تغيب مراكز البيانات بشكل ملحوظ عن قائمة الاستثمارات للصندوق السيادي الأكبر في العالم، مع كشفه عن استراتيجية جديدة عقب فترة من النتائج المخيبة للآمال في قطاع العقارات.
تُجري “نورجس بنك انفستمنت مانجمنت” (NBIM)، التي تُدير صندوقاً بقيمة 2.1 تريليون دولار، تعديلات على قسم العقارات كجزء من استراتيجيتها الثلاثية الجديدة التي نُشرت يوم الأربعاء. ومع ذلك، فإن مراكز البيانات، وهي من أكثر المجالات التي حظيت بترويج كبير في قطاع العقارات، لن تُشكّل جزءاً رئيسياً من النهج الجديد، وفقاً لما قاله ألكسندر ناب، رئيس العقارات العالمية، في مقابلة مع “بلومبرغ”.
رفع حصة العقارات في السيادي النرويجي
قال ناب إن الصندوق يملك حالياً نحو 3.3% من أصوله في العقارات، مع تقسيم شبه متساوٍ بين الشركات العامة والخاصة. وأضاف أن “NBIM” تخطط لرفع هذه الحصة إلى “ما بين 3.5% و7%” من قيمة الصندوق بحلول نهاية عام 2028. وأوضح أن زيادة بنسبة نقطة مئوية واحدة تعادل نحو 20 مليار دولار.
اقرأ أيضاً: صندوق الثروة النرويجي يخفض استثماراته في شركات النفط الكبرى
وأشار إلى أن الصندوق لديه بالفعل تعرض لمراكز البيانات من خلال حصته في شركة “ديجيتال ريالتي تراست” (Digital Realty Trust Inc)، وهي مديرة عقارات أميركية تركز على التكنولوجيا. وقال إن الفريق يشعر بالارتياح للاستثمار في شركة عامة ذات سيولة، مع تجنب الملكيات الخاصة في هذا المجال سريع التطور.
الصندوق يتأنى في استثمارات مراكز البيانات
ألكسندر ناب قال ضمن المقابلة: “أعتقد فقط أنه عندما تتحرك الأمور بسرعة كبيرة، يمكنك إما أن تقفز في التيار أو أن تتبنى نهج المراقبة”. وأضاف: “أعتقد أننا سُعداء بالمراقبة لبعض الوقت لنرى ما سيحدث”.
تصريحات ناب تأتي في وقت يسارع فيه أكبر المستثمرين في الأسهم الخاصة في قطاع العقارات حول العالم إلى تطوير مراكز بيانات جديدة لدعم ازدهار الذكاء الاصطناعي، معولين على أن رؤوس الأموال طويلة الأجل ستتسابق للاستحواذ على هذه المنشآت بمجرد بنائها وتأجيرها.
لكن الحجم الهائل للإنفاق الرأسمالي المطلوب يعني أن هناك عدداً محدوداً للغاية من المشترين المحتملين، في حين أن وتيرة التغير التكنولوجي السريعة ترفع من مخاطر أن تصبح هذه المنشآت قديمة. وهذا يثير تساؤلات حول كيفية تخارج مديري الأموال البديلة في نهاية المطاف من رهاناتهم الضخمة خاصة وأنهم يستثمرون أموالاً ذات عمر محدد.
طالع أيضاً: الصندوق السيادي النرويجي يسجل أفضل أداء فصلي منذ 2023 مدفوعاً بمكاسب الأسهم
وكانت “بلومبرغ نيوز” قد أفادت بأن منشأة واحدة يتم تطويرها من قبل “بلاكستون” (Blackstone Inc) في نورثمبرلاند بإنجلترا قد تتطلب إجمالي إنفاق رأسمالي يصل إلى 10 مليارات جنيه إسترليني (13.3 مليار دولار).
ممتلكات السيادي النرويجي العقارية
تمتلك “NBIM” حالياً عقارات في 15 دولة في أوروبا والولايات المتحدة، وأغلقت مؤخراً مكتبها في طوكيو. وكان أداء العقارات الضعيف أحد أسباب فشل الصندوق في التفوق على مؤشره المرجعي خلال العام الماضي، وفقاً لتقريره السنوي. وفي رسالة نُشرت في أكتوبر، قالت “NBIM” إن محفظتها العقارية كانت “عرضة” لتقلّبات السوق، وتعهدت بإعادة هيكلة استراتيجيتها.
