الفيدرالي الأميركي يخفض الفائدة 25 نقطة أساس للمرة الثالثة

الفيدرالي الأميركي يخفض الفائدة 25 نقطة أساس للمرة الثالثة

خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة 25 نقطة أساس للمرة الثالثة على التوالي دعماً لسوق العمل الأميركية بعد ظهور تصدعات، مستغلاً استقرار التضخم نسبياً في الولايات المتحدة.

صوّتت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، اليوم الأربعاء، بأغلبية 9 أصوات مقابل 3 لصالح خفض سعر الفائدة المرجعي إلى نطاق 3.5% و3.75%، ليُعدّ بذلك الخفض الثالث لمعدلات الاقتراض منذ تولي دونالد ترمب الرئاسة، بعدما أبقت عليه دون تغيير في 5 اجتماعات متتالية.

قال الاحتياطي الفيدرالي في البيان المرافق للقرار إن المؤشرات المتاحة تشير إلى أن النشاط الاقتصادي يتوسع “بوتيرة معتدلة”، ومكاسب الوظائف “تباطأت” هذا العام، و”ارتفع معدل البطالة قليلاً حتى سبتمبر”. وأكد أن “المؤشرات الأحدث تتماشى مع هذه التطورات”، ولفت إلى أن التضخم “لا يزال مرتفعاً إلى حدٍّ ما”.

خطوة لدعم سوق عمل متباطئة

وخلال المؤتمر الصحفي بعد قرار الفائدة، أوضح رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أن خطوة البنك المركزي لخفض الفائدة 25 نقطة أساس جاء بسبب “التباطؤ التدريجي الذي تشهده سوق العمل”، وأكد أن “التخفيضات الأخيرة في أسعار الفائدة ستساعد في استقرار سوق العمل”.

خفض واحد للفائدة في 2026

كشفت التوقعات الفصلية المحدثة لمسؤولي السياسة النقدية والمعروفة بـ”مخطط النقاط”  أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي حافظوا على توقعهم بإجراء متوسط خفض واحد للفائدة في العام المقبل. كما رجحوا خفض الفائدة مرة واحدة في 2027.

ومع ذلك، ظلّت توقعات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة متباينة بشدة. فقد أشار سبعة مسؤولين إلى تفضيلهم الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير طوال 2026، بينما أبدى ثمانية آخرون دعمهم لخفضين على الأقل.

أبرز الاستنتاجات من قرار “الفيدرالي” خفض الفائدة في ديسمبر

رفع المسؤولون متوسط ​​توقعاتهم للنمو في 2026 إلى 2.3%، مقارنة بـ1.8% في سبتمبر. كما توقعوا انخفاض التضخم إلى 2.4% العام المقبل، بعد أن كانت 2.6% في توقعاتهم الفصلية الصادرة في سبتمبر.

هدية عيد الميلاد لوول ستريت

يرى إدوارد يارديني، رئيس “يارديني للأبحاث” والاقتصادي السابق في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، أن “الرسالة الأساسية هذه المرة في بيان الاحتياطي هو تلبية توقعات السوق”، وأضاف في مقابلة مع “الشرق” أن “وول ستريت أرادت هدية عيد الميلاد وأرادت خفضاً بـ25 نقطة أساس، وهذا يعني أن السوق ستستمر في الارتفاع حتى نهاية العام”.

البنك المركزي الأميركي أكد أنه بخصوص دراسة مدى وتوقيت إجراء تعديلات إضافية على النطاق المستهدف لسعر الفائدة على فائدة التمويل لدى الاحتياطي الفيدرالي، فإن اللجنة ستقوم “بتقييم البيانات الواردة والتوقعات المتغيرة وتوازن المخاطر بعناية”.

يارديني أشار إلى أن على الفيدرالي “مراقبة منحى العائد في سوق السندات في الأيام المقبلة”، مضيفاً أن مستثمري السندات يشعرون أن التضخم مازال قريباً من 3%.

قرار الاحتياطي الفيدرالي اليوم يأتي وسط تأخر -وغياب- بيانات اقتصادية رسمية بسبب أطول إغلاق حكومي تشهده الولايات المتحدة الأميركية -والممتد طوال أكتوبر وجزء كبير من نوفمبر- والذي تسبب في إلغاء تقريري التضخم والوظائف لشهر أكتوبر، ما ساهم في تعمّق انقسام مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بشأن قرار اليوم.

