عيّنت شركتا “المراعي” و”نادك” وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي، عبدالرحمن الفضلي، عضواً غير تنفيذي في مجلس إدارتهما، في خطوة رأى فيها محللون ومختصون مؤشراً على توجه لتعزيز التنسيق بين السياسات الحكومية والخطط التشغيلية لشركات الغذاء الكبرى، خاصة في ظل امتلاك “سالك” –الذراع الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة– لحصص استراتيجية في الشركتين.
الفضلي بدأ مسيرته المهنية في “المراعي”، وقادها كرئيس تنفيذي لمدة 15 عاماً، قبل أن يُعيّن وزيراً في 2015. ومن موقعه الوزاري، تولى أيضاً رئاسة “سالك” (الذراع الغذائية لصندوق الاستثمارات العامة)، وصندوق التنمية الزراعية، وهي جهات تمثل محور السياسات والاستثمارات الغذائية في السعودية.
اليوم، يعود إلى “المراعي” و”نادك” كعضو غير تنفيذي، مُمثلاً لمرحلة جديدة تربط بين صانع القرار والمنفذ، إذ تملك “سالك” 16.3% من “المراعي” و38.6% من “نادك”.
ورفضت الوزارة إعطاء تفسيرات بشأن هذه الخطوة، وقالت في رد على تساؤلات “الشرق”: “نكتفي بما تم نشره”.
الأمن الغذائي… من السياسات إلى المجالس
يتقاطع هذا التعيين مع جهود المملكة لبناء منظومة غذائية متكاملة، تجمع بين السياسات الحكومية، واستثمارات الصندوق السيادي، وخطط توسع الشركات، في وقت تسعى فيه السعودية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من سلع استراتيجية، أبرزها الدواجن واللحوم الحمراء.
وقال المتخصص في الاستثمار والحوكمة عبدالرحمن العيوني إن الخطوة تحمل احتمالين: الأول أن تعزز مواءمة خطط “المراعي” و”نادك” مع توجهات الدولة، والثاني أنها قد تمهد لتعاون أكبر بين الشركتين— لكنه استبعد اندماجهما في الوقت الحالي.
اقرأ أيضاً: السعودية ترصد 4.5 مليار دولار لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الدواجن
وترى المستشارة المالية سارة المعيذر أن عضوية الوزير لا تمثل تضارباً في المصالح، إذ تقول إنها تأتي ضمن إطار أوسع “تقوم فيه الدولة بدور الموجه والرقيب للشركات الحيوية”.
وسبق أن شهدت السوق السعودية حالات مماثلة، منها عضوية 3 وزراء في مجلس إدارة “أرامكو”، هم وزير المالية، ووزير الاقتصاد، ووزير الدولة.
اقرأ أيضاً: وزير الصناعة السعودي لـ”الشرق”: نستهدف 20 مليار ريال استثمارات لأكبر تجمع غذائي بالمنطقة
قراءة مختلفة: تحضير لموجة استحواذات
يقرأ المحلل ماجد الخالدي تعيين الفضلي من زاوية مختلفة، مرجحاً أن تكون السوق مقبلة على موجة اندماجات أو استحواذات لتكوين كيانات غذائية أضخم، خاصة في قطاع اللحوم الحمراء.
وأشار إلى محاولة “نادك” للاستحواذ على “الصافي دانون” في 2018، والتي توقفت رغم موافقة هيئة المنافسة، لافتاً إلى أن السوق آنذاك كانت أقل نضجاً من اليوم.
يتقاطع تحليل ماجد الخالدي مع تحركات “نادك” و”المراعي” خلال السنوات الأخيرة لتعزيز موقعهما في قطاع اللحوم الحمراء.
ففي 2023، استثمرت “نادك” نحو 90 مليون ريال في تأسيس شركة متخصصة بتربية المواشي، قبل أن تطلق في 2025 مشروع إنتاج حيواني مكثف في منطقة حائل، عبر شركتها التابعة “الراعي الوطنية”، وبالشراكة مع “مجموعة المهيدب”. وتبلغ قيمة المشروع نحو ملياري ريال، منها 1.1 مليار ريال تمويلاً حكومياً من صندوق التنمية الزراعية، الذي يرأس مجلس إدارته الوزير عبدالرحمن الفضلي.
أما “المراعي”، فقد سبقت هذه الخطوة بإعلانها في 2021 عن استثمار أولي بقيمة 250 مليون ريال للدخول في قطاع اللحوم الحمراء، في أول توسع مباشر لها بهذا القطاع.
يشير دخول الشركتين هذا المجال إلى تحول أوسع في خارطة الاستثمار الغذائي بالمملكة، حيث تلعب الشركات الكبرى دوراً متزايداً في تحقيق أهداف الأمن الغذائي، بالتوازي مع الدعم الحكومي وتوجيهات السياسة الزراعية.
المصدر : الشرق بلومبرج
