق تقنياً واقتصادياً. نحن نهدر وقتاً ثميناً بالاعتماد على نظام لم ينجح منذ عقود”.

المصدر : الشرق بلومبرج