ستتضمّن عملية إعادة الهيكلة دمج فريقي الأسواق العامة والخاصة، وسيُعاد تقسيم الوحدة بناءً على القطاعات مثل المكاتب، والتجزئة، والإسكان، مع التركيز على “الاتجاهات الكبرى”، وفقاً لما قاله ناب. تابع: “سننظر إلى القطاع أولاً، أو إلى العقار الأساسي الذي نرغب في امتلاكه، ثم ننظر إلى الهيكل التمويلي في الخطوة التالية”.
قال ناب، البالغ من العمر 48 عاماً، والذي انضم إلى “NBIM” في يونيو: “نحن لا نستهدف الاستثمار لمجرد الاستثمار. نحن نستهدف تحقيق عائد للصندوق، وهذه مهمة واضحة جداً جداً لدينا، وهي تحقيق عائد فائض فوق تكاليف التمويل”.
وأضاف أن هذه التغييرات تُعدّ محاولة للتكيف مع “العالم الذي نعيش فيه اليوم، وأيضاً، بصراحة، مع تطور الصندوق، الذي تضاعف حجمه تقريباً عما كان عليه قبل خمس سنوات”.
الإسكان ينضم للقطاعات العقارية المستهدفة
يُضيف الصندوق الإسكان كقطاع جديد ضمن استثماراته غير المدرجة، في إطار تحوّله التدريجي نحو “محفظة عقارية أكثر توازناً بمرور الوقت”. وبشكل عام، ستتراوح حصة كل من المكاتب، والعقارات التجارية، واللوجستيات، والإسكان ما بين 15% و35% من محفظته العقارية.
كما قالت “NBIM” إنها تهدف إلى توسيع محفظة أصول البنية التحتية للطاقة المتجددة، بما في ذلك من خلال الاستثمارات في “كيانات غير المباشرة”. ومن بين 12 استثماراً للصندوق في هذا المجال حتى الآن، يوجد اثنان في صناديق طاقة متجددة.
“السيادي النرويجي” يتحفظ تجاه أسهم التكنولوجيا الأميركية تجنباً للتقلبات… التفاصيل هنا
تُعدّ العقارات والبنية التحتية للطاقة المتجددة جزءاً من الإدارة النشطة للصندوق، حيث يسعى لتحقيق عوائد فائضة بمرور الوقت. ويستثمر الجزء الأكبر من الصندوق السيادي، أكثر من 70% في الأسهم، ونحو 27% في السندات، بما يتماشى مع مؤشرات مصممة خصيصاً له.
السيادي النرويجي يبحث عن شركاء متميزين
سيكون العثور على الشركاء المناسبين عنصراً أساسياً في الاستراتيجية الجديدة المتعلقة بالعقارات. وقال ناب إن الصندوق سيستهدف شركاء يتمتعون بمهارات متعمقة، بدلاً من ذوي الخبرة العامة. وأضاف: “نحن بحاجة إلى العمل مع أشخاص متميزين فعلاً في قطاعاتهم، ومهمتنا هي اختيار الشركاء بدلاً من اختيار الصفقات، إذا صح التعبير”.
وأشار إلى أن الاستثمار في المنصات التي تدير محافظ أو تنفذ مشاريع يُعدّ خياراً أيضاً، رغم أن الصندوق لن يكون المالك الوحيد للشركات المشغّلة، “لكننا سنكون مالكين بحصص أقلية في بعض الحالات”.
سيكون بإمكان الصندوق التوسع في أسواق جديدة عقب إعادة الهيكلة. وستُوسّع “NBIM” قائمة “مدن العقارات”، التي أُنشئت في عام 2010، لتشمل كامل غرب أوروبا وأميركا الشمالية. وقال ناب إن جنوب أوروبا مطروحة أيضاً، موضحاً: “على سبيل المثل، إسبانيا وإيطاليا قابلتان للاستثمار بالنسبة لنا”.
المصدر : الشرق بلومبرج
