رسوم النقل المدرسي توقع الأهالي في شباك «الكار لفت»

رسوم النقل المدرسي توقع الأهالي في شباك «الكار لفت»

تتجدد معاناة أولياء الأمور مع بداية كل عام دراسي بين خيار الحافلات المدرسية المعتمدة وما تحمله من رسوم متزايدة سنوياً، و«الكار لفت»، أو مشاركة السيارات الخاصة التي يلجأ إليها البعض كحل اقتصادي، غير أن هذا الخيار الأخير يثير تحذيرات تربوية، نظراً لما ينطوي عليه من مخاطر نفسية وأمنية، إضافة إلى مخالفته للأنظمة.

وأوضح أولياء أمور طلبة في مراحل تعليمية مختلفة أن كلفة النقل المدرسي أصبحت عبئاً سنوياً متزايداً، حيث تراوحت رسوم الحافلات المدرسية بين 3500 و9000 درهم، تبعاً للمنطقة والإمارة، وهي مبالغ تضاهي في كثير من الأحيان قيمة القسط الدراسي نفسه.

وأكدوا أن غلاء الرسوم يحرم بعض الأسر من الاستفادة من هذه الخدمة، ويدفعهم إلى البحث عن بدائل أقل كلفة مثل مشاركة السيارات أو «الكار لفت»، رغم إدراكهم لمخاطره.

وأشاروا إلى أن المشكلة لا تقتصر على الأسر ذات الدخل المحدود، بل تمتد لتشمل شريحة واسعة من الذين يجدون أنفسهم أمام خيارين صعبين: إما تحمل أعباء مالية تثقل كاهلهم مقابل راحة البال، أو المخاطرة باستخدام وسائل غير نظامية.

وأكدوا أن اعتماد الحافلات المدرسية يضمن الأمان والانضباط لأبنائهم، لكن الكلفة المرتفعة جعلت كثيرين يعجزون عن الاستمرار فيها، ما يفتح الباب أمام قرارات اضطرارية غير آمنة، وطالبوا بضرورة وضع آلية لدعم الأسر أو مراقبة الشركات المزودة للخدمة، حتى لا تظل رسوم النقل ترتفع بشكل غير مبرر عاماً بعد عام.

منظومة بديلة

وأكد تربويون أن غياب الرقابة على هذا الملف يزيد من معاناة الأسر، التي تطالب بضرورة تدخل الجهات المعنية لضبط الأسعار، وفتح المجال أمام بدائل آمنة وميسّرة، حتى يتمكنوا من الاشتراك في النقل المدرسي من دون إرهاق مالي متزايد.

وأوضحوا أن أزمة النقل المدرسي لا يمكن حلها بمجرد مطالبة أولياء الأمور بالالتزام بالحافلات، في ظل الارتفاع الكبير في رسومها عاماً بعد عام.

وأشاروا إلى أن إنشاء منظومة بديلة، مثل خدمات نقل جماعي مرخصة بإشراف حكومي، يمكن أن يكون حلاً وسطاً يوازن بين التوفير المالي والالتزام بمعايير الأمان.

وترى التربوية سارية عبدالرحمن، أن التوفير المالي لا ينبغي أن يكون على حساب سلامة الأطفال، فالحافلة المدرسية تخضع لضوابط دقيقة من تدريب السائقين وتجهيزات السلامة، بينما سيارات الكار لفت تفتقر لأي معايير رسمية، وعلى ولي الأمر أن يتذكر أن أي مخاطرة صغيرة قد تكون نتائجها كبيرة على حياة أبنائه.

وأضافت أن الجانب النفسي لا يقل خطورة، حيث إن الطفل يحتاج إلى الشعور بالاطمئنان والثقة في وسيلة النقل، وهو أمر لا يمكن ضمانه إذا تم التنقل مع أشخاص غرباء أو غير مؤهلين، وأشارت إلى أن المدرسة ليست مسؤولة عن أي حادث يقع خارج منظومتها الرسمية، ما يعرض الأسر لمشكلات قانونية واجتماعية صعبة.

الحافلة أكثر أماناً

وأوضح التربوي محمود فرغل أن الحافلة المدرسية تظل الخيار الأكثر أماناً، ليس فقط لكونها مرخصة، بل لأنها خاضعة لرقابة الجهات المعنية وقال: «كل سائق حافلة يخضع لاختبارات طبية ونفسية ودورات تدريبية، في حين أن سائق الكار لفت لا يمتلك أي اعتماد أو رقابة».

