هل هناك حاجة لاتفاق جديد بشأن الوقود الأحفوري؟

هل هناك حاجة لاتفاق جديد بشأن الوقود الأحفوري؟

أخفقت قمة الأمم المتحدة للمناخ مجدداً في تعزيز التعهد الذي قُطع قبل عامين بالتحول “بعيداً عن الوقود الأحفوري”، كما تجاهلت اتفاقية مؤتمر الأطراف الثلاثين (COP30) هذه العوامل المُلوثة المسببة لأزمة المناخ تماماً. أجد هذا الأمر بالتأكيد مخيباً للآمال، لكن لو كانت النتيجة أعلى طموحاً لما كان الأمر أفضل بكثير.

حتى لو نجح المندوبون في حشد بعض الالتزامات بشأن “خارطة طريق الوقود الأحفوري”، لكان ذلك وعداً هزيلاً آخر ببدء مناقشة خطة انتقالية لإنهاء اعتمادنا على النفط والفحم والغاز. على الأقل، تجنبنا الآن الانجرار إلى مفاوضات مملة وبطيئة تتسم بمعارضة دول من بينها السعودية.

قمة المناخ.. تريليون دولار للطاقة النظيفة وخلافات حادة حول التمويل والوقود

إن الإحباط الذي أحدثته قمة الأطراف الثلاثين يعزز ببساطة الدعوات إلى تقليل القلق بشأن المفاوضات وزيادته بشأن تنفيذ ما سبق أن اتفقت الأطراف عليه. في النهاية، من شأن ثلاثة تعهدات أخرى قُطعت في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28) في دبي عام 2023 أن تُحدث فرقاً كبيراً لدى الإيفاء بها.

يتجه العالم نحو ارتفاع متوسط ​​في درجة الحرارة العالمية قدره 2.6 درجة مئوية بحلول عام 2100. وهذا ينذر بنقاط تحول مناخية رئيسية، تؤدي إلى انهيار التيارات المحيطية الرئيسية، وفقدان الشعاب المرجانية، وارتفاع كارثي في ​​مستوى سطح البحر، من بين احتمالات سيئة أخرى. إنه أقل رعبًا من 3.6 درجة مئوية التي رشحت في التوقعات قبل حوالي عقد، لكن ذلك ليس كافياً لضمان مستقبل آمن وصحي.

أهداف قمة دبي ما تزال بعيدة المنال

استجابةً لهذا الاحتمال الذي ما يزال قاتماً، اتفقت الدول في عام 2023 على العودة إلى المسار الصحيح من خلال ثلاثة أهداف، مع تاريخ مستهدف هو عام 2030:

  • مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة عالمياً ثلاث مرات.
  • مضاعفة متوسط ​​المعدل السنوي لتحسينات كفاءة الطاقة.
  • خفض انبعاثات الميثان بقدر كبير.

إن نجحت جميع الدول في تحقيق ذلك، فسينخفض الاحترار المتوقع بمقدار درجة مئوية كاملة تقريباً ليصل إلى 1.7 درجة مئوية، وفقاً لمشروع “متتبع العمل المناخي”، وهو مشروع علمي مستقل.

هل تستطيع الدول الأكثر تلويثاً خفض انبعاثاتها؟

حتى لو حققت دول مجموعة العشرين فقط الأهداف، فسينخفض الاحترار إلى أقل من درجتين مئويتين، وسيظل هذا نجاحاً باهراً، إذ يمنح المجتمعات البشرية والنظم البيئية وقتاً للتكيف مع آثار المناخ.

للأسف، ما يزال العالم متأخراً عن الإيفاء بالتعهدات الثلاثة. على الرغم من أن الطاقة المتجددة تواصل تحطيم الأرقام القياسية في سعة الطاقة الجديدة، أفادت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في أكتوبر أن هذا لم يكن كافيًا للبقاء على المسار الصحيح.