غموض رؤية وسط مخاطر مرتفعة 

شدد البنك المركزي الأميركي -في بيانه اليوم- على أن حالة الغموض التي تكتنف التوقعات “لا تزال مرتفعة”.

وأكد “الفيدرالي” أن لجنة السياسة النقدية تولي اهتماماً للمخاطر التي تواجه كلا جانبي ولايتها المزدوجة، وأضاف أن اللجنة ترى أن المخاطر السلبية على التوظيف “ارتفعت” في الأشهر الأخيرة.

الإغلاق الحكومي يحجب بيانات الاقتصاد الأميركي ويعمق انقسام “الفيدرالي”

انقسام نادر بين مسؤولي الفيدرالي

يشهد “الفيدرالي” في الفترة الراهنة انقساماً نادراً بين أعضاء لجنة السياسة النقدية بين فريقين; الأول قلق من ترسخ التضخم عند مستويات مرتفعة، فيما يتخوف الفريق الثاني من التصدعات التي تشهدها سوق العمل الأميركية.

وعن مسؤولي السياسة النقدية المعارضين لقرار اليوم، كشف الاحتياطي الفيدرالي أن ستيفن ميران، فضّل خفض النطاق المستهدف لسعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية؛ في حين رأى أوستان  غولسبي وجيفري شميد، عدم إجراء أي تغيير على النطاق المستهدف لسعر الفائدة في اجتماع الأربعاء.

تُعد هذه المرة الأولى التي يخالف فيها 3 من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي القرار منذ 2019، وفق البيانات التي جمعتها بلومبرغ.

يرى فهد مالك، مدير محافظ “Alliance Bernstein”، أن معارضة 3 أعضاء في الفيدرالي للقرار “ليس كبيراً لكنه مهم لأنه تاريخياً لا يحدث”. وأضاف في مقابلة مع “الشرق”: “لنرى الرئيس الجديد للفيدرالي. إن كان كيفن هاسيت سيكون الأمر مقلق لبعض الأعضاء، وإن كان كريستوفر والر فلن يكون سيئاً لأن الناس يثقون فيه ولديه مصداقية”.

يرى مسؤولون بالفيدرالي أنه بعد خفض أسعار الفائدة مرتين هذا الخريف، وبمقدار 1.5 نقطة مئوية خلال الخمسة عشر شهراً الماضية، فإن كل خفض إضافي سيقرّب سعر فائدة التمويل لدى الاحتياطي الفيدرالي بشكل أكبر إلى مستوى قد يحفز النشاط الاقتصادي، وهو أمر يسعى العديد منهم إلى تجنبه.

قرار الفيدرالي متوافقٌ مع التوقعات

خطوة الفيدرالي اليوم جاءت موافقة للتوقعات السائدة بالأسواق قبل القرار، إذ يرى المتعاملون أن احتمالية خفض الفائدة اليوم كانت بنسبة تفوق 90%، خاصة بعد تصريح محافظ الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك جون ويليامز، الذي يُنظر إليه باعتباره مقرّباً من باول، إنه يرى مجالاً لخفض “في المدى القريب”.

قبل دقائق من صدور قرار الفيدرالي، قال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت إن خفض الفائدة بواقع 25 نقطة أساس سيكون “خطوة صغيرة” في الاتجاه الصحيح، مضيفاً إن الاحتياطي الفيدرالي “سيحتاج على الأرجح لفعل المزيد بشأن الفائدة”. وكان هاسيت -وهو الأقرب للفوز بترشيح ترمب لرئاسة الفيدرالي- قد أشار في تصريحات أمس إلى أنه يرى مجالاً واسعاً لخفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة المرجعي بشكل كبير.

تراجعت عمليات تسريح الموظفين المُعلنة في نوفمبر، رغم أن بعض أكبر الشركات الأميركية، مثل “أمازون” و”فرايزون كوميونيكيشنز”، تصدرت عناوين الأخبار بخطط لخفض عدد العاملين.

ولم يطرأ تغيير يُذكر على الإنفاق الاستهلاكي خلال سبتمبر، بينما سجل مؤشر الاحتياطي الفيدرالي المفضل للتضخم ارتفاعاً طفيفاً ليبلغ 2.8%، مرتفعاً بنحو نقطة مئوية كاملة عن مستهدف البنك المركزي.

المصدر : الشرق بلومبرج