وبيّن أن هذه الضوابط تجعل الحافلة جزءاً من العملية التعليمية، حيث يكتسب الطالب قيم الانضباط والنظام، بدلاً من الفوضى التي قد ترافق التنقل بوسائل غير رسمية.

وأضاف أن المدرسة عندما تختار الحافلة وسيلة نقل فهي تحمي نفسها من المساءلة القانونية، وتحمي ولي الأمر من التورط في قضايا لا يتوقعها.

من جانبها شددت اختصاصية النفسية والتربوية، الدكتورة ميساء العبدالله، أن «الكار لفت» قد يضع الطفل في مواقف غير مألوفة أو ضاغطة نفسياً، وقالت: «قد يطلب أحد أولياء الأمور من الطفل مرافقة أسرته في مشاوير غير مدرسية، أو يبقيه في السيارة لفترة طويلة انتظاراً لشقيق آخر، وهذه الممارسات تربك الطفل وتفقده الشعور بالأمان، وربما تزرع لديه القلق».

وأوضحت أن وجود غرباء أو أشخاص غير معتاد عليهم الطفل يخلق بيئة غير مريحة، خصوصاً في السنوات الأولى من الدراسة، حيث يحتاج الطالب إلى الروتين والاستقرار.

واعتبرت أن الكار لفت قد يخلق لدى الطفل صورة مشوشة عن الحدود الاجتماعية، ويؤثر على سلوكه وثقته بالآخرين.

من جانبها أوضحت ثلاث إدارات مدرسية أن المدارس لا تملك أي صلاحية في تحديد رسوم النقل، إذ يتم التعاقد مع شركات خارجية متخصصة هي التي تحدد الأسعار وفقاً لمسارات الحافلات وتكاليف التشغيل.

وأكدت أن دور المدرسة يقتصر على الإشراف التنظيمي وضمان التزام الشركات بمعايير السلامة والجودة، بينما يبقى تحديد الرسوم أمراً خارج عن إرادتها.

وأشارت إلى أن التعاقد مع مزودين خارجيين يهدف إلى ضمان خدمة مهنية وآمنة، إلا أن ارتفاع التكاليف التشغيلية والوقود والكوادر البشرية ينعكس على الرسوم التي تُفرض على أولياء الأمور، لافتة إلى أن المدارس نفسها تتحمل ضغط شكاوى الأسر التي ترى في الأسعار مبالغة تثقل ميزانيتها، لكنها لا تملك قانونياً التدخل أو تخفيض تلك التكاليف.

وبدورها تنفذ هيئة الطرق والمواصلات في دبي بالتنسيق مع القيادة العامة لشرطة دبي عمليات تفتيش على وسائل نقل الركاب غير المرخصة في مناطق عدة في الإمارة، خصوصاً المناطق المعروفة بمثل هذه الأنشطة غير القانونية، حيث يتم تحرير مخالفات نقل الركاب بمركبات غير مرخصة والترويج لهذه الخدمات.

ويتم فرض غرامة تصل إلى 30 ألف درهم على نقل الركاب بشكل غير قانوني للأفراد و50 ألف درهم على الشركات، وحجز المركبة وإيقاف العمل برخصة القيادة لمدة 6 أشهر، وذلك وفقاً لقرار المجلس التنفيذي رقم (20) لسنة 2021 بتعديل قرار المجلس التنفيذي رقم (6) لسنة 2016 بشأن تنظيم نقل الركاب بالسيارات في دبي.

وتحذر هيئة الطرق والمواصلات في دبي أفراد المجتمع بكل شرائحه وفئاته من استخدام وسائل النقل غير القانونية أو غير المرخصة، نظراً للخطورة التي تشكلها على سلامة وأمن الركاب.

وتوفر هيئة الطرق والمواصلات في دبي منظومة راقية متكاملة للنقل الجماعي والفردي عبر وسائل المواصلات العامة إلى جانب إطلاقها عدداً من المبادرات والتطبيقات الذكية التي تصب في مصلحة وراحة عملائها من مستخدمي المواصلات العامة، وتجنيبهم أي متاعب قد يتعرضون لها خارج منظومة مواصلاتها.

المصدر : البيان