لتحقيق هدف المضاعفة الثلاثية، يلزم إضافة 1.12 تيراواط من مصادر الطاقة المتجددة سنوياً حتى عام 2030. وفي عام 2024، كان متوقعاً تحقيق أقل بقليل من نصف هذا الرقم.

فيما يتعلق بالطموح الثاني المتمثل في تحسين الكفاءة، أفادت وكالة الطاقة الدولية أن المقياس الرئيسي لتتبعه – المعروف باسم كثافة الطاقة الأولية العالمية – في طريقه للارتفاع بنسبة 1.8% هذا العام، ارتفاعاً من 1% في عام 2024. وهذا أقل من نصف نسبة 4% اللازمة لتحقيق أهداف مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28).

ما هي متطلبات تحقيق الأهداف؟

تشمل الاستراتيجيات اللازمة لتحقيق ذلك الكهربة العامة، والتحول إلى أجهزة أكثر كفاءة، وعزل المباني، لكن الوكالة وجدت ثغرات خطيرة في السياسات. 

على سبيل المثال، تضاعفت كفاءة مصابيح الإضاءة خلال 15 عاماً مضت، لكن معايير الأداء الدنيا لم ترتفع إلا بنسبة 30%. في الوقت نفسه، لا تُلبّى الحاجة العالمية المتزايدة إلى تكييف الهواء بمعدات فعالة.

 

 

وأخيراً، تستمر انبعاثات الميثان – وهو غاز دفيئة قصير العمر لكنه قوي – في الارتفاع، رغم وعود 159 دولة بخفضها بنسبة 30% عن مستويات عام 2020. ويشير تقرير عالمي عن حالة الميثان، نشره برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلى أن الخفض المناسب يتطلب “دفعة طموحة”.

 

الفشل الحقيقي في المناخ لم يحدث في البرازيل فقط

ما يثير الغضب هو أنه ثمة طرق لتحقيق ذلك. حيث يمكن تحقيق حوالي 80% من التخفيضات بتكلفة زهيدة من خلال تدابير بسيطة مثل الكشف عن التسربات، وإغلاق آبار النفط المهجورة، وتحسين إدارة المياه في زراعة الأرز.

 

 

مع الحاجة إلى متابعة المتفق عليه، يأتي الإدراك بأن اجتماعات المناخ السنوية لم تعد مجدية. وقد جاء في رسالة مفتوحة وقّعها أكثر من 20 من القادة والعلماء السابقين أن مؤتمرات الأطراف الثمانية والعشرين الأولى قدّمت إطاراً سياسياً لتحقيق التخفيضات اللازمة في غازات الاحتباس الحراري، لكن “هيكلها الحالي لا يمكنها من تحقيق التغيير بسرعة هائلة وعلى نطاق واسع، وهو أمرٌ ضروري لضمان هبوط مناخي آمن للبشرية”.

كيف يجبر ترمب العالم على استهلاك مزيد من النفط والغاز؟

من المفارقات، أن الأفكار حول كيفية إصلاح مؤتمر الأطراف كثيرة، بدءاً من الانتقال إلى نموذج تصويت الأغلبية أو الانقسام إلى اجتماعات أصغر تُركّز على المهمة.

لقد نوقش هذا الموضوع باستفاضة في مؤتمر الأطراف الثلاثين نفسه، في استعراضٍ للمراجعة الذاتية يُشير إلى أن الأمر برمته قد تجاوز عمره الافتراضي. ويُعزز الإخفاق المُريع في الاتفاق حتى على خارطة طريق التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري هذا الرأي.

ستستضيف مجموعة أصغر من الدول بقيادة كولومبيا وهولندا قمتها الخاصة للدفع باتجاه التخلص التدريجي العادل من الوقود الأحفوري. مع قلة عدد المندوبين وابتعادٍ مُنعش عن قواعد الأمم المتحدة الخانقة بشأن الإجماع، قد يقدّم هذا بالفعل شيئاً ملموساً. فالعالم بحاجة إلى حوار أقل وأفعال أكثر.

المصدر : الشرق بلومبرج